وفاة الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري: طيّ صفحة قائد جمع بين الحكم العسكري والتجربة الديمقراطية

مع الحدث مجيدة الحيمودي

أعلنت عائلة الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري، يوم الأحد، وفاته عن سن ناهز 82 عامًا، وذلك داخل إحدى العيادات الطبية بلندن، بعد مسيرة سياسية استثنائية امتدت لعقود، جمع خلالها بين الحكم العسكري والرئاسة المنتخبة، ليُسدل الستار على إحدى الشخصيات الأكثر تأثيراً في تاريخ نيجيريا المعاصر.

وأكد غاربا شيهو المتحدث الرسمي السابق باسم بخاري، في بيان نشره على حساباته الرسمية، أن الوفاة وقعت بعد ظهر الأحد، مشيراً إلى أن الراحل كان يتلقى العلاج منذ أسابيع في العاصمة البريطانية، دون أن يتم الكشف عن طبيعة المرض الذي أودى بحياته.

محمد بخاري المنحدر من ولاية كاتسينا شمال البلاد، برز في المشهد السياسي لأول مرة كضابط في الجيش، ثم تولى الحكم عقب انقلاب عسكري عام 1983، ليقود نيجيريا بيد من حديد في فترة اتسمت بالصرامة والانضباط، قبل أن تتم الإطاحة به في انقلاب آخر عام 1985.

ورغم سنوات الغياب عن الواجهة السياسية، عاد بخاري بقوة إلى الساحة، لكن هذه المرة من بوابة الديمقراطية، حيث قاد حزب المعارضة “المؤتمر التقدمي” إلى فوز تاريخي في انتخابات 2015، ليصبح بذلك أول رئيس نيجيري يُنتخب ديمقراطيًا بعد تجربة عسكرية، وأول معارض يفوز على رئيس منتهية ولايته في تاريخ البلاد.

وقد تميزت فترة رئاسته المدنية التي استمرت لولايتين حتى عام 2023، بمحاربة الفساد ومحاولات إصلاح الاقتصاد، إلى جانب مواجهات مستمرة مع تحديات الأمن الداخلي، خاصة في ظل تصاعد تهديد جماعة “بوكو حرام” في شمال شرق البلاد.

عرف عن بخاري شخصيته المتزنة، وتوجهه المحافظ، وحرصه على بناء صورة دولة مستقلة ذات سيادة، ما أكسبه احتراماً لدى طيف واسع من النيجيريين رغم الانتقادات التي لاحقته في بعض محطات حكمه، خاصة على مستوى الحقوق والحريات.

برحيل محمد بخاري تفقد القارة الإفريقية أحد أبرز رموز التحول السياسي، الذي جمع بين التجربة العسكرية والانخراط في مسار ديمقراطي أثبت من خلاله أن التغيير في القارة ممكن حين تتوافر الإرادة.

وقد أعلنت السلطات النيجيرية الحداد الرسمي، فيما يُنتظر تنظيم جنازة وطنية تليق بمكانة الرجل، الذي سيظل اسمه محفورًا في الذاكرة السياسية لنيجيريا لعقود قادمة.

 

 

 

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)