حسيك يوسف
في كل موسم، نفس الأسطوانة تعود: بدل أن نتحدث عن روعة الأهداف وعن حماس الجماهير، نجد أنفسنا أسرى كابوس اسمه الفار. مباراة الرجاء والجيش الملكي الأخيرة لم تكن مجرد مواجهة كروية، بل كانت عرضاً حيّاً لمسرحية عبثية بطلها التحكيم.
كيف يُعقل أن يقضي الحكم دقائق طويلة أمام الشاشة، يبحث في لقطة كأنها لغز في مسابقة تلفزيونية، بينما الجمهور يختنق في المدرجات واللاعبون يتبادلون النكات انتظاراً للقرار؟ أهذه بطولة احترافية أم مهرجان للانتظار؟
الأنكى من ذلك أن القرارات الصادرة لا تزيد الطين إلا بلة: إلغاء هدف مشروع بزوايا تصوير مشوهة، وحرمان فريق من ضربة جزاء بدعوى غامضة. إذا كان الفار قد جاء ليحقق العدالة، فلماذا أصبح رمزاً للريبة والسخرية؟
الجمهور المغربي ليس ساذجاً. حينما يطول وقت الفار، تُفتح أبواب الشك والهمس: “هل هناك تدخلات؟ هل القرار مُفبرك؟”. إنها أسئلة مشروعة في ظل غياب الوضوح وسوء التنظيم.
الحقيقة المُرة هي أن التحكيم الوطني ما زال يعيش في عصر الهواية رغم كل الشعارات الرنانة عن التطوير. وما دامت مديرية التحكيم تكتفي بالبيانات الباردة، فإن الفار سيظل شاهد زور بدل أن يكون أداة عدل.
نحن لا نطلب المستحيل:
- قلّصوا وقت الفار، فلا أحد يريد متابعة مسلسل تركي في وسط مباراة كرة.
- وفروا كاميرات تغطي كل الزوايا، لا أن يقرر مصير البطولة بكاميرا واحدة مهزوزة.
- درّبوا الحكام على الحسم بدل التردد، فالعدالة المتأخرة ظلم مضاعف.
البطولة الوطنية تستحق أن تُصان متعتها وهيبتها. أما أن يظل الفار شماعة تعلق عليها الأخطاء، فهذا عبث لا يليق بكرة تحلم بالوصول إلى العالمية.
كرة القدم لعبة فرح، لا لعبة انتظار. أعيدوا لنا المتعة قبل أن يتحول الفار إلى أداة قتل بطيء للكرة المغربية.
تعليقات ( 0 )