صادقون في الصيف، كاذبون في الشتاء
عبدالرحيم أبوصهيب :
تهاطلت صور العاصمة الاقتصادية وهي تغرق على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، ربما يضاهي غزارة أمطار الخير التي كشفت كل شيء، وجردت المدينة من عفتها بعدما فضحتها أمام الجميع، وعرت واقعا مخزيا يستعصي على التغيير منذ أمد بعيد، تآمر على حجبه دائما مسؤولون فاشلون وأشعة الشمس الجميلة التي تبعث على التفائل وحتى الكذب، فهؤلاء الذين يحضون بثقة المواطن لم يكونوا يوما على قدر المسؤولية أو عند التطلعات: جيدون في الصيف، كاذبون في الشتاء،
يرسمون الأحلام الوردية بطريقة أكثر من رائعة، ينصبون علامات الأشغال في كل مكان، يقطعون الطرقات حينا ويضيقونها أحيانا أخرى، يتحدثون عن الإصلاحات والصيانة بكل ثقة و رزانة، يصورون الجولات وينزلوها على الصفحات، بين مسؤول يرتدي قبعة الأشغال وبذلة سوداء ويرسم تقاسيم الجدية على وجه لا يعرف الحياء، وآخر يسجل مقطعا يزور فيه مكانا لا يصل إليه إلا هو وأتباعه و المشاركين في المقطع على طريقة أفلام الفرار من السجون البعيدة في الصحراء.
ولأن في القرآن حكمة، فأن النظر إلى أحوال القوم يقتضي استحضار (رحلة الشتاء والصيف)، وإدا كان حبل الكذب في الصيف متين فإن الشتاء يقطعه بلا هوادة، وتقوم أمطاره بدور الرقابة ومراجعة الأشغال، فتأتي على كل ما بني على باطل فتهده أو تكشف عيوبه، وتكشف معه كذب المسؤولين وعدم أهليتهم لتحمل المسؤؤلية، وتزيح الوشاح عن وعود الصيف برياح الشتاء العاتية التي تترك المواطن وجها لوجه في مواجهة الغرق والسخط، أما المسؤول فقد رش على نفسه خلطته السحرية المعتادة حين تسوء الأمور ليختفي تماما، وتختفي صوره وتدخلاته وبذلته السوداء من الصفحات، ويتوارى عن الأنظار في انتظار أن تسطع الشمس من جديد وتجف الأرض وتصبح صلبة من جديد تستطيع تحمل كذب جديد ووعد جديد يملأه الأمل الكاذب، لكنه ككل مرة سينطلي على مواطن مغلوب على أمره.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق