عبد الرحيم الشافعي- كاتب صحفي-المغرب
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب
لاتحسبن برقصها تعلو على أسيادها تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب
تموت الأسد في الغابات جوعاً ولحم الضأن تأكله الكلاب
وذو جهل قد ينام على حرير وذو علم مفارشه التراب
محمد بن إدريس الشافعي (766–820)
من خلال تتبعنا لقضية تنظيم مسيرة احتجاجية واعتصام جزئي ، أمام مقر البرلمان ووزارة التربية والتعليم بالعاصمة الرباط ، اتضح أن الموضوع حول قمع صوت الأساتذة المتعاقدين للمطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية ، وهذا حقهم المشروع مادامت الاحتجاجات سلمية حسب الدستور، ولكن أن يتم تعنيف أساتذة الغد، ومنعهم من الاحتجاج، والاعتداء عليهم، و خاصة في صفوف النساء ، أليس هذا الذي يعتبره القانون المغربي عنفا ضد النساء ؟ أليس العنف ضد النساء موضوع الساعة في القنوات المغربية، و جمعيات المجتمع المدني ؟ و كيف ستكون صورة الأستاذ المعلم غدا أمام تلامذته ؟ أليس هذا طعن في كرامته و نقص من هيبته ؟ و كيف ستكون ردة فعل التلاميذ اتجاه هذا العنف ضد أساتذتهم و قدوتهم ؟ و كيف ستكون ردة فعل أولياء الأمر اتجاه من يحاول عرقلة مستقبل أبناءهم ؟
يعتبر إقرار الحقوق والحريات من أهم دعائم إرساء دولة الحق والقانون، وقد تضمنت الدساتير والتشريعات المتعاقبة التنصيص على الحق في الاحتجاج السلمي، و يعتبر أهم حقوق الإنسان التي تنص عليها كل العهود والمواثيق الدولية وتكرسها الدساتير المختلفة في كل دول العالم، و الاحتياجات التي قام بها الأساتذة للمطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية ،يعد تعبيرا عن رأيهم في فكرة التعاقد، و قد عبروا عنه بالتجمعات السلمية، و تعتبر هذه حديقة متنوعة الورود والأزهار في دولة الحق والقانون والديمقراطية، ولكن أن يتم فض هذه الاحتجاجات بالركل و الضرب و جميع أشكال العنف والقمع، فقد ظنت الوحوش أن هذه الحديقة غابة، فصارت تركل و تعض وتنطح، وشتان بين الورود والأزهار التي تسقى بمياه العلم و المعرفة، و بين الوحوش الجائعة التي تشرب مياه قنوات الصرف الصحي…
التربية والتعليم أفضل واشرف وأنبل مهنة بعد النبوة
اعتمد المغرب القانون رقم 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، و قد تم انتهاكه بالاعتداء على المعلمات والأستاذات عندما طالبن بحقوقهن، وحسب الدستور المغربي في الفصل 37 الذي اوجب على جميع المواطنين احترام الدستور والتقيد بالقانون ويتعين عليهم ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات، و قد تم انتهاك هذا الحق عندما تم تعنيف الأساتذة في المسيرة السلمية، و يقال حسب الفصل 29 أن حريات الإجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة…و قد تم انتهاكه فلم يعد هناك ضمان لمستقبل الأساتذة بدون إدماجهم في الوظيفة العمومية.
وللتذكير فإن وضع المعلم بين همجية التلاميذ و ركلة المخزن، كفيروس قاتل سيفتك بجميع التخصصات، فحتى الذين يعملون في الصناعة والتقليد، لديهم أبناء يدرسونهم في المدارس، و حتى الرؤساء، والوزراء، والبرلمانيين، والأطباء، و المهندسين، و, و, و, لديهم أبناء يدرسونهم في المدارس، و حتى الصباغ و النجار، والحداد، وحتى بائع المخدرات، وتاجر الأسلحة لديهم أبناء يدرسونهم في المدارس، و حتى الحمير والبغال التي تركل، وتعض، سيكون لديهم أبناء يحتاجون إلى من يرسم لهم الطريق…من أجل ممارسة الركل على أكمل وجه،
إن كرامة المعلم من كرامة الوطن، و إهانة المعلم إهانة للوطن ولولا المعلم لما كان هناك تعليم، و لَولا التعليم لما كانت هناك مفاهيم، و لَولا المفاهيم لما كان هناك مصطلح الوزارة، ولا منصب الرؤساء ، ولا تلميذ جاهل لا يحترم أستاذه ،و لا مخزن يتطاول على أسياده ، ولكن مهما كثرت المعاني و الدق، واختلطت الأفاعي بالضب ،والعبيد بالأسياد ، يبقى الأستاذ أستاذا، و التلميذ تلميذا، و الحمار حمارا…”
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة رأي مع الحدث
Share this content:
إرسال التعليق