موضوع الساعة : هل كل من يعتلي “الطوب تريند” نجمًا حقيقيًا؟

مع الحدث

المتابعة ✍️: ذ لحبيب مسكر

 

في زمنٍ تتحكم فيه الخوارزميات بمصائرنا الرقمية، لم يعد الظهور في قوائم “الطوب تريند” مرادفًا للنجاح الحقيقي، بل أضحى في كثير من الأحيان مجرد خدعة بصرية، تخفي وراءها مشاهدات مزيفة، جماهير وهمية، وصفقات غير معلنة. فكيف يُصنع نجم لا يشاهده أحد؟ ومن يضمن بقاءه في القمة رغم غياب التفاعل؟

حين تُتوَّج التفاهة ملكًا على الترند!

نشاهد يوميًا محتويات تُقدَّم كأنها ترند لا يُفوت: أغانٍ بلا طرب، أصوات نشاز، موسيقى سطحية، وصور تفتقد لأي قيمة جمالية أو فنية. ومع ذلك، تتصدر هذه الأعمال قوائم “الطوب تريند” وتُسوَّق كنجاحات ضخمة!

فكيف يُعقل أن تتربع على القمة أعمال لا تلامس أي ركن من أركان الفن، بينما تُقصى محتويات راقية ومجهودات إبداعية حقيقية، فقط لأنها لم “ترُق” للخوارزمية؟

إنها مفارقة تختصرها عبارة واحدة: هل يُقاس النجاح الرقمي اليوم بالجودة… أم بالضجيج؟

1. الظل الخوارزمي: حين تحميك الخوارزميات من السقوط

في كواليس المنصات الكبرى، هناك ما يُعرف بـ”تأثير الهالة” (Halo Effect)، حيث تُعامَل بعض الحسابات كـ”أيقونات رقمية” لا يُسمح لها بالاختفاء فجأة. وحتى إن تراجع محتواها أو تضاءل التفاعل معها، فإن الخوارزميات تواصل دفعها إلى الواجهة، خوفًا من اهتزاز ثقة المستخدمين أو فقدانهم.

2. مشاهدات بلا جمهور: أرقام للبيع

لا تنخدع بمئات الآلاف من المشاهدات، فقد تكون نتيجة تشغيل تلقائي، تمرير سريع، أو حتى نشاط روبوتات. الأسوأ من ذلك؟ شراء تفاعلات وهمية من خدمات خارجية، ما يخلق وهمًا بشعبية غير حقيقية، ويغذي دوامة الطرائق المزيفة لصنع “النجومية”.

3. الترندات: سُلّم وهمي نحو القمة

في سباق الترند، يلجأ الكثيرون إلى استنساخ المحتوى الرائج بلا أي لمسة إبداعية، فقط لضمان البقاء ضمن الموصى به. النتيجة؟ محتوى سطحي يحقق أرقامًا مؤقتة، لكنه يفتقر للرسوخ أو التأثير الحقيقي.

4. متابعون زومبي: جمهور لا يرى ولا يسمع

العدد لا يعني التأثير. فالكثير من الحسابات التي تتباهى بمئات الآلاف من المتابعين، تمتلك في الحقيقة جمهورًا غير نشط. بعضه قديم فقد الاهتمام، والبعض الآخر مجرد حسابات وهمية اشتُريت لغايات تجميلية. وهكذا، يبدو الحساب حيًّا رقميًا… لكنه ميّت تفاعليًا.

5. تحالفات غير مرئية: حين تتحول الشهرة إلى صفقة

في بعض الحالات، تدخل المنصات في شراكات غير معلنة مع مؤثرين يتمتعون بجاذبية تجارية. هؤلاء لا يُقيَّمون وفق جودة محتواهم، بل بقدرتهم على جذب الإعلانات. فتضمن لهم المنصة البقاء في الواجهة، حتى وإن تراجع أداؤهم الرقمي.

الخلاصة: القمة الرقمية قد تكون سرابًا

الشهرة في عصر الخوارزميات ليست دائمًا كما تبدو. بين مشاهدات وهمية، جمهور غائب، وخوارزميات تُملي من يظهر ومن يُقصى… لم يعد النجاح الرقمي يُقاس بالعين المجردة، ولا بعدد النقرات.

فهل تفضّل أن تكون نجمًا زائفًا في القمة، أم صوتًا حقيقيًا يُصغي إليه القليل… ولكن بصدق؟

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)