مع الحدث : ذ لحبيب مسكر
في واقعة أثارت جدلاً واسعًا في المغرب، تصاعدت الأصوات حول فيديو وثّق لحظة يشتبه فيها ضابط شرطة مرور بمراكش وهو متورط في قضية رشوة. وسط هذه الضجة، أصدرت جهة حقوقية بيانًا تعلن فيه تضامنها المطلق مع الضابط، معتبرة إياه ضحية “تشهير” من طرف سائح أجنبي.
لكن هذه المواقف أثارت انتقادات حادة، خصوصًا وأن الجهة التي يفترض بها أن تكون رائدة في مكافحة الفساد، بدت وكأنها تضع مصالح شخص محل شك تحت حماية أكبر من كشف الحقيقة ومحاسبة الفاسدين.
الأصل في القضية يكمن في موضوع الرشوة وما يترتب عليها من تبعات قانونية وأخلاقية، أما مسألة تصوير الفيديو أو التشهير فهي موضوع فرعي يجب مناقشته لاحقًا وبما يتوافق مع القانون. الأولوية هي للتحقيق في التهمة الأساسية، واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة حال ثبوتها، ومن ثم يمكن لأي طرف أن يلجأ إلى القضاء لمتابعة حالات التشهير أو انتهاك الخصوصية.
المفارقة أن الدفاع عن الضابط قبل اكتمال التحقيقات، والتشكيك في نوايا المبلّغ، يتناقض مع المبادئ الحقوقية التي تدعو إلى حماية المبلّغين عن الفساد وتشجيعهم على تقديم الأدلة للجهات المختصة.
لا يخفى على أحد محاولة بعض الجهات ركوب هذه القضية واستغلالها سياسيًا أو إعلاميًا، متناسية أن الهدف الحقيقي يجب أن يكون كشف الفساد والفساد فقط، وليس تحويل القضية إلى أداة لتمرير رسائل أخرى، أو للوقوف في صف شخصيات محل شك.
كما لا يمكن إغفال أن تصوير الفيديو تم دون تصريح قانوني، وهو أمر يخالف القوانين التي تحمي الخصوصية في المغرب. ومع ذلك، يجب أن تُعالَج هذه المخالفة بعد الفصل في القضية الأصلية، لضمان ألا يُجرم المبلّغ في حين يفلت الفاعل من العقاب.
انتشار الفيديو خارج الأطر القانونية فتح المجال لاستغلاله من قبل أطراف عدة لتشويه صورة المغرب أمام المجتمع الدولي، مما يفرض على الجهات الرسمية ضرورة اتخاذ موقف حازم، لا يقتصر على تحديد المسؤوليات فحسب، بل يتعداه إلى حماية سمعة البلاد ومصداقية مؤسساتها.
في النهاية، تبقى معركة مكافحة الفساد وحماية الحقوق صورة واحدة من معارك الشفافية والعدالة التي يتوجب على الجميع المشاركة فيها بوعي ومسؤولية.
تعليقات ( 0 )