مع الحدث : ذ لحبيب مسكر
شهدت أروقة الأمم المتحدة خلال الأسبوع الرفيع المستوى للدورة الثمانين، حركية دبلوماسية استثنائية قادها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة. فخلال أيام قليلة، تحوّل جدول أعمال الوزير المغربي إلى خلية دبلوماسية نشطة، من خلال سلسلة من اللقاءات الثنائية ومتعددة الأطراف مع ممثلي دول ومنظمات من مختلف القارات.
هذا النشاط المكثف يعكس المكانة التي أصبح يحتلها المغرب في المنتظم الدولي، ويؤكد متانة الرؤية الملكية القائمة على جعل الدبلوماسية أداة فاعلة للدفاع عن القضايا الوطنية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، وكذا تعزيز الاستقرار الإقليمي وبناء شراكات استراتيجية متنوعة.
تثبيت المواقف الدولية حول قضية الصحراء
في هذا السياق، جددت عدة دول دعمها الواضح لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، من بينها زامبيا، بابوا غينيا الجديدة، ميكرونيزيا، سورينام، بالاو، بوروندي، الباراغواي وغيرها، حيث عبرت هذه الدول عن مساندتها لمخطط الحكم الذاتي باعتباره الحل الواقعي والعملي لإنهاء النزاع المفتعل. إعلان الباراغواي فتح قنصلية لها في الأقاليم الجنوبية شكّل بدوره منعطفاً بارزاً في مسار الدعم الدولي المتصاعد لمغربية الصحراء.
انفتاح على قارات العالم
اللقاءات التي أجراها السيد بوريطة شملت شركاء استراتيجيين للمغرب عبر قارات متعددة: مباحثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، إلى جانب محادثات مع نظراء من الأردن، الأرجنتين، بانما، آيسلندا، سيراليون، جيبوتي، سويسرا، هولندا، بلجيكا، المملكة المتحدة وغيرها. هذه اللقاءات جسدت إرادة المغرب في تعزيز التعاون جنوب-جنوب وتكريس مكانته كفاعل دولي ووسيط موثوق في القضايا الإقليمية والدولية.
حضور فعال في النقاشات الأممية
إلى جانب الدبلوماسية الثنائية، تميز حضور الوزير المغربي بمشاركته في اجتماعات رفيعة المستوى، منها الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء ضحايا الإرهاب، الحوار الاستراتيجي حول الهجرة، والاحتفال بالذكرى العشرين لاعتماد مبدأ “المسؤولية عن الحماية”. كما بحث مع رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنالينا بيربوك، مساهمات المغرب داخل المنظمة الأممية والإصلاحات المرتقبة في إطار مبادرة “الأمم المتحدة80”.
إشادة بالدور المغربي
مختلف اللقاءات والبيانات الصادرة عنها أبرزت الدور المحوري الذي يقوم به المغرب، سواء في مجال مكافحة الإرهاب، أو في دعم الاستقرار بالشرق الأوسط وإفريقيا، أو عبر مبادراته الإنسانية والتنموية. كما تمت الإشادة بالرؤية الاستباقية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في تعزيز السلم والأمن الدوليين.
خلاصة
تحركات ناصر بوريطة في نيويورك لم تكن مجرد أجندة بروتوكولية، بل جسدت دينامية دبلوماسية مغربية متجددة، قائمة على تثبيت المواقف الدولية حول قضية الصحراء، وتوسيع رقعة الشراكات، وترسيخ صورة المغرب كفاعل رئيسي في القضايا العالمية. ومع اقتراب موعد النقاش الأممي حول الصحراء في أكتوبر المقبل، يمكن القول إن الرباط دخلت هذا الاستحقاق بزخم دبلوماسي قوي يعكس جدية وفعالية تحركاتها على الساحة الدولية.
تعليقات ( 0 )