Categories
متفرقات

خواطر بأنفاس الطفل ريان (رحمه الله)

بقلم: د. عبد الله بن أهنية

قبل أيام قليلة مررت بجانب هذه البئر التي كنت قد سهرت على حفرها وكنت حريصا على تغطيتها في مزرعتنا وبجوار منزلنا في القرية قبل ما يقارب عشرين سنة مضت، فتذكرت قصة الطفل ريان رحمه الله، وأحببت أن أدون هذه الخواطر قبل أن تَبلى وتُسحق برحى الزمن كغيرها من الأحداث. ويعلم الله كم من شر أو فواجع قد كان هذا الشبك بعد الله سبباً في دفعها وتجنبها. ولكم كنت دوماً أتمنى أن تعمم فكرة تغطية الآبار هذه حتى لا تتكرر مثل هذه الفواجع، ولكن على ما يبدو فكل شيء بقدر…

قريتي !

قريتي لا تحزني بعد رحيلي

فأنا صبي

لم يُكتب له العيش على سفوح جبالك طويلا

بالأمس…

بالأمس فقط

كنت أمرح وألهو مع رفاقي غير مبالي

حتى…

جرتني قدماي إلى قعر بئرك الفاني

عشت فيها أياما معدودة

عشت فيها خمساً  بدت وكأنها خمسونا

وحققت فيها ما لم يحققه من عاش على ظهرك قرونا

إن ظننتم أنني كنت في عذاب فإنني

على العكس

كنت في كنف الرحمان وكأنني أعيش السنينا

كنت منزوي

معكوف الظهر وكأنني في رحم أمي

لكنني

كنت عندما أنظر إلى عروق الأشجار حولي ومن فوقي

أحس وأتذكر بطن أمي

وأحس ثانية كأنني في أحشائها لا أبالي

وسرعان ما أتذكر أنني في رحم الأرض في الأعماق

لا في رحم أمي

صرخت في البداية: أمي … !  أمي …. ! أرجوك أنقذيني … أنقذيني

لكن يدك البيضاء لم تصلني… !

