GenZ212… حين يخرج جيل جديد ليطالب بإصلاح الوطن

حسيك يوسف

شهد الأسبوع الماضي بروز مبادرة شبابية جديدة حملت اسم GenZ212، يقودها شباب مغاربة يصفون أنفسهم بأنهم الجيل الجديد الباحث عن إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي عميق في المغرب. المبادرة، التي أعلن أحد مؤسسيها انخراطه الفعلي في تنظيمها والترويج لأفكارها، لا تقدم نفسها كحراك احتجاجي عابر، بل كمشروع إصلاحي طويل النفس يطمح إلى إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس العدالة والكرامة والمواطنة.

الخطاب كما ورد

> لقد كان الأسبوع الفائت حافلا بالمشاغل والمهام، إذ انخرطت وأصبحت من المؤيدين والمتزعمين لحركة شبابية وطنية تحمل اسم “genz212“، وهي مبادرة طموحة تسعى إلى إحياء روح الإصلاح في المغرب على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. هذه الحركة تنطلق من قناعة راسخة بأن الشباب هم طليعة التغيير، وأن صوتهم حين يتحد يصبح أداة فاعلة في ترسيخ قيم العدالة والكرامة والمواطنة الحقة.

> وخلال هذا الانخراط، وجدت نفسي في حوارات مطولة مع صحفيين وإعلاميين بل و سياسيين حتى من مشارب مختلفة؛ فمنهم من أبدى الدعم والمساندة، ومنهم من حمل تحفظات وانتقادات، غير أن القاسم المشترك بينهم كان الإقرار بحاجة البلاد إلى مراجعة عميقة للتجربة السياسية منذ دستور 2011، واستيعاب الدروس المستخلصة من أحداث الماضي، وعلى رأسها ما رافق حراك 20 فبراير من أخطاء وسوء تقدير.

> لقد تعزز عندي اليقين بأن الإصلاح المنشود لا سبيل إليه إلا بالالتزام بالسلمية وبالحوار المسؤول، وبالوعي العميق الذي يجعل من المطالبة بالحقوق ممارسة حضارية راقية، لا مجرد رد فعل عابر. فالوطن لنا جميعًا ، وإصلاحه مسؤولية جماعية تتجاوز الانقسامات والاختلافات.

> لذلك تم التقرير على مضاهرات و احتجاجات ستكون هذا الشهر يوم 27/28, لن طالب احدا بالمشاركة في هذه الحركة لأني مؤمن ان لأغلبكم حس و وعي نقدي لذلك اتمنى منكم قراءة المطالب المحورية و التقرير بأنفسكم.

المطالب كما صاغتها الحركة

الحركة قسمت مطالبها إلى محورين رئيسيين: الاجتماعي والاقتصادي.

1. التعليم: سد الخصاص في الأساتذة بالتوظيف الدائم، تقليص الاكتظاظ في الأقسام، مراجعة المناهج لتواكب العصر، تعميم الإنترنت والتجهيزات، بناء مدارس في القرى، واعتماد الإنجليزية كلغة ثانية.

2. الصحة: رفع عدد الأطباء، تجهيز المستشفيات الإقليمية، دعم الصناعة الدوائية، سيارات إسعاف في كل جماعة، رقمنة الخدمات الصحية، وضمان مجانية التطبيب للفئات الهشة.

3. الحياة اليومية: برامج سكن للشباب، نقل عمومي منظم، تعبيد الطرق وفك العزلة، تعميم الماء الصالح للشرب، إصلاح البنية التحتية، وإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة.

4. الاقتصاد: تسقيف أسعار المواد الأساسية، رفع الحد الأدنى للأجور إلى 4000 درهم، إصلاح نظام التقاعد، تشغيل الشباب في مشاريع وطنية، محاربة الاحتكار، دعم المقاولات الصغرى، وقف الخوصصة في القطاعات الحيوية، إعطاء الأولوية للشركات الوطنية، وخطة لتقليص الدين الخارجي.

قولي الأخير هو:

  •  إذا تمت متابعتنا قانونيا بعد التلاعب بمبادئنا السلمية فأنا عن نفسي غير نادم، فكل هذا التعب من اجل الوطن.
  •  هذه مطالب GENZ212 وهذه كلماته الاخيرة.

ما يميز حركة GenZ212 ليس فقط وضوح المطالب، بل طريقة صياغتها: فهي بعيدة عن الشعارات الفضفاضة، ومبنية على تشخيص واقعي لأزمات ملموسة يعانيها المواطن يومياً في المدرسة، في المستشفى، في الشارع، أو في مواجهة غلاء الأسعار.

سياسياً، الخطاب يذكر بدروس حراك 20 فبراير، لكنه يسعى إلى تجاوز أخطائه عبر التشديد على السلمية، الحوار، والمسؤولية الجماعية. هذا مؤشر على نضج سياسي متزايد لدى جيل جديد لم يعش الحراك السابق كمناضل مباشر، لكنه استوعب نتائجه.

اجتماعياً، الحركة تستند إلى شعور واسع بالإحباط من غياب العدالة الاجتماعية، لكنها تربط الاحتجاج بمطالب ملموسة قابلة للتنفيذ. هنا يمكن القول إن GenZ212 لا تطرح نفسها كحركة قطيعة، بل كدعوة إلى إصلاح تدريجي عميق.

أما اقتصادياً، فإن التركيز على السكن، التشغيل، ومحاربة الاحتكار يكشف عن وعي بطبيعة الأزمات التي تُغذي التوتر الاجتماعي.

قد يختلف المراقبون حول قدرة هذه الحركة على الاستمرار، أو حول مدى تجاوب الدولة مع مطالبها، لكن الثابت أن GenZ212 تعكس صوت جيل جديد يرفض العزوف والصمت، ويبحث عن أفق إصلاحي واضح. خطابها، وإن بدا مثالياً في بعض جوانبه، يضع الدولة والمجتمع معاً أمام سؤال أساسي: كيف يمكن أن نصوغ تعاقداً اجتماعياً جديداً يجعل من الإصلاح مسؤولية مشتركة لا مجرد وعد مؤجل؟

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)