Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء طالع قانون متفرقات

تهنئة من القلب إلى أستاذي وأخي ومؤطري ومنارتي سعيد منتسب على فوزه المستحق بجائزة المغرب للكتاب

حسيك يوسف

كبرنا في حي شعبي، كبرنا بين جدران دار الشباب التي لم تكن مجرد فضاء، بل كانت منبعًا للنور وسط ما كان البعض يراه سوادًا.

كبرنا على حب الكلمة، على عشق الحرف، على شغف السينما والصحافة، وكبرنا على يد أستاذ وأخ، لم يكن مجرد مؤطر ومربي، بل كان صانع حكايات، موجّهًا، ملهمًا، وأبًا روحيًا للكثيرين منا.

اليوم، وأنا أسمع بفوزك، أستاذي وأخي و”ولد الدرب”، بجائزة المغرب للكتاب عن روايتك “حساء بمذاق الورد”، لم يكن الأمر مجرد خبر أدبي عابر، بل كان انتصارًا لكل كلمة زرعتها فينا، لكل فكرة حفّزتنا لنغوص أكثر في عوالم السرد، لكل نقاش أدبي شهدته موائدنا المستديرة ونحن ما زلنا صغارًا نحلم بالكلمات وننسج أحلامًا من الحروف.

“حساء بمذاق الورد”، عنوان يحمل أكثر من مجرد دلالة، هو نكهة الأدب حين يمزج بين الذاكرة والخيال، بين الحكاية والتاريخ، بين التجربة الشخصية والرؤية الفلسفية.

لم يكن غريبًا أن تستأثر الرواية باهتمام النقاد والقراء، فأسلوبك الذي يجمع بين الشعرية والعمق السردي، لطالما كان بصمتك الفريدة التي نعرفها جميعًا.

هنيئًا لك أستاذي، هنيئًا لنا بك، وهنيئًا للأدب المغربي بهذا التتويج المستحق.

سنظل تلاميذك الأوفياء، وسنظل نحمل حب الكلمة الذي غرسته فينا، تمامًا كما تحمل كلماتك عبق الورود في “حساء بمذاق الورد”.

Categories
ثقافة و أراء

“خلوة الذئب” للدكتور سعيد منتسب – رحلة إلى أعماق المعرفة والارتياب

حسيك يوسف

يستعد الكاتب المغربي الدكتور سعيد منتسب لإطلاق كتابه الجديد “خلوة الذئب” عن “دار خطوط وظلال” الأردنية، وهو عمل يُعتبر بمثابة رحلة فكرية استثنائية في عالم الأدب والثقافة. هذا الكتاب المنتظر ليس مجرد إصدار أدبي آخر، بل هو دعوة للتفكير النقدي والتأمل في دور القارئ في عصر ما بعد الحداثة.

يأخذنا “خلوة الذئب” في رحلة ارتيابية خاصة حيث يطرح الدكتور منتسب مفهوم “المكتبة” كفضاء متجدد، دائمًا ما يبتكر مياها جديدة للغرق. كما كتب سعيد على حائطه بالفيس بوك: “الكتاب رحلة ارتيابية خاصة في ما تمثله ‘المكتبة’ التي تبتكر دائمًا مياها جديدة للغرق.” هذه الرؤية تعكس تعقيد المعرفة وأبعادها المتعددة، مما يثير تساؤلات حول كيفية تفاعل القارئ مع النصوص وكيف يمكن أن تكون القراءة تجربة غامرة ومتعددة الأبعاد.

في هذا السياق، يُجسد منتسب القارئ كذئب منفرد، يشير إلى قدرته على التحليل والنقد. القارئ هنا هو كائن ما بعد حداثي، يتمتع بمبادرات مستقلة، ويمثل صوتًا معارضًا يدرك أنه لا يستطيع تغيير الواقع، ولكنه يرفض في الوقت ذاته التسوية مع النصوص التي تمارس سلطتها عليه. يصفه منتسب بأنه “القارئ المنشق/ المعارض الذي يدرك أنه لا يستطيع أن يغير أي شيء في واقع الأمر؛ ومع ذلك لا يقيم أي تسوية مع النص الذي يمارس عليه سلطته علانية.”

يميل “القارئ الذئب” إلى كشف الطبيعة الحقيقية للارتياب، حيث يرتبط وجوده بالجوع واشتراطاته المفترسة. يبرز الكتاب أهمية تدمير الكتل الثقافية الصلبة وفضح الأدوات التلاعبية التي تخضع لمركز قوة معين، مما يسلط الضوء على التوترات الموجودة في المؤسسات الثقافية. يقول منتسب: “إن النظرة ليست معنية بالسطوح، بل معنية باختراق حدود النظام، وبتدمير الكتل الثقافية الصلبة، وفضح الأدوات التلاعبية التي تخضع لمركز قوة ما (المؤسسة الثقافية).”

أحد المفاهيم المحورية في “خلوة الذئب” هو فهم “صحيح” لمعنى “الوقوع في الخطأ”. يدعو منتسب القارئ إلى قبول الشعور بالوحدة والتخلي عن العقل والمسؤولية، والاختفاء في الغموض. يوحي بأن “القارئ الذئب” هو اقتراح لفهم طبيعة الخطأ، حيث يتعين على القارئ أن يؤمن بأن الخطأ هو مركز الحقيقة، وبأن جوهر “المكتبة” هو التلاعب بالنظام.

بصدوره قريبًا، يُنتظر أن يُحدث “خلوة الذئب” تأثيرًا كبيرًا في الساحة الثقافية، ويعكس التزام الدكتور سعيد منتسب بإثراء الأدب العربي وتقديم رؤى جديدة تتحدى السائد. إن هذا الكتاب يُعد بمثابة دعوة للجميع لاستكشاف أعماق المعرفة والارتياب، ولتجربة القراءة كرحلة مثيرة ومليئة بالتحديات.

بهذه الطريقة، يفتح منتسب آفاقًا جديدة لفهم العلاقة بين القارئ والنص، مما يجعل “خلوة الذئب” عملاً أدبيًا يستحق القراءة والتأمل.