سي صالح
في قلب جماعة أولاد صالح، الواقعة على مشارف المجال الحضري، تدور واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وحساسية في علاقة السكان بالأرض: ملفث الأراضي السلالية. فهذه الأراضي، التي ورثها السكان جيلاً بعد جيل، لم تكن يوماً مجرد وعاء عقاري، بل شكلت نسيجاً اجتماعياً واقتصادياً عميق الارتباط بالهوية المحلية.
ومع تسارع الزحف العمراني وازدياد الضغط العقاري في ضواحي المدن الكبرى، دخلت هذه الأراضي دائرة الاستهداف لمشاريع توسعية واستثمارية، غالباً من دون إشراك حقيقي لذوي الحقوق أو تقديم تعويضات عادلة. وهو ما فتح الباب أمام موجات من الاحتقان والغضب، ترجمت إلى احتجاجات ميدانية، نزاعات قضائية، وتصعيد مستمر في وسائل الإعلام.
الساكنة تتهم الجهات الوصية باتخاذ قرارات أحادية الجانب، سواء في تفويت الأراضي أو إصدار أوامر بالهدم، دون الرجوع إلى الجماعات السلالية أو ممثليهم الشرعيين. التعويضات المقترحة، في حال وجودها، تُعتبر هزيلة مقارنة بالقيمة الفعلية للأراضي وموقعها الاستراتيجي، ما يزيد من الإحساس بالغبن والظلم التاريخي.
هذا الصراع العقاري ألقى بظلاله على مشاريع تنموية حيوية كان من الممكن أن تُخرج الجماعة من عزلتها. فغياب توافق واضح حول من يملك الحق الشرعي في الأرض جعل المستثمرين يترددون، فيما تبقى ملفات التحفيظ والاعتراف القانوني مجمدة لسنوات طويلة داخل دهاليز الإدارة.
بات واضحاً اليوم أن أي محاولة لفرض الأمر الواقع بالقوة لن تؤدي سوى لمزيد من التأزيم. المطلوب هو حوار شفاف وشامل يُنهي هذه الأزمة ويعيد الثقة بين السكان والسلطات. يجب إعادة النظر في طرق التعويض، آليات التفاوض، وضمانات الحماية القانونية لحقوق السلاليين، مع الحرص على عدم تكرار أخطاء الماضي.
إن مستقبل جماعة أولاد صالح لن يُبنى على أنقاض الحقوق، بل على توافق عادل يضمن الكرامة ويُسرّع عجلة التنمية.
تعليقات ( 0 )