احتفاءً بالذكرى الخمسين لاسترجاع إقليم السمارة وضمن فعاليات تخليد المسيرة الخضراء، احتضنت دار الثقافة “الشيخ سيدي أحمد الركيبي” ندوة علمية كبرى بعنوان:
“حصيلة القطاعات الإنتاجية والخدماتية منذ استرجاع الإقليم”، بمشاركة مسؤولين، فاعلين محليين، وأكاديميين.
الندوة لم تكن مجرد محطة احتفالية، بل لحظة تقييم لمسار نصف قرن من التحولات التنموية، وفرصة لتسليط الضوء على مكونات الهوية المحلية، وفي مقدمتها الصناعة التقليدية والتراث الحساني، كركيزتين أساسيتين للتنمية المستدامة بالإقليم.
الصناعة التقليدية: تراث متجدد ورهان تنموي
في محور خاص، تناول الأستاذ محمد محمود البيلال دور الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي في تعزيز الدينامية الاقتصادية والثقافية للسمارة، مؤكداً أن الحِرف التقليدية ليست مجرد أنشطة إنتاجية، بل تمثل ذاكرة جماعية وهوية حضارية.
وأوضح أن المنتوجات التقليدية كالخيام، الحلي، الزرابي، والأواني الجلدية، تعكس عبقرية الصانع الحساني، وتحمل رموزًا ثقافية متجذرة، وهو ما يجعل من هذا القطاع دعامة حيوية للاقتصاد المحلي، وفرصة حقيقية للإدماج الاجتماعي، خصوصًا لفائدة النساء والشباب.
كما تم التأكيد على أهمية التكوين والتسويق الرقمي وربط الصناعة التقليدية بالأسواق الوطنية والدولية، من خلال مقاربة جديدة تُزاوج بين الحفاظ على الأصالة والانفتاح على الابتكار.
التراث والعادات… هوية تؤسس للتنمية
شدّد المتدخلون على أن الخصوصية الثقافية لإقليم السمارة تمثل عنصر تمايز وقوة في مشروع التنمية الجهوية، حيث تُشكّل العادات والتقاليد، واللغة الحسانية، والفنون الشفوية، أساسًا لاقتصاد ثقافي واعد، قادر على خلق الثروة وتحقيق الاستدامة.
نصف قرن من البناء المستمر
كما تضمن اللقاء عروضًا حول الفلاحة، البيئة، والاستثمار، أبرزت التحولات الكبيرة التي شهدها الإقليم منذ 1975، بفضل الرؤية الملكية السامية، وتعبئة مختلف الفاعلين المحليين.
وقد أجمع المشاركون في ختام الندوة على أن التنمية الحقيقية لا تنفصل عن الهوية، وأن الاستثمار في الثقافة والصناعة التقليدية يظل خيارًا استراتيجيًا لترسيخ موقع السمارة كقطب اقتصادي وثقافي في الأقاليم الجنوبية.
السمارة، بعد خمسين عامًا من الاسترجاع، تُجدد التزامها بتنمية متجذرة في التراث، منفتحة على المستقبل.
تعليقات ( 0 )