متابعة مع الحدث
دعا المشاركون في فعاليات الدورة السادسة عشرة للملتقى العالمي للتصوف بمداغ (إقليم بركان)، إلى ضرورة إدراج القيم الروحية والأخلاقية التي يزخر بها التصوف، ضمن البرامج التعليمية والتربوية، من أجل تربية الأجيال على القيم النبيلة الداعية إلى التعايش والتسامح والتفاعل الحضاري.
وأكد المشاركون، في ختام أشغال هذا الملتقى، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في موضوع “التصوف والقيم الإنسانية: من المحلية إلى الكونية”، على ضرورة إعطاء البعد القيمي والأخلاقي والتربوي المكانة اللائقة به في الفضاء التنموي والمجتمعي.
وأبرزوا في هذا الصدد، أهمية التقعيد لهذا البعد وتطويره وجعله في صلب النموذج التنموي الرائد والطموح الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس؛ وذلك من خلال استثمار الغنى الذي يشمله التصوف في هذا المجال، وما يبنيه من قيم فاعلة مع ما يترتب عنها من نتائج إيجابية في تسيير الشأن الإنساني وتدبيرها لوقعها التخليقي الإيجابي الناجح والناجع في مختلف مجالات الحياة.
وأوصى المشاركون بضرورة إنشاء مؤسسات ومراكز بحث ذات ارتباط وثيق بالمضمون القيمي الانساني من أجل بناء فضاء التعايش الحضاري بين الأمم، وإحداث جامعة دولية متخصصة في التصوف والقيم الكونية والتواصل الحضاري، وكذا مركز لقياس مستوى الكراهية لدى المجتمعات من أجل تقليص فجوة الاختلاف القائمة بين الشعوب وسائر المكونات الحضارية وتفعيل المشترك الإنساني.
وشددت توصيات الملتقى أيضا على أهمية تنظيم قافلة (أو قوافل) له تجوب كبريات المدن المغربية، وكذا الانفتاح بهذه القافلة خارج أرض الوطن بما فيها عواصم الدول الإفريقية والعالم، من أجل نشر رسالة التصوف الكونية وتعريف الناس بها قصد تفعيل هذا المشترك الإنساني.
وفي كلمة له خلال الجلسة الختامية، دعا رئيس مؤسسة الملتقى ومدير المركز الأورو – متوسطي لدراسة الإسلام اليوم، منير القادري بودشيش، إلى ضرورة التقعيد للبعد الأخلاقي، وبناء الانسان على القيم والأسس الأخلاقية، وكذا الرجوع إلى القيم الروحية والأخلاقية للإسلام.
وأبرز القادري بودشيش أهمية الانخراط الإيجابي في المشروع التنموي الجديد من خلال الاستثمار في الإنسان، وتربيته على القيم الأخلاقية وعلى قيم المواطنة الصادقة، “لأنه أهم استثمار، وأن نجاح أي مشروع اقتصادي يعتمد عليه”.
من جهتها، ركزت كلمات عدد من المتدخلين على أهمية القيم الروحية في توجيه سلوك الإنسان في كافة مجالات الحياة، مبرزة جهود الملتقى العالمي للتصوف في توحيد الخطاب الأخلاقي والتعريف بأثره البالغ في تمتين الروابط الروحية بين جميع المكونات الثقافية والاجتماعية، تحت لواء المحبة، التي تشكل بالنسبة لهم غاية التربية الروحية والسلوك الصوفي.
واعتبرت هذه الكلمات أن علاج مشاكل العالم المؤلمة يكمن في رجوع الأمة إلى أصلها الديني الداعي إلى المحبة والتسامح والسلام، مشيرة إلى أن التحولات في العالم المعاصر والمتأثرة بالعولمة تستدعي التفكير في الحاجة إلى قيم أخلاقية عالمية كونية.
وجرى خلال الجلسة الختامية، التي حضرها، بالخصوص، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية جمال الدين القادري، وعدد من المسؤولين والعلماء والأكاديميين من المغرب وخارجه، توزيع الجوائز على المتوجين في المسابقة الوطنية للقرآن الكريم المنظمة على هامش الملتقى، وكذا في مسابقاته الأدبية والشعرية الخاصة بالشباب.
كما عرفت هذه الجلسة، التي تخللتها وصلات من السماع والمديح الصوفي لمسمعين من داخل المغرب وخارجه، تكريم مجموعة من الفعاليات بما في ذلك بعض الأطر الصحية والإدارية التابعة لوزارة الصحة بالجهة الشرقية على مجهوداتها في محاربة وباء كوفيد- 19 والتخفيف من تداعيته.
يذكر أن فعاليات هذا الملتقى العالمي، المنظم من 18 إلى 22 أكتوبر الجاري، بالصيغتين الحضوري والافتراضي، من قبل الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى، بشراكة مع المركز الأورو- متوسطي لدراسة الإسلام اليوم”، عرفت مشاركة أكثر من مائة من العلماء والمفكرين والأساتذة المختصين، من المغرب ومن عدة دول إسلامية وغربية.
وشكلت الجلسات العلمية للملتقى، المنظم بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فرصة للمشاركين للمساهمة في إغناء النقاش الفكري حول القضايا ذات الصلة بالنهوض بثقافة المشترك القيمي الانساني، وإبراز البعد الروحي للإسلام، وكذا تقديم مقترحات تروم تفعيل هذه الثقافة والتعريف بها.
Share this content:
إرسال التعليق