مع الحدث
بقلم ✍️: ذ. البشيري بنرابح ممثل وأستاذ مادة المسرح
تفتتح مقالنا هذا بالمقولة الشهيرة ل ستانيسلافسكي
“أعطني مسرحًا جيدًا، أُعطِك شعبًا مثقفًا.”
لقد أصبح من اللازم تطوير مناهج التعليم في المدرسة المغربية الحديثة، والانتقال من أسلوب التلقين إلى فضاءات الإبداع والتعبير. وفي هذا السياق، يُعتبر الفن المسرحي أداةً تربويةً وفنيةً تساهم بفعالية في تنمية شخصية المتعلم، وصقل مهاراته، وترسيخ قيم الأخلاق والمواطنة لديه.
1. دور الفن المسرحي في تنمية المتعلم:
المسرح ليس نشاطًا ترفيهيًا فقط، بل هو فضاء تربوي يتيح للمتعلم التعبير عن ذاته، وتغذية خياله، والتواصل مع محيطه.
ومن خلال التشخيص، والتدريب الجماعي على الإلقاء والتنفس، وإثراء المخيال، وتنشيط الذاكرة الانفعالية، واكتساب مهارات لغوية وتواصلية، وتعزيز الإنصات، يستطيع المتعلم تحقيق التوازن والاستقرار النفسي.
وقد دأبت وزارة التربية الوطنية على تشجيع الأنشطة الفنية، وعلى رأسها المسرح المدرسي، من خلال تنظيم مهرجانات ومسابقات جهوية ووطنية، وتكوين الأطر التربوية في هذا المجال. كما أن إدماج المسرح ضمن الأندية التربوية يُعَدّ رافدًا أساسيًا لتنشيط الحياة المدرسية.
ورغم هذه الجهود، لا تزال هناك تحديات تعيق تطور المسرح المدرسي، أبرزها:
ضعف البنية التحتية، وغياب قاعات مخصصة للعروض والتدريبات.
نقص التكوين المتخصص لدى بعض المدرسين.
قلة الدعم المادي واللوجستيكي.
2. المسرح وترسيخ القيم وتعزيز المواطنة:
للمسرح دور كبير في نقل رسائل تربوية وأخلاقية بطرق فنية جذابة. فهو وسيلة فعّالة لتعزيز القيم الإنسانية والوطنية، مثل:
احترام الهوية والثقافة الوطنية،
حماية البيئة،
نبذ العنف،
ترسيخ قيم الحوار وتقبّل الاختلاف،
تشجيع التضامن والتعايش.
ولكي يؤدي الفن المسرحي دوره كاملاً داخل المؤسسة التعليمية، لا بد من:
تخصيص حصص منتظمة للأنشطة المسرحية ضمن البرنامج الدراسي.
ترسيخ الإيمان بأهمية المسرح في بناء شخصية التلميذ وتعزيز ثقته بنفسه.
توفير تكوينات مستمرة للأساتذة والمنشطين في المجال المسرحي.
إبرام شراكات مع فنانين وجمعيات ثقافية لدعم المسرح المدرسي وتطويره.
تحفيز التلاميذ على الكتابة والإخراج والمشاركة في الأعمال المسرحية.
إن إدماج الفن المسرحي في المدرسة المغربية يُعد خطوة أساسية نحو تعليم حديث يقوم على الإبداع والتعبير، واستثمارًا حقيقيًا في بناء جيل المستقبل.
فمن يقف اليوم على خشبة المسرح، سيقف غدًا على منابر المجتمع مواطنًا فاعلًا ومبدعًا.
تعليقات ( 0 )