مع الحدث : ذ لحبيب مسكر
في لحظة وطنية مهيبة، ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، حفل أداء القسم للضباط المتخرجين من المدارس والمعاهد العليا العسكرية وشبه العسكرية، بمدينة تطوان. وتميز هذا الحفل البهيج بتفضل جلالته بإطلاق اسم “السلطان أحمد المنصور الذهبي” على هذا الفوج الجديد تكريماً لرمز من رموز السيادة المغربية والمجد السياسي والعسكري.
من هو السلطان أحمد المنصور الذهبي؟
السلطان أحمد المنصور الذهبي، هو أحد أعظم سلاطين الدولة السعدية الذين حكموا المغرب في القرن السادس عشر. وُلد عام 1549، وتولى الحكم سنة 1578 بعد نصر معركة وادي المخازن التاريخية التي شكّلت علامة فارقة في التاريخ المغربي، حيث أُسر فيها ملك البرتغال “سيباستيان” وقُتل، مما أكسب المنصور لقب “الذهبي” بعد حصوله على فدية ضخمة من الذهب مقابل إطلاق سراح الأسرى.
امتاز المنصور بذكاء استراتيجي وبُعد نظر سياسي، فقاد حملة عسكرية مظفرة إلى السودان سنة 1591، بسط خلالها النفوذ المغربي على ممالك الذهب في تمبكتو وغاو وجيني، فارضاً بذلك السيادة المغربية على تجارة القوافل عبر الصحراء. وقد ازدهرت الدولة السعدية في عهده اقتصادياً وثقافياً، وامتدت علاقاته الدبلوماسية إلى كل من الدولة العثمانية، وإنجلترا، وإسبانيا، وحتى البلاط البابوي.
كان المنصور الذهبي رجل دولة بكل المقاييس: قائد عسكري بارع، دبلوماسي محنك، ومصلح إداري حافظ على وحدة الدولة وهيبتها في زمن التحديات الكبرى.
دلالات التسمية: دروس التاريخ في خدمة أجيال الحاضر
تسمية الفوج العسكري الجديد بـ**”فوج السلطان أحمد المنصور الذهبي”** ليست مجرد تكريم لاسم تاريخي، بل هي رسالة غنية بالدلالات الرمزية والوطنية:
🔹 رمزية السيادة والانتصار: المنصور الذهبي هو رمز للسيادة المغربية في أبهى تجلياتها، وهو القائد الذي هزم الغزاة وحمى حدود الوطن بصلابة وإيمان.
🔹 القيادة المستنيرة: جمع المنصور بين القوة العسكرية والحكمة السياسية، وهي صفات أساسية لضباط الغد الذين يُنتظر منهم أن يكونوا حماة الوطن وفخر الأمة.
🔹 الوحدة الوطنية: المنصور جسّد الدولة القوية الموحَّدة رغم تعدد الأطماع، وهو نموذج يُحتذى في الحفاظ على الوحدة الترابية والمؤسساتية للمملكة.
🔹 الربط بين الماضي والحاضر: بإحياء اسم المنصور، يُؤكَّد أن المغرب، وهو ينطلق نحو المستقبل، لا ينسى جذوره ولا رموزه التي صنعت تاريخه المجيد.
الختام: من تطوان… إلى كل ربوع المملكة
بإطلاق هذا الاسم على الفوج الجديد من خريجي المعاهد العسكرية، يؤكد صاحب الجلالة أن الأمة التي تعرف تاريخها وتستحضر رموزها، تكون أكثر استعداداً لصناعة مستقبلها بثبات وشموخ. إن رجال ونساء فوج “السلطان أحمد المنصور الذهبي” مدعوون اليوم لحمل مشعل الوفاء والمسؤولية، مستلهمين من هذا الاسم الكبير روح البذل والتضحية، في سبيل الدفاع عن الوطن ووحدته ومؤسساته.
تعليقات ( 0 )