Categories
متفرقات

إحياء لليلة القدر المباركة 》أمير المؤمنين يترأس حفلا دينيا بمسجد الحسن الثاني

الدار البيضاء _ مع الحدث

 

ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي اسماعيل، مساء اليوم الإثنين، بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، حفلا دينيا إحياء لليلة القدر المباركة.

 

وبعد صلاتي العشاء والتراويح، رتلت القارئة الطفلة هجر المرابط (11سنة من مدينة تطوان)، الفائزة بالرتبة الأولى لجائزة محمد السادس الوطنية في حفظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله، آيات بينات من الذكر الحكيم، ثم تقدمت للسلام على جلالة الملك وتسلمت الجائزة من يدي جلالته.

وتعكس هذه الجائزة العناية السامية التي ما فتئ أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوليها لحفظة كتاب الله وعزم جلالته الراسخ على تشجيع النشء الصاعد على حفظ وتجويد القرآن الكريم.

 

إثر ذلك، ألقى الأستاذ بهاء الدين محمد جمال الدين الندوي من جمهورية الهند، بين يدي جلالة الملك، كلمة باسم العلماء المشاركين في الدروس الحسنية الرمضانية لعام 1444 هـ، أعرب فيها عن أسمى آيات الشكر والامتنان لأمير المؤمنين على حفاوة الإستقبال وكرم الضيافة وأوفر العناية المخصصين لهم طيلة مقامهم بالمملكة.

وقال السيد الندوي في هذا الصدد إن الدروس الحسنية تجمع كل شهر رمضان ثلة من صفوة العلماء للحديث في قضايا الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء، مؤكدا أن هذه السنة الحميدة تؤتى أكلها كل حين.

 

وأشاد بهذه المناسبة، بعمل جلالة الملك على مواصلة سنة أسلافه الميامين، مشيرا إلى أن التاريخ المعاصر سجل لجلالة المغفور له محمد الخامس ذكريات العز والمجد لإرسائه روابط المودة والتآلف، كما سجل لجلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، وضع أسس التقدم والازدهار لبناء المغرب الحديث.

 

كما تميزت هذه المناسبة الدينية العظيمة، بختم صحيح البخاري من طرف السيد بلقاسم القاسمي عضو المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات ابن مسيك، بعد سرد “حديث الختم” من طرف السيد حسن صابر، عضو المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات عين الشق. بعد ذلك، سلم أمير المؤمنين جائزة محمد السادس لـ”أهل القرآن” وجائزة محمد السادس لـ”أهل الحديث”، للفائزين بهما على التوالي، السيدين عبد الرحيم النابلسي من مدينة مراكش ومحمد بنكيران من مدينة القصر الكبير.

كما سلم جلالة الملك، حفظه الله، جائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية بفروعها الثلاثة، للسيد محمد شكير من مدينة ورزازات (جائزة منهجية التلقين)، والسيد محمد بوليس من المدرسة القرآنية بمدينة العرائش (جائزة المردودية)، والسيد محمد الزعنوني من بمدينة تيزنيت (جائزة التسيير).

إثر ذلك، سلم صاحب الجلالة، جائزة محمد السادس للأذان والتهليل، التي أحدثت بتعليمات سامية من جلالته، وذلك بفرعيها، على التوالي، للسيدين يوسف الناجي من مدينة المحمدية (الجائزة التقديرية)، ومحمد الهدار من مدينة الناظور (الجائزة التكريمية).

 

وفي ختام هذا الحفل الديني المهيب، رفعت أكف الضراعة إلى المولى عز وجل بأن يحفظ أمير المؤمنين، حامي حمى الملة والدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وينصره نصرا مبينا، يعز به الإسلام والمسلمين، وبأن يتوج بالنجاح أعماله ويحقق مطامحه وآماله، ويبارك خطوات جلالته السديدة، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد أزر جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة.

كما توجه الحاضرون بالدعاء إلى العلي جلت قدرته بأن يمطر شآبيب رحمته ورضوانه على فقيدي العروبة والإسلام جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.

 

حضر هذا الحفل الديني، على الخصوص، رئيس الحكومة ورئيسا مجلسي النواب والمستشارين، ومستشارو صاحب الجلالة، وأعضاء الحكومة، وممثلون عن السلك الديبلوماسي للدول الإسلامية المعتمدون بالمغرب، وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، والعلماء الذين شاركوا في الدروس الحسنية الرمضانية، ورؤساء المجالس العلمية المحلية، ومنتخبون، وكذا شخصيات أخرى مدنية وعسكرية.

