“لوموند”.. حين تتحول الصحافة إلى أداة للتشويش على الانتصارات المغربية

مع الحدث حسيك يوسف

نشرت صحيفة لوموند الفرنسية، في عددها الأخير بتاريخ 25 غشت 2025، مقالاً بعنوان “أجواء نهاية عهد لمحمد السادس”. مقال يزعم أنه تحليل سياسي للوضع المغربي، لكنه في العمق لم يكن سوى تجميعاً ركيكاً لإشاعات، وتلميحات شخصية، وانزلاقات فادحة تكشف حجم الارتباك الذي تعيشه بعض دوائر الإعلام الغربي أمام التحولات الجارية في المغرب.

أول ما يلفت الانتباه في هذا النص، هو الانزلاق المتعمد إلى الحياة الخاصة للملك محمد السادس، عبر الحديث عن صداقاته، وأنشطته الرياضية، وحتى تفاصيل لا تمت بصلة لتدبير الدولة أو لمصير الأمة. هذا السلوك لا يمت للصحافة الرصينة بصلة، بل هو انحدار إلى خانة الفضول الرخيص الذي يهدف إلى التشويش، أكثر مما يسعى إلى الإخبار.

ثم إن ترويج مقولة “نهاية عهد” ليس إلا محاولة فاشلة لصناعة صورة مغلوطة عن المغرب، في وقت يعرف فيه الداخل والخارج أن الملك ما يزال يقود أوراشاً استراتيجية كبرى، وأن القرارات الأخيرة بخصوص إغاثة غزة عبر مبادرة غير مسبوقة، والانخراط المباشر في المفاوضات الدولية، دليل على حضور المؤسسة الملكية بقوة في الساحة الدولية.

لكن جوهر المقال يكشف نفسه بين السطور: المسألة لا تتعلق لا بصحة الملك ولا بصداقاته، بل بـ قرب نهاية مسلسل الصراع حول الصحراء المغربية. هذا الملف الذي استنزف عقوداً من الزمن، دخل اليوم مرحلته النهائية، بعد أن أجمعت القوى الكبرى على دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وبعد أن بدأت دول المنطقة تتهيأ للتكيف مع واقع جديد عنوانه: الصحراء مغربية إلى الأبد.

وهنا يكمن لب القلق الفرنسي:

  •  نهاية قضية الصحراء تعني أن المغرب سيتحرر نهائياً من واحدة من أثقل النزاعات المفتعلة في المنطقة.
  •  هذا التحرر سيفتح أمامه مساراً جديداً من التنمية والاستثمار والبناء الإقليمي، بعيداً عن الابتزاز السياسي القديم.
  •  وهو ما يعني أيضاً أن زمن الوصاية الفرنسية التقليدية قد انتهى، وأن المغرب بصدد رسم موقعه الجديد كقوة إقليمية مستقلة القرار.

من هنا نفهم لماذا لجأت لوموند إلى خطاب “النهايات”. فالحقيقة أن النهاية ليست نهاية عهد الملك محمد السادس، بل نهاية مرحلة من التشويش والعرقلة التي حاولت أطراف عديدة أن تُبقي المغرب أسيراً لها.

إن الصحافة الفرنسية التي لطالما ادعت المهنية والرصانة، مدعوة اليوم إلى مراجعة بوصلة خطابها. فالمغرب ليس بلداً هشاً ينتظر شهادة حياة من أقلام غربية، بل دولة عريقة، بمؤسسات قوية، وملك يقود مرحلة دقيقة نحو مستقبل أوضح وأقوى.

وليعلم من يكتبون عن المغرب من بعيد، أن المغاربة يدركون جيداً موقعهم، ويثقون في مستقبلهم، وأن مرحلة ما بعد الصحراء المغربية لن تكون سوى بداية لمسار جديد من النهضة والتنمية، مهما حاولت مقالات مأزومة أن تحجب شمس الحقيقة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)