ويلبا.. حين تُسقى الفراولة بدموع المغربيات - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

ويلبا.. حين تُسقى الفراولة بدموع المغربيات

IMG-20251026-WA0044

هنا ويلبا، الجرح المفتوح على البحر، حيث تنحني نساء المغرب تحت شمسٍ حارقة يقطفن الثمار الحمراء، لا ليذقن طعمها، بل ليُقدمنها على موائد أوروبا المترفة!
هنا تُسقى الفراولة بدموعٍ مالحة، وتُعبأ في صناديق من وجعٍ وصبرٍ وكبرياءٍ مسحوق.

كل موسم، تعبر آلاف المغربيات البحر، يحملن في حقائبهن ما تبقّى من أملٍ في حياةٍ تحفظ الكرامة. لكن ما إن تطأ أقدامهنّ تراب ويلبا حتى تتبخر الأحلام، ويبدأ مسلسل القهر: ساعاتٌ طويلة من العمل الشاق، مقابل أجورٍ هزيلة، وسكنٍ لا يليق بالبشر، ومعاملةٍ تجرّد المرأة من إنسانيتها قبل أن تُهدر عرقها.
هل هذه هي “الهجرة الدائرية” التي تتباهى بها الحكومات؟ أم هي عبودية معاصرة بترخيصٍ رسمي؟

ما يحدث في حقول ويلبا ليس صدفة ولا استثناء. إنه نظام استغلالٍ ممنهج يستفيد من هشاشة النساء الفقيرات، ومن غياب الرقابة والمساءلة. يتم اختيار العاملات وفق شروطٍ تمييزية مهينة: أن تكون المرأة مطلقة أو أرملة أو متزوجة ولها أطفال دون 14 سنة!
وكأنّ الألم أصبح شرطًا للعمل، والفقر جواز عبورٍ إلى الذلّ!

كيف تقبل دولتان تتغنيان بحقوق الإنسان أن يتحوّل جسد المرأة إلى أداة إنتاج، وروحها إلى رقمٍ في سجلات الهجرة؟
أين النقابات، أين الجمعيات، أين الضمير الإنساني من كل هذا الصمت؟

ليست العاملات في ويلبا مجرد نساءٍ يبحثن عن لقمة عيش؛ إنهن رمز لكرامةٍ وطنية تُنتهك كل يوم على أرضٍ أجنبية.
لقد قدّمن أجسادهن للحقول، وأرواحهن لأطفال ينتظرون خلف الحدود، بينما يُقابلن بالاحتقار والعنف والتهديد.

آن الأوان أن تُرفع الأصوات، لا بالشفقة، بل بالغضب والمطالبة. على الحكومة المغربية أن تتحمل مسؤوليتها كاملة: أن تراقب، أن تحاسب، أن تحمي. وعلى الدولة الإسبانية أن تعلم أن من يزرع الاستغلال لا يحصد سوى العار.

ويلبا ليست مجرد مدينة إسبانية، إنها مرآة لأزمة قيمٍ وإنسانيةٍ نعيشها جميعًا.
فإلى متى سنصمت؟
وإلى متى سنقبل أن تُقطف كرامتنا كما تُقطف الفراولة رخيصةً، صامتةً، ملطخةً بالدموع؟

لقد آن أوان الغضب النبيل، آن أوان أن نقولها بصوتٍ واحد:
كرامة المغربية ليست سلعةً للتصدير!

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي m3aalhadet مع الحدث