Categories
متفرقات

أمير المؤمنين يترأس الدرس الخامس من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية

الدار البيضاءمع الحدث

 

ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، اليوم الأحد بالقصر الملكي العامر بمدينة الدار البيضاء، الدرس الخامس من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية.

 

وألقى درس اليوم، بين يدي أمير المؤمنين، الأستاذ أبو بكر الزبير مبوانا، مفتي تنزانيا، متناولا بالدرس والتحليل موضوع: “رمزية إمارة المؤمنين وحضورها في الفكر الديني لدى علماء شرق إفريقيا: تنزانيا نموذجا”، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة النساء: “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم”.

 

وفي مستهل هذا الدرس، أبرز المحاضر أنه “من تمام التفضل والإنعام أن من الله تعالى علينا بنعمة الإسلام، وخلقنا بهدي القرآن، وجعل من تمام ذلك التخلق التحقق بالبيان الدال على وجوب طاعة الإمام بما يضمن مصالح الأنام، وذلك تحت الإمامة العظمى التي تفوض لمن كتبها الله له مسمى النيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ الشرائع وسد الذرائع”.

 

ولفت إلى أن إمارة المؤمنين “صفة حكمية توجب لمن قامت به حماية المقاصد الدينية وصون الأحكام الشرعية بما يوافق قيم الإسلام السامية”، مستشهدا، ضمن التصديقات الدالة على حجيتها، بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).

ومن الدلالة بالمعقول، يضيف المحاضر، اتفاق العقلاء وإجماع الحكماء على أن لا قيام لمجتمع إنساني ولا استقرار لمنتظم بشري إلا بالانقياد لإمام يرعى أحواله ويسوس أموره ويضمن اطمئنانه، مشيرا إلى أنه من الدلالة بالمعمول ما تسمى به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعمل به من بعده من أمراء وخلفاء المسلمين.

وأبرز أن “المغرب الشريف لم يشذ عن التمسك بالإمامة العظمى حيث تعلق المغاربة بها منذ القرن الثاني الهجري على عهد الأدارسة، واستمر ذلك التعلق موصولا لدى ملوك الدولة العلوية الشريفة؛ يشهد له ترؤسكم مؤسسة إمارة المؤمنين، وحفاظكم على رمزيتها، وحرصكم على القيام بموجباتها وفاء بقدسيتها وإخلاصا لمشروعيتها، وهذا ما تفردتم به في عالم المسلمين باعتباره ثابتا من ثوابت الأمة وخصيصة خصكم الله تعالى بها”.

 

وفي ما يتعلق بحضور الإمامة العظمى في الفكر الديني بالبلدان الإفريقية، اعتقادا وسلوكا وولاء، أوضح مفتي تنزانيا أن “الناظر في المرجعية الدينية لعلماء إفريقيا يجدها مبنية على خيارات فيما يرجع للمذهبية الفقهية وانتماء إجماعي فيما يتعلق بالعقيدة الأشعرية التي من أهم مباحثها إمارة المؤمنين التي شرفكم الله بتقلدها؛ ذلك أن الحديث عن الإمامة العظمى من صميم المباحث العقدية لدى الأشاعرة، وهي مما نطقت بها البينات وزكتها العقول الراجحات”.

وشدد على أن للإمامة العظمى “حضورا في الفكر الديني لدى علماء أهل السنة والجماعة. وإيمانا من علماء إفريقيا بموقعها في البحث الإسلامي ومكانتها في الدرس العقدي، فقد أولوها ما تستحقه من عظيم الأهمية وجليل التزكية واعتبروها أمانة يجب التشوف إليها في شخص من ناطه الله بها فاشرأبت إليكم يا مولاي الأعناق من كل الآفاق؛ ذلك أن إمارة المؤمنين التي خصكم بها الله تعالى عمل بما ورد في القرآن الكريم ودرج عليه ولاة الأمر المهتدين والسلف من أجدادكم المنعمين”.

وبحكم انتماء جمهور علماء إفريقيا للمذهب الأشعري، يضيف المحاضر، فقد تبوأت إمارة المؤمنين مكانة مركزية في فكرهم الديني والعقدي.

وفي هذا الصدد، استحضر الأستاذ أبو بكر الزبير مبوانا ما يجمع المغرب الشريف بإفريقيا من روابط دينية وروحية وحضارية، ذلك أن مشايخ الصوفية في مختلف البلدان الإفريقية يعتبرون إمارة المؤمنين مؤسسة يفتخرون بها ويعربون عن شرف الانتماء إليها والدعاء للقائم عليها، وذلك بفضل حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس على أن تكون إفريقيا في صلب اهتمام جلالته، مشيرا إلى أن معظم مسلمي إفريقيا على صلة بمؤسسة إمارة المؤمنين بالمغرب عن طريق الرحلات العلمية وشيوخ الصوفية السنية.

وأبرز أن قيام جلالة الملك بواجبه تجاه القارة الإفريقية “مبني على ما يجمع المغرب بإفريقيا من روابط روحية تجلت آثارها في تعزيز أواصر المحبة والولاء لأمير المؤمنين نصره الله”.

وتابع بالقول “إن اعتزازنا نحن الأفارقة بمؤسسة إمارة المؤمنين وما تمثله من رمزية دينية في البلدان الإفريقية عموما له استمداد مما درج عليه أسلافنا من التعلق بها عبر تاريخ الدولة المغربية؛ ذلك أنها أمانة تقضي بواجب المسؤولية تجاه كل المسلمين، لذا بادرت مجموعة من مناطق جنوب الصحراء، وبعض بلدان إفريقيا ببيعة أمير المؤمنين بالمغرب.

 

وفي السياق ذاته، أشاد مفتي تنزانيا بالمبادرات التي يطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من خلال تقلد جلالته إمارة المؤمنين، ومنها الدعوة إلى تصحيح صورة الإسلام لدى المجتمع الدولي، والعناية بوكالة بيت مال القدس الشريف لتقديم العون للسكان الفلسطينيين في المدينة المقدسة، وكذا إنشاء مركز محمد السادس لحوار الحضارات بالشيلي عام 2004، باعتباره جسرا للتواصل الحضاري بين المغرب وأمريكا اللاتينية.

 

من جهة أخرى، توقف المحاضر عند مقومات الفكر الإسلامي الحاضرة بجمهورية تنزانيا الاتحادية “بفضل جهود مسؤولين وعلماء مبرزين أخذوا على عاتقهم النهوض بالفكر الديني عقيدة وفقها وسلوكا”، مستحضرا، في هذا الإطار، مبادرة جلالة الملك بإنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة التي تروم توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين، بالمغرب وباقي الدول الإفريقية، للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها.

 

وقال إن هذه المؤسسة “مكرمة منكم وحدت جهود علماء إفريقيا عامة لخدمة الإسلام والمسلمين تحت رعاية إمارة المؤمنين، ومن مظاهر تلك الخدمة قيام فروع المؤسسة بالبلدان الإفريقية بتفعيل برامج أنشطتها العلمية السنوية، ومنها تنظيم مسابقة في حفظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله، التي كان لبلدنا شرف احتضان نهائياتها في المسجد الذي يحمل اسمكم الشريف بدار السلام. وتلك سنة حسنة خلدتم بها عطفكم وعنايتكم ببناء عدة مساجد في ربوع القارة الإفريقية”.

 

وأضاف “لذا حق لنا أن نعتز بكم وننتمي إلى مؤسستكم، ولا نملك في كل لقاءاتنا العلمية وأنشطتنا الدينية إلا أن ندعو لكم بالنصر والتأييد لمجهوداتكم في حفظ كليات الدين، فطوبى لنا نحن الأفارقة بما من الله به علينا من نعمة إمارة المؤمنين التي امتدت أفضالها على سائر المسلمين خدمة للدين ورعاية لمصالح المؤمنين”.

 

من جانب آخر، أكد مفتي تنزانيا أن مكونات المنظومة الدينية بالمغرب الشريف تعتبر “الأنموذج المحتذى والنبراس المقتدى بفضل ما ناطكم الله تعالى به من شرف تقلدكم الإمامة العظمى التي تنوبون بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم”.

 

وتابع بالقول إن “الله تعالى قد بوأكم مكانة سامية لتكونوا مفخرة للمغاربة، وعمدة للمشارقة، وقبلة للأفارقة. فأياديكم السابغات لها حضور في شتى المجالات، منها إحداث مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، التي عم نفعها سائر البلدان الإفريقية، وإنشاء معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، الذي أسهم في تأطير عدد من الطلبة الأفارقة”.

 

كما أشاد بمبادرة جلالته المتمثلة في “بناء معلمة دينية عظيمة بدار السلام هي مسجد محمد السادس، الذي جعلتم منه منارة شامخة للدين والعلم بشرق إفريقيا، وأصبح منذ افتتاحه قبلة للمصلين ومحجا للمسترشدين (…) فجزى الله جنابكم الشريف على بناء هذا الصرح الإسلامي العتيد، الذي يعد هدية من مملكتكم إلى شرق إفريقيا، ورمزا لإعلاء كلمة الإسلام في هذه الربوع”.

 

وتضرع مفتي تنزانيا للباري عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين، ويحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، ويجعله ملاذا للعلماء العاملين في سائر بلدان المسلمين، ويحفظ ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضده بصنوه السعيد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وباقي الأسرة العلوية الشريفة.

 

كما توجه إليه، جل جلاله، بأن يرحم جلالة المغفور له محمد الخامس محرر البلاد ومعتق العباد، ويطيب ثرى جلالة المغفور له الحسن الثاني الملك الباني، وسائر المسلمين أجمعين.

 

وفي ختام هذا الدرس الخامس من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية، تقدم للسلام على أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كل من الأساتذة يحيى استاقوف رئيس جمعية نهضة العلماء بأندونيسيا، وعبد الحكيم الأنيس كبير الباحثين الاول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي بالامارات العربية المتحدة، ومحمد الموساوي رئيس اتحاد المساجد بفرنسا، وعبد العزيز القروي من علماء ليبيا.

 

كما تقدم للسلام على جلالته، إسماعيل لطفي جافاكيا رئيس جامعة فطاني بالتايلاند، وعزيز حسو فيتش رئيس المشيخة الإسلامية في كرواتيا، والشيخ عريف عبد الله سكراد رئيس الجالية المسلمة بتيمور، وعومارو كامارا أبو بكر رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بليبيريا، ومحمود مال باكاري رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالكامرون، وثاني عبد الرحيم شئت رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بجمهورية البنين.

Categories
متفرقات

أمير المؤمنين يترأس الدرس الرابع من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية

الدار البيضاءمع الحدث :

 

ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، اليوم الأربعاء بالقصر الملكي العامر بمدينة الدار البيضاء، الدرس الرابع من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية.

 

وألقى درس اليوم بين يدي أمير المؤمنين، الأستاذ عبد الرحمن إبراهيم زيد الكيلاني، عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية، متناولا بالدرس والتحليل موضوع : “مقاصد القرآن الكريم وبناء المشتركات الإنسانية الجامعة”، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة الحجرات : “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”.

 

وأبرز المحاضر، في مستهل هذا الدرس، أن من المقاصد القرآنية العظيمة تحقيق التواصل والتعاون بين شعوب الأرض وأممها، على اختلاف أعراقهم وألوانهم ومذاهبهم ومللهم، وكذا بناء المشتركات الإنسانية الجامعة التي تشكل جسر التعاون الإنساني.

وأوضح أن الآية الثالثة عشر من سورة الحجرات موضوع الدرس، تعد دستورا للأخوة بين الناس، وتتضمن هداية إلى أسلوب تحقيق الأخوة والتعارف، معتبرا أن الجهل مبعث النكران والتحقير وسوء الظن، وأن التعارف – في المقابل – يحيل على الاعتراف بالوجود ثم بالفضل للآخر.

 

وبعدما بين أن مضمون الآية لم يكن له مثيل سابق في ثرات الإنسانية الديني والفلسفي، أبرز أن هذا المثال يشكل مسعى الإنسانية كافة في العصر الحالي من خلال وضع عدد من المنظومات المتصلة بحقوق الإنسان.

 

ويرى عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية أنه لا تمكن الدعوة لمضمون الآية إلا بتحقيقه على أرض الواقع، وهو من الأمانات التي على المسلمين إزاء أنفسهم وإزاء غيرهم من الشعوب.

 

كما توقف عند النظرة القرآنية الحضارية التي تؤسس لتفاهم المجتمعات الإنسانية وتعاونها على الخير من خلال رفض أشكال التصنيف العنصري، مبينا أن هذه النظرة تدعو الإنسان إلى تجاوز منطق الخصومة والصدام، وتغري بالتلاقي واحترام مساحات التشابه بين الأمم على مستوى الفكر والإبداع.

 

واستحضر الأستاذ الكيلاني، في هذا الإطار، الخطابات القرآنية والحديثية المغذية للاتجاه الإيجابي في العلاقات بين الشعوب والأمم، التي تظهر النظرة الحانية إلى بني آدم أجمعين على امتداد وجودهم في الحياة، والتي تؤكد على وحدة الجنس الإنساني ووحدة أصله وأساسه.

 

وبحسب المحاضر، فإن عالم اليوم في حاجة ماسة إلى تفعيل هذا الخطاب القرآني ليكون مدخلا للتعارف بين الشعوب والأمم والحضارات، ونشر قيم الصفح والتسامح بدلا من الاحتراب، لاسيما في ظل خطابات الكراهية التي باتت تشحن كثيرا من التكتلات الإنسانية.

 

من جهة أخرى، عرج الأستاذ الكيلاني على العطاء العلمي لعلماء الأمة في هذا الباب، وخاصة ما ذكروه في المقاصد الضرورية الخمسة ؛ المتمثلة في الدين والنفس والنسل والعقل والمال، وأنها مما اتفقت عليه الملل والشرائع، مؤكدا أن هذه المقاصد القرآنية الكبرى تصلح لاستيعاب ما لايحصى من الوسائل والأساليب المعاصرة الكفيلة ببناء المشتركات الإنسانية الجامعة، كالتعاون على محاربة الفقر والجوع والبطالة، والتصدي للأمراض، والتعاون للحفاظ على البيئة، وغيرها.

 

وفضلا عن هذه المجالات الحيوية التي يحض القرآن الكريم على التعاون الإنساني في ترسيخها وتحقيقها، يضيف المحاضر، فإننا نجد مجالا آخر قد اعتنى به القرآن الكريم عناية فائقة، ألا وهو بناء القيم الإنسانية المشتركة.

 

وسجل أنه بالرغم من الفروق الجوهرية بين النظرية الأخلاقية في القرآن الكريم وبين النظرية الأخلاقية في الفلسفات المادية والمذاهب الوضعية، فإن ثمة مساحة واسعة للاشتراك والالتقاء الإنساني في العديد من القيم والفضائل، على اعتبار أن الفطرة التي خلق الله الإنسان عليها هي مصدر أساس من مصادر تكوين الأخلاق وتشكيلها واعتبارها.

 

ولفت إلى أنه مهما اختلف الناس – أفرادا أو أمما – في تقييم بعض الأفعال، فإن هناك فضائل وأخلاقا يشتركون جميعا في حبها وتقديرها كالصدق والأمانة والوفاء والعدل، مشيرا إلى أن اشتراك الناس – بمختلف أجناسهم وأديانهم وأوطانهم وعصورهم وطبقاتهم وأحوالهم – في هذه الميول الخلقية، وتجذرها في نفوسهم، هو بسبب الفطرة التي يشتركون فيها جميعا، فالناس مشتركون في المعاني الفطرية والطباع الأصلية.

 

والملاحظ، يسجل الأستاذ الكيلاني، أن جميع الأخلاق الفطرية هي أخلاق قرآنية، كما أن جميع الأخلاق القرآنية هي أخلاق فطرية أيضا، لأنه لا توجد قيمة خلقية قرآنية إلا والفطرة تنزع إليها وتتوافق معها وتحض عليها، وهذا ما يجعل القيم الأخلاقية القرآنية أساسا قويا لبناء الأرضيات المشتركة الجامعة بين الناس باعتبارها قيما فطرية إنسانية.

 

كما استحضر تأكيد الرسول صلى الله عليه وسلم على قوة القيم الأخلاقية في تشكيل المشتركات الإنسانية الكبرى، وصلاحيتها في البناء عليها وتأسيس التكتلات والتحالفات بالتعاون مع كل من يؤمن بها، من خلال إشادته عليه السلام بحلف الفضول الذي حصل في الجاهلية وكان فيه دعوة للانتصار للمظلوم وإعادة الحق لأصحابه.

 

وفي هذا السياق، نبه عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثنى على حلف الفضول بالرغم من وقوعه في الجاهلية، لأنه كان تجمعا أخلاقيا وميثاقا إنسانيا، تنادت فيه المشاعر الإنسانية الكريمة لنصرة المظلوم، والدفاع عن الحق، والأخذ على يد الظالم، وهي قيم تتطابق مع جوهر دعوة الإسلام ورسالته.

 

وهذا يدعو المسلمين اليوم، يبرز المحاضر ، إلى إنشاء مثل هذه التحالفات والتكتلات وإبرام المواثيق والمعاهدات التي تخدم الأصول الأخلاقية المتفق عليها، وتنصر القضايا العادلة، كالتعاون على محاربة الفقر والأمية والجريمة وعلى الحفاظ على البيئة ومكافحة التلوث، وعلى الحفاظ على السلم والأمن العالمي والتعاون على كفالة حق الشعوب في الحياة الكريمة، والتعاون على نصرة المظلوم ومحاسبة الظالم، فالانتصار للقيم الأخلاقية هو انتصار للإسلام نفسه، وهو تحقيق لمقاصد القرآن وتعزيز لأهداف الدعوة وغايات الرسالة وتجديد لمعاني التزكية التي أرسل من أجلها الرسل، وأنزلت من أجلها الكتب.

 

من جهة أخرى، توقف الأستاذ الكيلاني عند مقصد عمارة الأرض، مشيرا إلى أن آيات القرآن الكريم تتابعت على تقرير هذا المقصد وتأكيده وإثباته بأساليب مختلفة وصيغ قرآنية متنوعة، منها قوله تعالى: “هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها” (هود: 61)، وقوله تعالى: “ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها” (الأعراف: 56).

 

وأوضح أن هذه الدعوة إلى إعمار الأرض، التي ترتقي إلى درجة التكليف الملزم، تنطوي على الدعوة إلى التأسيس للعديد من المشتركات الإنسانية التي يمكن أن يتعاون عليها الناس كافة ويتحقق بها بناء الأرض وإعمارها، كالتعاون في المجال الزراعي والصناعي والتجاري والصحي والبيئي والعلمي وغيرها من مجالات الحياة التي تتحقق بها منافع الناس.

 

وسجل المحاضر أن آيات القرآن الكريم أومأت إلى أن عمارة الأرض لا تتحقق إلا بقدر من التعايش والتساكن والألفة بين الناس، مضيفا أن في طلب الرزق من الثمرات تنبيها إلى أسباب البقاء المادي من ثمر وغرس ومادة كافية تسكن نفس الإنسان إليها ويستقيم أوده بها.

وخلص إلى أن امتثال الأمة لهدي القرآن الكريم وتوجيهاته ووعيها بمقاصده وهداياته، يوجب عليها أفرادا وقادة وحكماء، العمل على بناء المشتركات الإنسانية الجامعة وإقامة جسور التواصل الإنساني وتعزيز التعاون بين الشعوب، مشددا على أنه كلما كانت الأمة أقدر على تحقيق التعاون الإنساني والتكافل على معاني الخير والبر، كانت أقرب إلى مقاصد القرآن وغاياته.

وفي ختام هذا الدرس الرابع من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية، تقدم للسلام على أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كل من السيد محمد كوني، وزير الشؤون الدينية والعبادة والأعراف بجمهورية مالي، والأساتذة قطب سانو، أمين عام مجمع الفقه الإسلامي بغينيا، وعزيزة يحيى محمد توفيق الهبري، أستاذة القانون في جامعة ريتشموند سابقا بأمريكا، ومظهر محمد الحموي، عضو المجلس الشرعي الأعلى في لبنان، وأبوبكر دوكوري رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ببوركينافاسو، وأوسيني إسماعيل أوسي رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالغابون.

كما تقدم للسلام على جلالته، الشيخ مامادو أبودوباتشي رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالتوغو، ومامادو أوري بالدي، أمين عام الرابطة التيجانية في غينيا بيساو ورئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بغينيا بيساو، وعلمي عبد الله عطر، رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بدجيبوتي، والشيخ محمد الحافظ النحوي رئيس التجمع الثقافي الإسلامي بموريتانيا وغرب إفريقيا، وإبراهيم مقري عضو فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بنيجيريا.

 

Categories
متفرقات

جلالة الملك محمد السادس يشرف بمدينة الرحمة دار بوعزة على تدشين المركز الطبي للقرب لدعم القطاع الصحي

متابعة بوشعيب مصليح.

