من اللاجئ إلى المقاتل الوهمي الجزائر تُحوّل مآسي النزوح إلى وقود دعائي باسم “القضية الصحراوية” - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

من اللاجئ إلى المقاتل الوهمي الجزائر تُحوّل مآسي النزوح إلى وقود دعائي باسم “القضية الصحراوية”

IMG-20251105-WA0007

في واحدة من أكثر القصص دلالة على حجم الانتهاك الإنساني الذي يُمارس داخل مخيمات ” تندوف ” ، يبرز اسم موديبو دومبيا، الشاب المنحدر من النيجر، الذي وجد نفسه دون وعي منه جزءًا من آلة دعائية وعسكرية تُديرها السلطات الجزائرية وما يسمى جبهة البوليساريو، تحت هوية مزوّرة حملت اسم “ماء العينين بلال”.

لاجئ هارب من الحرب… يتحول إلى مقاتل تحت راية الوهم.

فحسب معطيات اعلامية، فقد ولد موديبو دومبيا في إحدى القرى القريبة من إقليم ” ديفا” جنوب شرق النيجر، المنطقة التي كانت مسرحًا لعمليات إرهابية وصراعات مسلحة منذ عام 2015، تسببت في نزوح عشرات الآلاف من المدنيين. فرّ موديبو مع عائلته نحو الجنوب الجزائري بحثًا عن الأمان، لكن ” الملاذ” الذي وعدوا به تحوّل سريعًا إلى مخيم مغلق تحت السيطرة الكاملة لما يسمى البوليساريو والجيش الجزائري. وهناك، داخل تندوف، جرى ما يشبه ” غسل الهوية”.

تعلّم الشاب اللغة الحسانية، حُمِّل باسمٍ مغربيٍ مزور، وأُدرج ضمن لوائح ” المقاتلين الصحراويين” . لم يكن اللاجئ الإفريقي يدرك أنه تحوّل إلى أداة في مشروع سياسي يهدف إلى إطالة عمر نزاع مفتعل على حساب آلام اللاجئين الأفارقة.

تجنيد قسري تحت غطاء الإغراءات

تستخدم ما يسمى جبهة البوليساريو، بتواطؤ جزائري واضح، سياسة ممنهجة تقوم على تجنيد الشباب القادمين من دول الساحل الإفريقي.

تبدأ العملية بتقديم الوعود، منازل، مكافآت مالية، وفرص تعليم في الجزائر أو الخارج، لكن سرعان ما تتحوّل تلك الوعود إلى سلاسل من الخداع والاستغلال.

من لاجئ يبحث عن الأمان، يُصبح المجند رقماً في إحصاءات ” المقاتلين الصحراويين” ، ضمن سردية تُسوّقها الجزائر أمام المجتمع الدولي لتبرير استمرار وجودها العسكري والسياسي في تندوف.

الجزائر… من دولة مضيفة إلى طرف مباشر في التجنيد

المسؤولية هنا لا تقع على ما يسمى الجبهة وحدها، بل على النظام الجزائري الذي يحوّل بلده إلى فضاء لتجنيد المرتزقة وتزييف الهويات.

فالقانون الدولي الإنساني يحمّل الدولة المضيفة مسؤولية حماية اللاجئين وضمان عدم تجنيدهم في النزاعات المسلحة، لكن الجزائر تغضّ الطرف، بل وتدعم لوجيستيًا عمليات التجنيد داخل مخيمات تندوف.

وفي ذلك خرق فاضح لاتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين لسنة 1951، وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان الأساسية.

صناعة الوهم باسم “التحرير”.

موديبو دومبيا ليس سوى وجه من وجوه عديدة لضحايا سياسة استغلال ممنهجة.

تعمل الجزائر و ما يسمى البوليساريو على صناعة “مقاتلين وهميين” من أصول إفريقية مختلفة، يمنحونهم أسماء مغربية، ليظهروا أمام الرأي العام وكأنهم ” أبناء الصحراء يطالبون بالاستقلال”.

بينما في الحقيقة، هؤلاء مجرد لاجئين فقراء حُرموا من التعليم، حُبسوا في مخيمات مغلقة، وزُجّ بهم في صراع لا يعنيهم.

مأساة إنسانية تُخفي مشروعاً سياسياً

قصة موديبو دومبيا تختصر مأساة جيل كامل من اللاجئين الذين تحوّلت معاناتهم إلى وقود لمشروع جزائري متجاوز للشرعية.

إنها ليست فقط قصة شاب فقد اسمه الحقيقي وهويته الأصلية، بل قصة دولة توظّف الفقر والنزوح لصناعة ” قضية” لم تعد تُقنع أحدًا.

لقد آن الأوان للمجتمع الدولي، وللمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن تفتح تحقيقاً مستقلاً في ممارسات الجزائر و ما يسمى البوليساريو داخل تندوف، وأن تضع حدّاً لاستغلال البشر باسم السياسة.

فالقضية هنا لم تعد ” نزاعاً إقليمياً ” ، بل جريمة إنسانية مكتملة الأركان ترتكب بحق اللاجئين الأفارقة، الذين تحوّلوا من ضحايا الإرهاب إلى ضحايا الدعاية الجزائرية.

Leave a Reply

1000 / 1000 (Number of characters left) .

Terms of publication : Do not offend the writer, people, or sacred things, attack religions or the divine, and avoid racist incitement and insults.

Comments

0
Commenters opinions are their own and do not reflect the views of m3aalhadet مع الحدث