بعد القرار الأممي التاريخي… لم يعد للحياد مكان - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أعمدة الرآي

بعد القرار الأممي التاريخي… لم يعد للحياد مكان

IMG-20251101-WA0021

 

حتى مساء 30 أكتوبر 2025، كان مصطلح “الحياد” في قضية الصحراء المغربية يُعتبر موقفًا دبلوماسيًا مقبولًا لدى بعض الدول، يسعى إلى الحفاظ على توازن العلاقات بين المغرب والجزائر، أو لتفادي الاصطفاف في نزاعٍ إقليمي طال أمده.

لكن بعد القرار الأممي التاريخي الصادر عن مجلس الأمن، الذي أكد بشكل واضح أن مقترح الحكم الذاتي المغربي هو الحل الواقعي والوحيد للنزاع، أصبح الحياد في حد ذاته موقفًا غير قابل للتبرير، بل أقرب إلى موقف ضد الإرادة الدولية الجديدة.

 

 من الحياد إلى الغموض

 

قبل هذا التحول، كانت بعض الدول الأوروبية والإفريقية تتبنى خطاب “الحياد الإيجابي”، مبررةً ذلك بالرغبة في “عدم التدخل في الشؤون الداخلية” أو “احترام المسار الأممي”. غير أن القرار الأخير أعاد تعريف المسار نفسه: فقد اعتبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الإطار الوحيد لتطبيق مبدأ تقرير المصير.

وبالتالي، فإن من يصر اليوم على “الحياد” في موضوع لم يعد محل خلاف في القانون الدولي، يصبح فعليًا في موقع معارض للإجماع الأممي وليس في موقع وسطي.

 

 لحظة فرز حقيقية

 

المرحلة الراهنة تُعد لحظة فرزٍ سياسي ودبلوماسي على المستوى العالمي، حيث انقسمت المواقف إلى ثلاث فئات واضحة:

1. دول داعمة صريحة للمغرب، مثل الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة المتحدة، إسبانيا، وعدد من الدول الإفريقية والعربية.

2. دول ما زالت تختبئ وراء الحياد اللفظي، محاولةً كسب الوقت أو الحفاظ على علاقات مصلحية.

3. أطراف معارضة صريحة، تتزعمها الجزائر وبعض الدول التي لا تزال ترفض الاعتراف بالتحولات الجيوسياسية الجديدة في المنطقة.

اليوم، وبعد المصادقة على القرار الأممي الجديد، بات من الواضح أن من لا يعترف بسيادة المغرب على صحرائه، ولو ضمنيًا، هو من يقف في الجانب الخاطئ من التاريخ.

 

 الحياد لم يعد فضيلة

 

الحياد كان ممكنًا في زمن النقاش، لا في زمن الحسم. فحين يُصدر مجلس الأمن قراره باعتبار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد، فإن كل دولة تختار الحياد بعد ذلك تُعلن عمليًا عدم احترامها للشرعية الدولية.

بمعنى آخر، الحياد اليوم لم يعد وسطًا، بل تخلّفًا عن الإجماع، لأن القرار الأممي ليس وجهة نظر، بل هو مرجعية قانونية دولية تم تبنيها بأغلبية ساحقة وبدون معارضة من أي قوة عظمى.

 

المغرب في موقع قوة

 

المغرب لم يعد في موقع الدفاع، بل في موقع تثبيت المكتسبات. الدبلوماسية المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، استطاعت أن تحوّل قضية الصحراء من نزاع إقليمي إلى قضية استقرار وتنمية في القارة الإفريقية، ومن ورقة ضغط إلى نموذج سيادي يُحتذى به.

وإذا كان الحياد في الماضي يعني “الوقوف على المسافة نفسها من الطرفين”، فإنه اليوم يعني الابتعاد عن الحق والانحراف عن صوت الشرعية الدولية.

القرار الأممي الأخير أنهى مرحلة “الرمادية الدبلوماسية”. فمنذ 31 أكتوبر 2025، أصبح الموقف من الصحراء المغربية معيارًا لمدى احترام الدول للشرعية الدولية. ومن لا يزال يختبئ وراء الحياد، فإنه في الواقع يعزل نفسه عن مسار التاريخ، لأن الحياد بعد الحسم هو موقف ضد الحسم.

 

 

 

Leave a Reply

1000 / 1000 (Number of characters left) .

Terms of publication : Do not offend the writer, people, or sacred things, attack religions or the divine, and avoid racist incitement and insults.

Comments

0
Commenters opinions are their own and do not reflect the views of m3aalhadet مع الحدث