Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي إقتصاد الواجهة جهات

الشباب القروي المغربي بين التهميش الاقتصادي وفرص التنمية المحلية

يُعدّ الشباب القروي المغربي أحد المكونات الأساسية في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمغرب، إذ يمثل نسبة مهمة من مجموع الشباب الوطني، غير أن واقعهم ما زال مطبوعًا بالتهميش الاقتصادي والاجتماعي، وضعف الولوج إلى فرص التنمية المحلية.

رغم الجهود الحكومية وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فإن الفجوة بين المجالين الحضري والقروي لا تزال قائمة،مما يجعل الشباب القروي أمام تحديات مركبة:البطالة،الهجرة،ضعف البنيات التحتية،ومحدوديةوصعوبات الولوج إلى التعليم والتكوين وفرص الاستثمار.

لكن في المقابل،تتوفر القرى المغربية على إمكانيات تنموية واعدة — فلاحية،طبيعية،وسياحية — يمكن أن تتحول إلى فرص حقيقية لتمكين الشباب إذا تم توجيه السياسات العمومية نحو دعم المبادرة المحلية والاقتصاد التضامني.

 

المحور الأول: مظاهر التهميش الاقتصادي للشباب القروي

ضعف فرص الشغل خارج القطاع الفلاحي:

أغلب الأنشطة الاقتصادية في العالم القروي تبقى موسمية وغير مستقرة، مما يدفع الشباب نحو البطالة المقنّعة أو الهجرة إلى المدن.

نقص التكوين المهني وضعف الولوج إلى التعليم العالي:

البعد الجغرافي وقلة المؤسسات الجامعية والمراكز المهنية تجعل الشاب القروي أقل تنافسية في سوق الشغل.

غياب البنيات التحتية الأساسية:

ضعف الطرق، النقل، والمرافق الثقافية والرياضية يعمّق الشعور بالإقصاء والحرمان.

تهميش النساء القرويات الشابات:

تواجه الفتيات صعوبات مضاعفة بسبب العادات الاجتماعية وضعف الوعي بأهمية تمكين المرأة اقتصاديا.

المحور الثاني: فرص التنمية المحلية كمدخل لتمكين الشباب

الفلاحة العصرية والاقتصاد الأخضر:

الاستثمار في الفلاحة المستدامة وتثمين المنتوجات المحلية (كالزيتون،والعسل،والأعشاب الطبية) يمكن أن يشكل مصدر دخل مستقر للشباب.

الاقتصاد الاجتماعي والتضامني:

التعاونيات الفلاحية والحرفية أثبتت قدرتها على إدماج الشباب في الدورة الإنتاجية، بشرط توفير المواكبة والتكوين.

المشاريع السياحية الإيكولوجية:

السياحة القروية والبيئية تمثل رافعة واعدة لتثمين الموارد الطبيعية والثقافية المحلية.

الرقمنة كأداة للإدماج الاقتصادي:

التحول الرقمي يمكن أن يربط الشباب القروي بالأسواق الوطنية والدولية، عبر التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي للمنتوجات المحلية.

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرامج التمويل الجديدة:

برامج مثل “فرصة” و“انطلاقة” تتيح إمكانيات حقيقية إذا تم تبسيط المساطر ودعم المواكبة التقنية والميدانية.

المحور الثالث: من التهميش إلى المشاركة — أي دور للسياسات العمومية؟

ضرورة العدالة المجالية في توزيع الاستثمارات:

يجب أن تتجه الدولة نحو مقاربة ترابية تضع القرى في قلب السياسات التنموية.

تشجيع المقاولات الشابة القروية:

دعم حاملي المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير التمويل الميسر والتكوين الإداري والتقني.

دور الجماعات الترابية:

المجالس المحلية مدعوة لاحتضان مبادرات الشباب وتخصيص برامج موجهة لهم ضمن ميزانياتها.

تفعيل المقاربة التشاركية:

إشراك الشباب القروي في صنع القرار المحلي عبر الجمعيات، التعاونيات، والمجالس المنتخبة.

إن معركة التنمية في المغرب لا يمكن أن تنجح دون إدماج الشباب القروي، بوصفه فاعلاً أساسياً لا مجرد مستفيد،فالمجال القروي ليس عبئاً على الدولة، بل فضاء للفرص الاقتصادية والابتكار الاجتماعي.

يتطلب الأمر رؤية شمولية تُعيد الاعتبار للقرية المغربية، وتُحوّل الشباب القروي من هامش المعادلة إلى مركزها،عبر التعليم،التكوين،التمويل،والمواكبة.

فمستقبل التنمية المحلية في المغرب يمر حتماً عبر تحرير طاقات الشباب القروي وتحويلها إلى قوة إنتاج وإبداع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *