جاري التحميل الآن

مسيحيو العراق يستقبلون البابا في أول قداس له في بغداد بالزغاريد والبخور

 وكالات

في باحة كاتدرائية مار يوسف للكلدان، انتظرت جموع من المصلين المسيحيين الذين تضاءلت أعدادهم على مرّ السنوات في بغداد، بصمت مهيب رجلاً لم يحلموا قطّ برؤيته.

هناك أقام البابا للمرّة الأولى قداساً بالطقس الكلداني، فاق عدد المشاركات به من النساء الرجال، ارتدت بعضهن غطاءًَ أنيقاً أسود أو أبيض فوق رؤوسهن، احتراماً للزعيم الروحي لأكثر من 1,3 مليار مسيحي في العالم.

في الباحة، وانتظاراً لأول قدّاس يحييه حبر أعظم في العراق، جلس الحضور على مقاعد خشبية مزينة بأزهار زاهية، حاملين بأيديهم مسابح أو كتب صلاة صغيرة، فيما فصلتهم دقائق قليلة للقاء البابا فرنسيس.

فجأة،انكسر الهدوء الذي كان يخيم على الأجواء، وارتفعت مئات الأيادي بشكل عفوي إلى السماء. وصل البابا بملابسه البيضاء إلى الباحة الخارجية للكاتدرائية، وبدت على وجهه السعادة لكونه تمكّن أخيراً من أن يكون قريباً من مؤمنين انتظروه بفارغ الصبر.

   بالزغاريد وتراتيل الطقس الشرقي التي تليت باللغة العربية، استقبل المصلون، بعد طول انتظار، البابا أخيراً.

   فيما عبر الحبر الأعظم الرواق المؤدي  إلى الكنيسة، لم يتوانَ الحضور مراراً وتكراراً عن رفع هواتفهم لسرقة صورة ذاتية معه، بل نزعوا كماماتهم عدة مرات لتظهر ابتسامات فرحةً لم يتمكنوا من احتوائها في ظلّ هذه المناسبة التاريخية.

بدت الحماسة واضحةً أيضاً على وجوه الشباب من الحضور رغم أن عددهم كان قليلاً.

واستعدت جوقة أطفال لاستقبال البابا بالتراتيل. من بينهم فتاة صغيرة وضعت على رأسها قبعة كبيرة الحجم وعليها صورة البابا، قالت وقد بدا عليها الحماس “تدربنا لثلاثة أيام كاملة” استعداداً لاستقبال الضيف الاستثنائي.

توجّه البابا إلى الحضور بكلمة عن التواضع والمحبّة أججت مشاعر نبيل يعقوب البالغ من العمر 46 عاماً، والذي يقطن في بغداد منذ زمن طويل. وقال الرجل “لقد نجوت من كل شيء، من الطائفية، من العنف، من التفجيرات في بغداد”، فيما جلس في الصف الأول في باحة الكنيسة حيث شاهد القداس عبر شاشة.

البابا هنا اليوم” 

رغم الفرح العارم الذي خيّم على المكان، إلا أن الحضور داخل الكنيسة كان محدوداً، على خلفية تفشي وباء كوفيد-19، إذ منحت كل رعيّة في بغداد 13 دعوة فقط لتوزيعها على الرعايا التابعين لها، كما قال الأب نظير دكو في الكاتدرائية، ويسمح لهؤلاء فقط بدخول الكنيسة.

وقال دكو الذي تلى خلال القداس نصاً من إنجيل القديس متى بلحنٍ شرقيّ خاص بطقوس الكنيسة الكلدانية المشرقية إن “هذا أول لقاء حقيقي يجمع قداسته مع رعيته“. 

في القداس، بارك البابا فرنسيس القربان والنبيذ اللذين يرمزان بالنسبة للمسيحيين إلى دم وجسد المسيح، لكنّه لم يقم بطقس المناولة شخصياً

وقام بدلاً منه العشرات من رجال الدين بتقديم القربان للمصلين. وطلبت امرأة من الكاهن أن يضع قطعة القربان لها في صندوق صغير لتأخذه معها إلى قريب مريض

وفيما همّ البابا بالمغادرة، بدأ الحضور بهتاف عبارة “فيفا بابا” أو “ليحيا البابا“. 

وكانت زيارة البابا فرنسيس حتى الآن محكومةً بقواعد احتواء وباء كوفيد-19، وبدأت بلقاءات رسمية في بغداد الجمعة، ولقاء مع المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني السبت، بالإضافة إلى زيارة لأور جنوباً. لكن كل تلك اللقاءات خلت من الجموع الغفيرة التي عادة ما تلاقي حبراً أعظم في مثل هذه الزيارات

وأثارت تلك التدابير غضب عدد من المسيحيين البغداديين، ممن لم يتسنَّ لهم المشاركة في القداس داخل الكنيسة، رغم أنّهم عانوا في تجنّب الحواجز الأمنية العديدة التي أقيمت في جميع الطرق المؤيدة إليها، ليصلوا إلى بواباتها.

من بين هؤلاء الذين بقوا في الخارج، سميرة يوسف العراقية الكاثوليكية التي جاءت مع أختها لمحاولة حضور القداس. وقالت لفرانس برس “كنت أنتظر خارج الكنيسة منذ الظهر، كنت أنتظر هذه اللحظة طوال حياتي“.

وأضافت “إذا لم يسمحوا لي بالدخول… سأبكي“.  

في الجوار، وقف طفل صغير وهو يحك رأسه بينما كان ينظر إلى حراس الفاتيكان وهم يغلقون بوابة الكنيسة التي تفوقه طولاً بثلاثة أضعاف. وقال فهد وهو مسلم يبلغ من العمر 12 عاماً “أنا أعيش في الجوار وآتي إلى هنا طوال الوقت لإضاءة الشموع“.

وأضاف “لكن البابا هنا اليوم… أتمنى أن يصبح الأمر طبيعيًا ويأتي إلى العراق طوال الوقت“.

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك