بــــــــلاغ جمعية الحكام الدوليين وحكام القسم الاعلى السابقين
متابعة مع الحدث
قد لا يحتاج هدم المؤسسة والإتيان على البنيان من أصله، إلا لسياسة الإهمال الممنهجة في حق الكفاءات، فالعنصر البشري أداة كل تنمية؛ وقد لا يكلف إقبار المواهب إلا تبني سياسة التجاهل والتهميش. وقد لا يستلزم بث الفُرقة إلا المنّ والانتصار للميل والهوى.
إن الإمعان في الهروب من الواقع، بعلّاته، تأكيد للعجز البنيوي، وتكريس للفشل في القدرة على المواجهة ورفع التحدي أمام كل الإكراهات التي صنعتها أيدٍ ما عاد بمقدورها أن ترجع عن أفعالها من فرط العادة.
لقد نص قانون التحكيم الصادر عن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على الدّور المركزي للمراقبين والمكونين والمواكبين والملقنين للحكام في تطوير قطاع التحكيم الوطني بكل فئاته، وفي جميع مستوياته، وذلك من خلال الفصول 14و15و16و18و21 … وهو ما يعطي الدليل على أن بنية مؤسساتية كان يلزم إرساؤها، وأن كفاءات كان يجب تعبئتها للقيام بما يقتضيه التأطير، والتتبع، والتقييم، والتطوير، والتجويد، والتمهير، وصقل المواهب في أفق الإحترافية المنشودة …
ووضع القانون أفقا للعمل الذي يقع على عاتق المؤسستين المشرفتين على التحكيم ببلادنا، ينبني على آليات محددة في الإشتغال واضحة، ويفسح الباب أمام الإجتهاد والمبادرة واسعة. والحال أن إحدى هذه الآليات، إن لم يكن كلها، في عطالة تكاد تكون مستدامة.
فكيف السبيل إلى ضمان النزاهة والشفافية في التسيير والتدبير، باعتبارهما من آليات تخليق المرفق العمومي، وأسس النهوض به ليقوم بالأدوار المنوطة به؟ وكيف يمكن ضمان حقوق الآخرين المختلفة، ممن لا نفوذ لهم، ولا قوة، ولا رهط ينتصر لهم؟ وكيف بالتحول في القطاع
نحو مستقبل مشرق، فيما الذهنيات التقليدانية المحافظة، المتحفظة من كل تجديد، تمسك بزمام الأمور؟
لقد أهين القطاع، إذ تم تبخيس جهد الإنسان العامل فيه ومن أجله. فلا حقوق مستحقة تنجز لمستحقيها، ولا بنية بشرية تتطور فتبني خلفا يرقى بالأداء، ويعيد للوطن توهجا مفقودا منذ عقود.
إننا في الجمعية، إذ نتابع بقلق شديد ما يتواتر من ويتناثر من معطيات هنا وهناك عن القطاع، خصوصا تخلي المديرية الوطنية للحكام، ومعها اللجنة المركزية للتحكيم، وبشكل متكرر حتى صار الأمر عادة، عن دعوة مقيمي الحكام للتدريب الوطني السنوي قصد تقديم الحصيلة، والإنكباب على تجديد المعارف وصقل المهارات، وتطوير القدرات الكفيلة بتعزيز الكفايات الفردية والجماعية، لنقف مدهوشين أمام الأساليب المتجاوزة التي لاتزال تعتمد للتعيين في المهام. وبلغ الأمر درجة استبعاد كثير من العناصر الجادة عن ميدان المراقبة، لدواعي لا يعلم حقيقتها إلا الفاعلون فيها. حيث يتسع المجال للأنانية المستعلية، وتمارس الضغوط بشكل أو بآخر على الممارسين جورا، لغايات تظل طي الكتمان، فيخيم الصمت المريب على مختلف أطراف القطاع بين الممارسين والمتقاعدين.
يعلو صوت واحد في كل الأرجاء، صوت لا يقبل النقد والإختلاف وتعدد الرأي كتكريس للنمطية القاتلة لروح الإبداع… يكشف كل ذلك عن سقطات غير مبررة، تستحق الإدانة من كل غيور، في زمن الحكامة الجيدة، والمقاربة التشاركية، والتدبير العقلاني المبنيّ على المنهجيات الحديثة، والأداء المؤسساتي المنفتح على الكفاءات والطاقات المُهدرة.
كل الرجاء في السيد رئيس الجامعة للتدخل العاجل، قصد وضع حد للنزيف الذي يصيب القطاع، وإعادة الإعتبار لفئة واسعة من المراقبين المغيبة قسرا عن المساهمة في تطوير التحكيم الوطني، وتحرير الكفاءات المخنوقة الأنفاس في صفوف الممارسين من الحكام، ودمقرطة المؤسسات، والدفع بعجلة القطاع نحو المستقبل المشرق بالإبتكار للحلول والمقاربات في أفق الإحتراف وتنفيذ مشروع الأكاديمية الوطنية للتحكيم.
الرئيس: يوسف مبروك
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق