نبض الشارع وصوت المطالب الاجتماعية
✍️ هند بومديان
في الأيام الأخيرة خرجت مدن مغربية عديدة على وقع مظاهرات شبابية رفعت شعارات تعبّر عن الحاجة الملحّة إلى إصلاح قطاعات أساسية في حياة المواطنين، وعلى رأسها التعليم والصحة والتشغيل. هذه الخطوة لم تأتِ من فراغ، بل هي حصيلة سنوات من الإحباط والشعور المتزايد بانعدام العدالة الاجتماعية وتنامي الفوارق بين الفئات والمجالات.
ففي قطاع الصحة، ما زال المواطنون يعانون من ضعف البنيات التحتية وقلة الأطر الطبية، خصوصًا في القرى والمناطق البعيدة، حيث يتحول البحث عن علاج مناسب إلى رحلة معاناة يومية. أما التعليم، فيواجه أزمة متفاقمة تجلت في الاكتظاظ داخل الفصول، نقص الموارد وضعف التجهيزات، إضافة إلى التباين الكبير بين المدن والبوادي في جودة التعلم. ويزيد واقع البطالة من حدّة الاحتقان، خاصة بين الشباب الجامعي الذي يجد نفسه أمام سوق شغل محدود لا يستوعب مؤهلاته.
إلى جانب ذلك، يثير تدبير الموارد العمومية الكثير من التساؤلات، إذ يرى المحتجون أن أولويات الإنفاق لا تعكس حاجات المواطن اليومية، حيث يتم الاستثمار في مشاريع لا تمس حياة الناس المباشرة، بينما الخدمات الأساسية تظل في وضع هش ومتأزم. هذا الإحساس باللاعدالة يكرّس شعور الإقصاء ويفاقم الغضب الشعبي.
الشارع اليوم ينتظر من الحكومة إجراءات ملموسة، أبرزها: تعزيز المنظومة الصحية بتجهيز المستشفيات وتوزيع الأطر الطبية بعدالة، إصلاح التعليم بدعم بنياته الأساسية وتكوين الأطر وتوفير ظروف تعلم متكافئة، ثم إطلاق برامج حقيقية لتشغيل الشباب وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة. كما يطالب المواطنون بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العمومي بما يخدم حاجاتهم الأساسية، وفتح حوار مباشر مع فئات المجتمع، مع احترام الحق الدستوري في الاحتجاج السلمي باعتباره وسيلة حضارية لإيصال الصوت.
إن هذه المظاهرات تكشف حجم الأزمة الاجتماعية التي يعيشها المغرب اليوم، وتشكل إنذارًا واضحًا بضرورة الاستجابة السريعة والفعّالة. فالمغاربة لم يعودوا يقبلون بوعود مؤجلة، بل يطالبون بحلول حقيقية تحفظ كرامتهم وتعيد إليهم الثقة في المستقبل، وتضع أسس عقد اجتماعي جديد قائم على العدالة والتنمية المتوازنة.
تعليقات ( 0 )