ضغوط الامتحانات وتأثيرها النفسي على الأطفال في وضعية إعاقة.

بقلم: “الأخصائي النفسي حمزة الكنافي متخصص في الاضطرابات النفسية والسلوكية”

“ضغوط الامتحانات وتأثيرها النفسي على الأطفال في وضعية إعاقة”

  Exam Stress and Its Psychological”

“Impact on Children with Disabilities

 

مع اقتراب موسم الامتحانات لهذه السنة 2024/2025، يتزايد الحديث عن الضغط النفسي الذي يشعر به المتعلمون. لكن ما لا ينتبه له الكثيرون هو ما يعانيه الأطفال في وضعية إعاقة خلال هذه الفترة. فهؤلاء الأطفال، الذين يحتاجون إلى دعم نفسي وتربوي خاص، غالبًا ما يُطلب منهم اجتياز نفس التحديات التي يخوضها أقرانهم، دون مراعاة لفروقهم الفردية أو خصوصياتهم الإدراكية والسلوكية.

الأطفال في وضعية إعاقة، سواء كانت الإعاقة حسية أو حركية أو ذهنية أو نمائية (مثل اضطراب طيف التوحد)، يعيشون ضغوطا نفسية مركبة خلال فترة الامتحانات. فهم لا يواجهون فقط صعوبة في استيعاب المادة الدراسية أو التعبير عنها، بل يواجهون أيضا نظرة المجتمع من وصم اجتماعي وصور نمطية، وتوقعات الأسرة، والقيود الزمنية، والأطر التقييمية غير الملائمة. وكذلك إشكالية تكييف الامتحانات والمرافقين اثناء الامتحان.

في دراسة نشرت بمجلة Psychology in the Schools (2019)، تبين أن الأطفال ذوي الإعاقة معرضون أكثر من غيرهم لاضطرابات القلق عند اقتراب الامتحانات، خاصة إذا لم تتوفر تكييفات تعليمية مناسبة لوضعهم.

حيث ان هذه الضغوطات تؤدي إلى ظهور أعراض مثل:القلق الشديد والتوتر الذي قد يتحول إلى نوبات بكاء أو صمت مفاجئ.

ضعف الثقة بالنفس والشعور بالعجز. سلوكيات انسحابية مثل رفض الذهاب إلى المدرسة أو تجنب الدراسة.

أعراض جسدية كآلام الرأس أو اضطرابات النوم.

هذه المظاهر تزداد حدتها في غياب مرافقة نفسية متخصصة، خاصة إذا كان الطفل يعاني أصلا من صعوبات في التنظيم الانفعالي Emotional regulation difficultiesأو التواصل.

من الضروري أن تعمل المدرسة والأسرة معًا على خلق بيئة آمنة نفسياً لهؤلاء الأطفال خلال فترة الامتحانات. ويتطلب ذلك:

تكييف الاختبارات (مثل تمديد الزمن، تبسيط اللغة، اعتماد وسائل بصرية).

الاستعانة بمرافقين تربويين أو مترجمين في بعض الحالات.

التحفيز الإيجابي Positive reinforcement بدلا من التهديد بالعقاب.

المرافقة النفسية المستمرة وليس فقط خلال فترة الامتحانات.

كما يجب أن يتم تقييم الطفل وفقًا لقدراته الحقيقية، وليس من خلال مقارنته بالآخرين، لأن الهدف من الامتحان هو التشخيص والتطوير، لا التبخيس والإقصاء.

وفي الختام ان ضغوط الامتحان ليست مجرد مسألة وقتية، بل قد تترك آثارا طويلة الأمد على الصحة النفسية للأطفال في وضعية إعاقة. لذلك، لا بد من مقاربة شمولية تراعي الفروق الفردية، وتعلي من كرامة الطفل وحقه في تعليم عادل ومنصف.

 

المراجع:

Putwain, D. W., & Daly, A. L. (2013). Test Anxiety and Performance in Children With Learning Difficulties. Psychology in the Schools.

UNESCO (2020). Inclusive education: Are we there ye?

Papay, C. K., & Bambara, L. M. (2011). Postsecondary Education for Transition-Age Students with Disabilities.

وزارة التربية الوطنية (المغرب) – دليل التكييفات التربوية لفائدة المتعلمين في وضعية إعاقة (2021).

 

 

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)