أشرف الملك محمد السادس اليوم الإثنين بمدينة الرحمة، دار بوعزة الدار البيضاء على تدشين المركز الطبي للقرب مؤسسة محمد الخامس للتضامن.

مؤسسة محمد الخامس للتضامن بمدينة الرحمة جزء من برنامج شامل تنفذه مؤسسة، والرامي إلى دعم القطاع الصحي الوطني.

كما يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز العرض المتوفر من العلاجات، وإحداث شعبة لعلاجات القرب في متناول الساكنة، وإدماج مقاربة اجتماعية تكميلية ضمن آليات مصاحبة المرضى.
ويقضي بإنجاز 12 مركزا طبيا للقرب على مستوى المملكة.

ويتعلق الأمر على الخصوص ب 3 مراكز بالدار البيضاء (سيدي مومن، الحي الحسني ومدينة الرحمة) و2 بفاس و2 بطنجة ومركز واحد بكل من مدن أكادير ومراكش والرباط وسلا وتمارة.

ويأتي هذا المشروع الذي يعد ثمرة شراكة بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ومجلس جهة الدار البيضاء- سطات، والمجلس الإقليمي للنواصر، للمساهمة في تعزيز مختلف المبادرات التي تسهر على تنفيذها المؤسسة في المجال الطبي والإنساني، بما يجسد الالتزام متعدد الأبعاد والمتنوع للمؤسسة من أجل رخاء ورفاهية الساكنة المعوزة.

Categories
متفرقات

أمير المؤمنين يؤدي صلاة الجمعة بالمسجد المحمدي بمدينة الدار البيضاء.

متابعة عماد سطات .

أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم، صلاة الجمعة بالمسجد المحمدي بمدينة الدار البيضاء.

واستهل الخطيب خطبة الجمعة بالتأكيد على أن شهر رمضان هو شهر الجود والكرم، والعطاء والتضامن، والإحسان إلى الفقراء والأيتام وسائر المحتاجين والمعوزين، مستشهدا بالحديث الشريف الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما، قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حتى ينسلخ، فيأتيه جبريل، فيعرض عليه القرآن. فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة”.

وعلى سنة جده المصطفى، يسجل الخطيب، “دأب مولانا أمير المؤمنين على تفقد أحوال المحتاجين خاصة في هذا الشهر الكريم، وذلك من خلال المبادرات التضامنية التي تقدم الدعم والمساعدات للفئات الأكثر هشاشة. هذه المبادرات التي هي رمز العطاء والإيثار”.

وأضاف “لذا يجب على المؤمنين اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيرا على نهج أمير المؤمنين في البذل والعطاء أن يتفقدوا جيرانهم وأقاربهم، فإن الله تعالى قال مثنيا ومنوها بالمنفقين: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا…)”.

كما ذكر الخطيب بالآثار الحميدة التي يتوجب على المؤمنين والمؤمنات الحرص عليها من الصيام في رمضان، من تربية النفس بالقيم الفاضلة والتحلي بالأخلاق النبيلة السامية، وذلك من خلال القيام بالأعمال الخيرة التي تهدف إلى إصلاح النفس، والتعاون على البر والتقوى والتآلف والتآزر، ولا سيما على مستوى تماسك الأسر وتلاحم المجتمع، مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الامام البخاري في صحيحه، قال: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، مشيرا إلى أن هذا الشعور هو المعين على أداء الواجب، وخدمة الصالح العام، ونفع البلاد والعباد.

وتضرع الخطيب إلى الله سبحانه وتعالى بأن يوفق الجميع للخير ويعيننا عليه، ويبارك في كل أعمال مولانا أمير المومنين جلالة الملك محمد السادس وفي خطاه، وأن يجعلها مسرات ومبرات لشعبه الوفي وأن يجري على يديه الخير للناس أجمعين، ويكلل برامجه وخططه بدوام العز والسؤدد المجيد.

وفي الختام، رفع الخطيب أكف الضراعة للباري عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس ويؤيده بتأييده ويوفقه بتوفيقه، ويحفظه بحفظه، ويكلأه بعنايته ورعايته، ويقر عين جلالته، بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وينبته نباتا حسنا، ويشد أزر جلالته، بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير السعيد مولاي رشيد، ويحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة.

