“حين تُباع الشركات.. ويُباع معها مصير العمال”

هند بومديان

في عالم الاقتصاد المتقلب، لا شيء يبقى على حاله. تندمج الشركات، تُباع، وتُشترى كما تُباع السلع في الأسواق، لكن وسط هذه الصفقات التي تُبرم خلف الأبواب المغلقة، هناك طرف يدفع الثمن بصمت: العامل.

حين تُباع شركة لأخرى، يكون الهدف الأساسي هو تحقيق الربح وتقليص التكاليف، لكن ماذا عن البشر الذين صنعوا مجدها؟ فجأة، يجد العامل نفسه بين المطرقة والسندان. قد يتم تسريحه بحجة “إعادة الهيكلة”، أو يُفرض عليه التأقلم مع بيئة عمل جديدة تفرض عليه شروطًا أصعب برواتب أقل، أو ربما تُطمس حقوقه التي اكتسبها بعد سنوات من الجهد والتعب.

بعض الشركات تتعامل مع موظفيها كأرقام على ورق، يمكن شطبها أو تعديلها حسب الحاجة. فلا يهم إن كان العامل قد أفنى سنوات عمره في خدمة المؤسسة، ولا يُلتفت إلى استقراره الأسري أو التزاماته المالية. في لحظة واحدة، يجد نفسه بلا عمل، بلا أمان، وبلا تعويض عادل، في حين أن أرباب العمل يبررون ذلك بأنه “جزء من اللعبة الاقتصادية”.

لكن، أليس من حق العامل أن يكون جزءًا من هذه المعادلة؟ أين القوانين التي تحميه من أن يُصبح ضحية في كل مرة تتغير فيها ملكية الشركة؟ هل يجب أن يبقى رهينة قرارات تُتخذ في غرف الاجتماعات، دون أن يكون له فيها رأي؟

في النهاية، يظل العامل هو الحلقة الأضعف، مجرد ترس في آلة رأسمالية لا تعرف الرحمة. ومع استمرار هذه الظاهرة، لا بد من وقفة مجتمعية وتشريعية تعيد التوازن لهذا الميزان المختل، قبل أن يتحول سوق العمل إلى ساحة مفتوحة للتلاعب بمصائر البشر.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)