محمد فتيح
في قاعة مظلمة داخل مخزن فاخر، اجتمعت نخبة المواد الغذائية لعقد اجتماع طارئ. جلست اللحوم الحمراء في المقدمة على مقعد فاخر، بينما احتلت الزيت مكانها المعتاد وسط الطاولة، تتأرجح داخل زجاجتها اللامعة. بجوارها، كانت الطماطم تتنهد بحزن، بينما استلقى السمك منهكًا، وكأنه خرج للتو من معركة بحرية خاسرة. بينما جلس البيض في الزاوية و كانت قنينة الغاز تراقب الجميع بصمت، كأنها تعرف سرًا لا أحد يدركه.
الطماطم (بحزن): “لقد كنا طعام الفقراء، والآن صرنا حلما بعيد المنال… لم أعد أزين الموائد كما كنت، بل صرت أُباع بالحبة كالمجوهرات!”
الزيت (بغرور ممزوج بالذنب): “أنا أعلم هذا الشعور… بالأمس، رأيت رجلًا في السوق يقلب زجاجتي بين يديه، ثم وضعني بحذر كما لو كنت زجاجة عطر فرنسي باهظة!”
اللحوم (تقهقه بسخرية): “يا لكم من دراميين! أنا كنت حلم الفقراء في المناسبات، والآن حتى الطبقة المتوسطة لا تجرؤ على النظر إليّ! بالأمس مررت بجانب رجل نظر إلي، ثم حدق في جيبه الفارغ، فضحكت عليه دون قصد!”
السمك (متألمًا): “وأنا؟ كنت وجبة البحر البسيطة، غذاء العائلات الساحلية… والآن تحولت إلى كائن أسطوري! بالأمس، اقترب مني طفل في السوق وسأل والده: ’هل هذا هو السمك الذي كنا نأكله في الماضي؟‘ شعرت أنني قطعة أثرية!”
البيض (بهدوء): “وماذا عني؟ كنت أساس كل مائدة، قوت البسطاء… والآن صرت ثقيلًا على الجيوب، بعد أن كان الناس يشترونني دون تفكير!”
تنهد الجميع. فجأة، دقت قنينة الغاز على الطاولة بقوة، فالتفت الجميع إليها.
قنينة الغاز (بهدوء حاد): “أنتم تتشكون، لكن بدونــي، لن يطهى أحدكم! مهما ارتفعت أسعاركم، لن تكونوا أكثر من زينة على الرف إن لم أكن موجودة!”
ساد الصمت، قبل أن تضيف بنبرة ساخرة: “لكنني أنا الأخرى، أصبحت نادرة… قنبلة موقوتة في انتظار من يستطيع دفع ثمنها!”
فجأة، دق باب المخزن، ودخل مواطن نحيف، ملامحه منهكة، يحمل محفظته المهترئة. نظر إلى الاجتماع، ثم قال بصوت مبحوح:
المواطن: “هل لي ببعضكم؟ فقط القليل، لا أطلب الكثير…”
نظر الغذاء بعضه إلى بعض، ثم أجابوه بصوت واحد: “نحن آسفون، لم نعد في متناولك!”
تعليقات ( 0 )