وكنت أعيد الصرخة ثانية دون جدوى

فكان صوتي ينكسر على فواهة البئر

ويعود إلي بقطرات دموعك

وبأنفاس صماء كالتربة من حولي

كنت أسمع بكاء وهتاف المحبين وكأنه

أزيز نحل مدوي يشق مسمعي

لقد كنت في ضياء الرحمن رغم ظلمة الجب

أمي…الغالية

أمي

لا تحزني على فراقي

فقد حققت حلم أبي وملئت الجبال والهضاب

والسهول بل والأرض ضياءا وحنينا

أعرف أمي أنك الليلة ستروين وسادتي الصغيرة جنبك دموعاً وأنينا

ستحسين بالفراغ أمي

عندما تلامس أناملك فراشي جنبك في جوف الليل

لكنك

ستحسين أمي بدفء جناحي على صدرك

فلا تحزني أمي

فهاهي قريتي قد أصبحت لؤلؤة

وصرت أنا نجما ساطعا مستكينا…

لقد أوصلت أوجاع بني جلدتي وأهل قريتي إلى ما وراء البحار

بل سمع بمطلبي العابد والزاهد والرهبان وحتى الجلاد وراء القضبان

وصل صيتي إلى من كان به صمم فأضحى صاغيا مرهف الحس والوجدان

أبشري قريتي

ويا فتيات قريتي ستصلكن أنابيب الماء الطهور قريبا

وستُعبّد الطرق وتُشق الأنفاق بعد المحن

ستُضمّد الجراح بمستوصف القرية قريبا

وتجلب البضائع والحلوى بسرعة ومن بعيد

ويا رفاقي

أيها الرعاة

لن يغلب عليكم النعاس بعد اليوم قرب الفوانيس

سيعم ضوء الكهرباء ويحجُب عنكم نور القمر

وحينها

أذكروني

لا تقطعوا حينها صوت الناي أرجوكم

بل اسمِعوني

فلطالما حبست أنفاسي من أجلكم

واستمعت لأنيني

استمتعوا بجمال الطبيعة وأغصان الزيتون

وتشبثوا بدين وتقاليد وموروث أجدادي

ولا تفرطوا في الصلواة الخمس

فهي النجاة

واسألوني كم مكثت في قعر الجب بالعدد

استمتعوا بحلاوة الليل السرمدي الذي

لا  يكسر سكينته سوى نباح الكلاب المتقطع

وصوت البوم الصارخ الذي تردده التلال وسفوح الجبال الصماء

يا رفاقي

اذكروني

عندما تعدون وتمرحون غدا

قرب الوادي وبين الأغصان

أذكروني عند الغروب

كالمعتاد

عندما تعودون بالشياه والعجول إلى مرا بضها

وعندما تلتفون حول حساء الشعير

والذرة وإيلاّن الساخن

عند سماع الرعد وزمهرير الرياح

وعندما تتساقط أوراق الشجر

وعند الحرث

والحصاد

وفي ليال الصيف المقمرة

وعند المواسم

وفرحة النجاح

رفقة الأهازيج والزاغاريد

وعندما تقلبكم الأحلام الوردية على فراش الدوم

وعندما تفركون عيونكم لكي

ترون نور يوم جديد بازغ

ويا رفاق دربي

وأبناء مدرستي

سأضل معكم

وغدا سيترك معلمنا مقعدي فارغا

تغمره روحي وتضل قابعة

أعلم أنكم ستبكون لفراقي

وسترسمون وجهي وملامحي

لكنني

رسمت قبلكم مصير أمتي

بدموعي

ودمي

غدا ستركضون بين البراري عودة إلى البيت

ونتنشون بخبز الأم

ويضل يرقبكم كلبي الوفي من بعيد فقط

أما أنا

فسترفرف روحي فوقكم

مرحة مثلكم

وسيلتفت صديقي إلى الخلف كعادته كي يرقبني

فلا يجد إلا السراب يعدو خلفه

وسيعدو خائفا كي لا تطأ رجلاه حفرة مثلي

قريتي

لا تحزني

فقد واساك كل بني الإنس

من بربرٍ وعُربٍ وعجمِ

وهبّ لنُصرتك الكل وتَوج ذلك المُفدى ملك البلاد

أبشري قريتي

ستبقى قصتي بين دفوف المجلات والكتب

وستبقى منقوشة على صخور هذه الجبال دوماً

وذكرى تُنغّص كبد كل مُقصرٍ في حق الأجيال والأجداد

وستُحرم المتخاذلين والمتقاعسين من نعمة النوم حين ذكراها

وحين تُلامس أنامل النعاس أجفان الأشقياء….

فلا تحزني حينها قريتي

بل افرحي

فغدا تُنصب الموازين القِسط عند

عرش الرحمان

ويُقتص من كل ظالم ومعتد

وكل جبار ومتكبرِ

وكل من فرّط في حقك وحق أبنائك

وحق الأجداد والأحفاد

حينها

ستفرحي قريتي

وستسعدي

وستذكريني…الى الأبد

 

 

 

 

 

Categories
متفرقات

الصحافة الوطنية تسلط الضوء على زخم التضامن الذي صاحب وفاة الطفل ريان

مع الحدث

سلطت الصحف الوطنية، الصادرة اليوم الإثنين، الضوء على زخم التعاطف الدولي والتضامن الوطني الذي صاحب وفاة الطفل ريان اورام الذي وافته المنية بعد سقوطه في بئر ضواحي شفشاون.

وأبرزت الصحف الوطنية أن هذا الحادث المأساوي كشف مرة أخرى عن العناية الدائمة والراسخة التي يحيط بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس المواطنين، وكذا عن “التضامن منقطع النظير” الذي يبديه المغاربة في ما بينهم، أو الذي تبديه باقي شعوب العالم مع القضايا الإنسانية.

وهكذا، كتبت يومية (الصحراء المغربية) أن بلاغ الديوان الملكي حول الحادث المأساوي أن “الوسائل التي جرى تسخيرها من أجل أن يعود هذا الطفل إلى أهله حيا يرزق خير دليل على هذه العناية الملكية السامية”.

وأوضحت اليومية أن الاتصال الهاتفي، الذي أجراه صاحب الجلالة مع خالد أورام، ووسيمة خرشيش، والدي الفقيد من أجل تعزيتهما ومواساتهما في هذا المصاب الأليم، له معان كثيرة، إذ يترجم “الاهتمام الملكي بالمواطن المغربي في كل شبر من المملكة”.

ومن جهتها، ذكرت يومية (ليكونوميست) أنه “لمدة أسبوع تقريبا، تحولت أنظار العالم إلى الحفرة التي يبلغ عمقها 32 مترا، حيث سقط الطفل يوم الثلاثاء 2 فبراير الجاري”.

وأبرزت اليومية أن “الجميع تابع، لحظة بلحظة، وبتعاطف ممزوج بنوع من الارتباك، إلى جانب والدي ريان وكافة المغاربة، هذا الوضع على أمل رؤية هذا الطفل الصغير، الذي ستظل صورته راسخة في الأذهان إلى الأبد، وهو يخرج سالما”.

وأشارت إلى أنه حتى اللحظة الأخيرة، واصل رجال الإنقاذ، الأبطال الحقيقيون في هذه المغامرة الملحمية، عملهم وكلهم أمل في الوصول إلى ريان الصغير وهو على قيد الحياة، لكن القدر كان له رأي آخر، فقد أسلم الملاك الصغير الروح إلى بارئها متأثرا بجراحه، بعد أن ظل محاصرا لأكثر من 5 أيام في حفرة، قبل أن يصل إليه رجال الإنقاذ.

ومن جانبها، ذكرت يومية (لوماتان) أن خبر وفاة الصغير ريان نزل كالصاعقة، بالنظر إلى أنه كان غير متوقع، مؤكدة أن وفاة ريان “أحزنت المغرب ومعه العالم”، حيث لم تتوقف عبارات التضامن والتعاطف عن “التوافد من كافة الأنحاء”.

وسجلت أن “ما آلت إليه هذه المأساة أثر بشكل عميق في نفوس المغاربة وبقية العالم، الذين تابعوا الوضع عن كثب، مشددة على أن الألم والاضطراب كانا أكبر من معركة الإنقاذ التي تواصلت دون توقف أو كلل”.

 

ولاحظت صحيفة (لوبينيون)، من جهتها، أن الملايين من الناس، الذين تابعوا عملية الإنقاذ، قدموا تعازيهم وبعثوا رسائل التعاطف مع أسرة الفقيد وكذا مع الأشخاص، الذين انخرطوا في عملية إنقاذ حياة هذا الطفل بدون تردد.

 

وتابعت اليومية أن موجة من التعاطف والدعم انطلقت مباشرة بعد الإعلان عن وفاة الطفل الصغير، موضحة أنه سواء تعلق الأمر بأشخاص من العامة أو بمشاهير وسياسيين ورياضيين وفنانين، فقد تفاعل عشرات الآلاف من الأشخاص مع هذه الواقعة على شبكات التواصل الاجتماعي.

 

ومن جهتها، اعتبرت يومية (بيان اليوم) أن قضية الطفل ريان أعادت إحياء روح التضامن بين المغاربة، ذلك أنه خلال عملية الإنقاذ ومع المجهودات المبذولة من قبل فرق التدخل ومختلف العناصر من أطباء وممرضين وسلطة ووقاية مدنية ومتطوعين، كان توفير الغذاء لهؤلاء على مدى الأيام الأربعة التالية من الإنقاذ أمرا صعبا، لاسيما وأن الأمر يتعلق بمنطقة قروية.

 

وفي هذا الصدد، أشارت اليومية إلى أن عددا من نساء هذا الدوار تطوعن لإعداد الطعام لكافة المشاركين في عملية الإنقاذ، وهو الأمر الذي حظي بتقدير من قبل المئات من الأشخاص عبر العالمم ممن أشادوا بروح التضامن والتآزر ودور هؤلاء النسوة في المساهمة، بطريقتهن، في إنجاح هذه العملية.

 

بدورها، أكدت صحيفة (رسالة الأمة) أن حادث سقوط الطفل “ريان”، الذي أودى بحياته بعد أيام من المقاومة في عمق البئر، خلف “تضامنا شعبيا منقطع النظير” من جانب جيران الضحية ومن عموم باقي المغاربة وشعوب العالم، حيث ارتفعت الدعوات والتضرع إلى الله قصد نجاته.

وأضافت أن وفاته خلفت حزنا عارما لدى جميع المغاربة، ولدى بقية الشعوب التي لم تتأخر في التعبير عن تعاطفها ومواساتها.

 

ومن جانبها، ذكرت صحيفة (العلم) أن مأساة سقوط الطفل ريان في البئر لمدة خمسة أيام، شدت أنظار العالم حتى صارت الفاجعة الخبر العالمي الأول في جميع وسائل الإعلام الدولية وعبر منصات التواصل الاجتماعي.

وأكدت اليومية أن العالم كله عاش مع هذه المأساة الإنسانية، إذ أظهرت الشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم أجمع، تعاطفا واسعا مع أسرة الطفل ريان وتضامنا “منقطع النظير” مع المغرب، حتى أطلقت بعض وسائل الإعلام الدولية على ريان “الطفل الدولي” لما نالت مأساته من اهتمام دولي باعتبارها حدث الأسبوع على الصعيد العالمي.

أما يومية (الأحداث المغربية)، فقد كتبت أنه “على مدى خمسة أيام عشنا التضامن والحب، وبرهن أبطال مغاربة عن جلدهم وقوتهم وإيمانهم بالوطن”.

وأضافت “كنا نرغب فقط في أن يقترن كل هذا بفرحة النهاية السعيدة وعودة ريان لنا حيا.. لكن مشيئة الله نافذة”، مؤكدة أن ريان “سيظل حيا فينا.. لأنه بالفعل كشف ما فينا وما نمتلكه حقا”.

بدورها، توشحت الصحافة الإلكترونية، اليوم الإثنين، بررداء التضامن المغربي، حيث بثت جملة مقالات عن التعاطف وحب الوطن والتكافل الذي يميز الشعب المغربي، فضلا عن رسائل التضامن من شخصيات عالمية.