مع الحدث
تحرير ✍️: ذ لحبيب مسكر
في فصل الصيف ومع تزايد حركة السفر عبر الحافلات في مختلف أنحاء المغرب، تعود إلى الواجهة إشكالية محطات الاستراحة، خصوصًا تلك الواقعة على الطرق الوطنية الطويلة. ما يُفترض أن يكون استراحة للمسافر من عناء الطريق، يتحوّل في كثير من الأحيان إلى مساحة استغلال، وصفقات خفية بين بعض السائقين وأرباب المطاعم داخل هذه المحطات، على حساب راحة وصحة الركاب.
يحكي أحمد عامل سابق في ورش تجهيز الطريق بين ورزازات ومراكش، كيف يتوقف السائق في محطة استراحة محددة حيث يتناول وجبة عشاء فاخرة مع سائقين آخرين في قاعة مغلقة داخل المحطة. في المقابل، ينتظر الركاب في الخارج، بعضهم يجلس على طاولات في الهواء الطلق إذا سمحت ميزانيتهم، لكن كثيرين يكتفون بشراء علب سردين بأسعار مرتفعة مقارنة بأسواق الدكاكين العادية، مضطرين لتحمل هذا العبء الإضافي بعد ساعات طويلة من السفر.
التوقفات ليست عشوائية… بل مدروسة
هذا النموذج المتكرر في الرحلات الطويلة يكشف عن خلل كبير في منطق التعامل مع المسافرين. فالسائق لا يختار مكان التوقف وفق راحة الركاب أو ظروف الطريق، بل حسب “مصلحة” خاصة يضمن فيها عشاءه المجاني، ومشروباته وسجائره، وربما بقشيشًا إضافيًا، في مقابل “إنزال” العشرات من الركاب الذين يُجبرون على التوقف في مطعم معين، دون أن يكون لهم رأي أو اختيار.
الأسوأ من ذلك أن بعض السائقين يتعمّدون تأخير التوقف إلى وقت متأخر، حتى يكون الركاب قد بلغوا درجة من الجوع تجعلهم غير قادرين على التفكير، فينقادون إلى الشراء من أول محل أمامهم، دون التفكير في جودة الطعام أو سلامته، مما يعرّضهم لمخاطر صحية حقيقية.
رغم تكرار هذه المشاهد، لا نرى أي تدخل من الجهات المسؤولة، ولا تحرك لحماية صحة وسلامة المسافرين. محطات الاستراحة تحولت إلى نقاط استغلال منظم، والركاب يعانون في صمت. لا فضاءات مجهزة، لا احترام للراحة الجسدية، لا مطاعم تحت المراقبة، ولا حتى مراحيض لائقة في بعض الأحيان.
من غير المقبول أن يُعامل المسافر كرقم عابر في معادلة تجارية لا تراعي كرامته ولا صحته. إن تحسين تجربة النقل الطرقي لا يقتصر على نوعية الحافلة أو جودة الطريق، بل يشمل سلسلة الخدمات كلها، وعلى رأسها محطات الاستراحة.
تعليقات ( 0 )