مع الحدث الدار البيضاء
بهدوء تقني وحسم استراتيجي، دخل مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء مرحلةً جديدة من التحول، بعد إعلان المكتب الوطني للمطارات عن انطلاق الأشغال الفعلية لتهيئة الأرضية الخاصة بالمحطة الجوية الجديدة، في خطوة أولى نحو مشروع بنيوي ضخم يُنتظر أن يغيّر ملامح النقل الجوي بالمغرب في أفق 2030.
الاستثمار الذي تبلغ كلفته 15 مليار درهم لا يتعلق فقط بتوسعة بنية تحتية، بل بإعادة تعريف دور المطار كمحور جوي دولي واستراتيجي يربط القارات ويعكس طموحات المملكة في مجالات السياحة، الاقتصاد، والربط العالمي.
وفق المعطيات الرسمية، ستمكن هذه المحطة الجديدة من رفع القدرة الاستيعابية للمطار إلى 35 مليون مسافر سنوياً، بزيادة 20 مليون مقارنة مع السعة الحالية، وهو ما يعكس طموحاً واضحاً لتأهيل الدار البيضاء لتكون من بين أهم مراكز العبور الجوي في القارة الإفريقية.
المشروع الذي يندرج ضمن الرؤية الوطنية “مطارات 2030″، ينفذ في إطار رؤية متعددة الأبعاد، تجمع بين الابتكار الهندسي، الاستدامة البيئية، والتحول الرقمي في خدمات المطارات.
وقد تم إسناد أشغال التهيئة الأرضية لشركة STAM المغربية بعد طلب عروض عمومي، على أن تمتد الأشغال التمهيدية لثمانية أشهر، تمهيداً لبداية البناء.
الأهمية الاستراتيجية للمشروع تتجلى أيضاً في الشراكات الهندسية التي تم اختيارها لإنجاز التصميم، حيث تم التعاقد مع ائتلاف عالمي يضم مكاتب RSHP Architects البريطانية، وEgis Bâtiments International الفرنسية، وAla Concept المغربية، وهو تحالف سبق له العمل في محطات مرموقة بلندن ومدريد وجنيف.
لكن ما يميز المشروع ليس حجمه فقط، بل طبيعته التكنولوجية والمناخية: محطة مصممة بمعايير كفاءة طاقية عالية، تستجيب لتحديات التغير المناخي، وتوفر تجربة سفر ذكية وسلسة بفضل الرقمنة الشاملة للخدمات. كما سيجري ربط المطار بشبكة القطارات الفائقة السرعة، ليصل المسافر من الدار البيضاء إلى الرباط في 30 دقيقة، وإلى مراكش في أقل من ساعة.
وقد عرفت مرحلة اختيار الشركاء المؤهلين زخماً غير مسبوق، حيث تلقى المكتب الوطني للمطارات عروضاً من 27 تحالفاً مقاولاتياً دولياً ومحلياً، لتعلن بعد ذلك انطلاقة مسار طلب العروض لبناء المحطة خلال شهر يوليوز الجاري، مع تحديد نهاية السنة كموعد للإعلان عن المقاول الرئيسي.
بذلك، يتحول مطار محمد الخامس من مجرد بنية قائمة إلى مشروع دولة يراهن عليه لتعزيز تموقع المغرب كمفترق طرق جوي عالمي، مستجيب لمتطلبات المستقبل، ومندمج في رهانات التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر.
تعليقات ( 0 )