مع الحدث إقليم النواصر..
مرة أخرى، يطل علينا صاحب المشاريع العجيبة، بمغامرة عمرانية جديدة، وهذه المرة من بوابة “بانوراميك بوسكورة”، مشروع يفترض أنه سكني، لكنه سقط في فخ التهور والاستهتار بالقوانين، قبل حتى أن يُستكمل.
فبفضل حزم ويقظة السلطات المحلية في العهد الجديد، تم الكشف عن فضيحة من العيار الثقيل: تعريض حياة المئات من الأسر عبر تسليم مئات مفاتيح الشقق للسكان وتمكينهم من الإقامة فيها، دون استكمال الإجراءات القانونية للبيع والمساطر الإدارية والمتعلقة بأدنى شروط السلامة، وفي غياب رخصة السكن والربط القانوني بالكهرباء.
الأسوأ من ذلك؟ أصبح المنعش العقاري شركة لتوزيع الماء والكهرباء! حيث أنجز الربط الكهربائي والمائي مباشرة من عداد الورش المؤقت الخاص بصاحب المشروع، في خرق صارخ للقانون وإجراءات السلامة، كما لجأ لاستخلاص مباشر وعشوائي لفواتير وهمية من الساكنة المنصوب عليها شهرياً، وكأننا نعيش في إقطاعيته الخاصة، يديرها من “الخيمة” كما يشاء.
الشركة المتعددة الخدمات، فور إخبارها بهذا الاكتشاف، قامت بقطع الكهرباء عن المشروع بأكمله، مع توجيه إنذار رسمي للمنعش العقاري، وإحصاء دقيق للسكان المُرحّلين عشوائياً، حمايةً لهم من كارثة كانت على وشك الوقوع، لا قدر الله. فلو اندلع حريق أو حدث طارئ، ماذا كان سيكون جواب السي “الخويمة”؟ وماذا كان سيقول المسؤولون المتورطون، من أصغرهم لأكبرهم؟ هل كنا سنسمع مجدداً: “ما عرفناش؟ ماشي شغلنا؟”
أين كانت مصالح الجماعة؟ حين بدأ السكان يتوافدون على الشقق دون أدنى احترام للمساطر القانونية؟
ولم يقف استهتار المنعش عند هذا الحد، بل تمادى أكثر حين حاول تجييش السكان المنصوب عليهم، ودفعهم للاحتجاج على السلطات بدل المطالبة بحقوقهم منه وتعويضاتهم المستحقة، في محاولة بائسة لتحويل الضحية إلى جلاد، وقلب الحقائق للهروب من المحاسبة.
ولا ننسى أن هذا ليس أول “إنجاز” للمنعش العقاري، فقد سبق له أن شيد عمارات على قارعة الطريق، في تحدٍّ فجّ للقوانين ومظاهر الدولة ببوسكورة، وكأننا أمام مسلسل هزلي لا نهاية له.
ولأن تهور هذا المنعش العقاري الطولانطي لا حدود له، فقد تم توجيه تقرير إخباري من طرف السلطة المحلية إلى الجهات القضائية صاحبة الاختصاص، بتعليمات صارمة من عامل الإقليم، لفتح بحث في الموضوع وترتيب الجزاءات القانونية على كل من تواطأ أو تساهل في هذا العبث.
وتظل أنظار الرأي العام، محلياً ووطنياً، مشدودة إلى ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية، في انتظار أن تضع حداً لهذا العبث وتعيد الأمور إلى نصابها، وتحاسب كل من تلاعب بكرامة المواطن وحقه في السكن الآمن.
حقا، كما يُقال: “من الخيمة خرج مايل”، ومشكلتنا اليوم أن الميل صار قاعدة، والتقويم يحتاج إلى أكثر من قرار… يحتاج إلى إرادة حقيقية ومجالس جماعية لا تعيش ديمقراطية المناسبات، بل تشتغل من أجل كرامة المواطن وأمنه وسلامته.
تعليقات ( 0 )