عيد المرأة في حضرة رمضان.. تكريمٌ حقيقي أم احتفاءٌ شكلي؟

هند بومديان

يحلّ يوم المرأة العالمي هذا العام متزامنًا مع شهر رمضان، في لقاءٍ يفتح أبواب التأمل: كيف يحتفي بها الرجل في زمن الصيام؟ وهل يتغير شكل الاحتفال حين يكون مقرونًا بموسم الامتحان الحقيقي لصبرها وقوتها؟

 

المرأة في رمضان ليست فقط صائمة كغيرها، بل هي أيضًا الطاهية التي تسبق الجميع إلى المطبخ قبل الفجر، والمنظمة التي تضع قائمة المشتريات وتدير المطبخ بحكمة، والمربية التي تسهر على تنشئة أطفالها وتعليمهم قيمة الشهر الفضيل. لكنها حين تحظى بيومها العالمي، تجد نفسها أمام مشهد متناقض: كلمات الاحتفاء تمطرها صباحًا، لكن مساءً تُترك وحدها أمام الأطباق المتراكمة، تعدّ المائدة بينما يجلس الآخرون في انتظارها.

 

الاحتفاء بالمرأة غالبًا ما يكون احتفاءً رمزيًا، يتخذ شكل وردة تُقدم على عجل أو منشور يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن حين يأتي وقت الفعل، تبقى الحقيقة كما هي: المرأة تعمل بصمت، والرجل يراقب. في بعض البيوت، يكون التقدير مجرد فكرة، لا واقعًا. ورغم ذلك، لا تشتكي، لأنها اعتادت أن تكون السند الصامت، واليد الخفية التي ترتب كل شيء دون أن تنتظر اعترافًا.

 

لكن، ماذا لو تغير هذا المشهد ولو ليوم واحد؟ ماذا لو قرر الرجل أن يُترجم امتنانَه بطريقةٍ مختلفة؟ أن يقول لها: “اليوم، أنتِ ضيفتي، وليس الطاهية”. أن يصطحبها خارج المنزل، ليُجلسها على مائدةٍ لم تعدّها، ويمنحها فرصة نادرة لتكون المتلقية بدل أن تكون المانحة دائمًا؟

 

في مجتمعاتٍ كثيرة، فكرة أن تأخذ المرأة استراحة حقيقية تبدو غريبة، كأنها ترفٌ لا تستحقه. لكنها ليست كذلك، بل هي أبسط حقوقها. الاحتفاء الحقيقي لا يكون فقط في يوم، ولا في منشور، بل في لحظة صادقة تُشعرها بأن أحدًا يراها، يقدّر تعبها، ويعترف بأن وجودها ليس أمرًا مسلمًا به.

 

في عالمٍ حيث التقدير كثيرًا ما يكون شكليًا، تظل المرأة تبحث عن ذلك الاعتراف الصادق الذي لا يحتاج إلى مناسبة. فهل ستظل في كل عيد امرأةٍ تكتفي بالتصفيق لها، أم أن الزمن قد حان ليُترجم الاحتفاء إلى أفعال؟

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)