كما توجه إليه، جل جلاله، بأن يتغمد بواسع مغفرته ورحمته ورضوانه، الملكين الراحلين، محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما، ويطيب ثراهما، ويرحم سائر موتى المسلمين.

Categories
متفرقات

أمير المؤمنين يترأس الدرس الثالث من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية

الدار البيضاءمع الحدث :

ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، اليوم الخميس بالقصر الملكي العامر بمدينة الدار البيضاء، الدرس الثالث من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية.

 

وألقى درس اليوم، بين يدي أمير المؤمنين، الأستاذ محمد مشان، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان بالدار البيضاء، متناولا بالدرس والتحليل موضوع: “فضل الاعتصام بحبل الله المتين وبسنة سيد المرسلين”، انطلاقا من الحديث الشريف رواية عن الإمام مالك رحمه الله أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه”.

 

وفي مستهل هذا الدرس، أكد المحاضر أن هذا الحديث النبوي الشريف يعد من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وفيه من الفوائد الحث على الاعتصام بالكتاب والسنة ودعوة للزوم نهجهما واتباع سبيلهما، مضيفا أن الحديث واضح الدلالة وبين المعنى في أن العصمة والنجاة تحصل لمن تمسك بالكتاب والسنة وعض عليهما بالنواجذ؛ لأنهما محفوظان وحجتهما باقية إلى يوم القيامة.

 

وأوضح المحاضر، في هذا الصدد، أن القرآن الكريم والسنة النبوية “هما حبل الله المتين، وهما سبيل النجاة”، مشيرا إلى أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن الكريم فقال جل في علاه “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”، حيث حفظه تعالى من أن يزاد فيه باطل أو أن ينقص منه، وصانه من أن تمتد إليه يد التحريف والبديل والتزوير وتعهد الله لنبيه بحفظه وصيانته فلا تمسه أيدي المحرفين والمغرضين.

 

وأما السنة النبوية، يضيف الأستاذ مشان، فهي أصل من أصول الدين الإسلامي الحنيف وهي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، وهي شديدة الارتباط بكتاب الله فهي شارحة لقواعده العامة ومبينة لمعانيه، ومفصلة لمجمله، ومخصصة لعامه، ومقيدة لمطلقه، مبرزا أنه لا يتصور فهم لكتاب الله من دون رجوع لسنة سيدنا رسول الله، ولا يمكن الاستغناء عنها في معرفة أحكام الشرع الحنيف.

 

وتوقف الأستاذ المحاضر، في هذا الصدد، عند تدوين السنة النبوية، حيث أشار إلى أن رسول الله نهى في بداية الأمر عن كتابة الأحاديث خشية اختلاطها بالقرآن الكريم، لكنه أذن لبعض الصحابة أن يكتبوا بعض الأحاديث، بل وردت عنه روايات تنسخ أحاديث النهي.

 

وأشار إلى أنه بعد عهد رسول الله اتسعت رقعة البلاد الإسلامية وفشا الوضع في الحديث، أي اختلاق أحاديث لا أصل لها وكثر موت العلماء، بادر الخليفة عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الثانية للهجرة فأمر بجمع وتتبع حديث رسول الله، وتدوينه خشية ضياعه، وهكذا نشطت حركة تدوين الحديث.

 

واستعرض المحاضر في درسه أصناف المتعاملين مع السنة، مشيرا إلى أن طائفة منهم أنكرت السنة جملة وتفصيلا، وأخرى ردت أخبار الآحاد، أي التي لم يروها أكثر من واحد ولم تأخذ بها، وثالثة استعملت عقلها وقدمته على الأحاديث. وأبرز ان المنهج الوسط في التعامل مع السنة يقوم على الوسطية والاعتدال والابتعاد عن جحود نصوص السنة ومخالفتها وردها بأهواء النفوس، “وهو المنهج الذي يعتمده علماء مملكتكم الشريفة يا مولاي في التعامل مع السنة بأخذ الصحيح الأصيل الأثيل، واطراح المنكر والدخيل، وكل ما يخالف قطعيات هذا الدين أو يخالف إجماع المسلمين”.

 

وفي هذا السياق، استعرض المحاضر جهود أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس في خدمة حديث جده سيد المرسلين، منوها بما تم تحقيقه وإنجازه في عهد جلالته الميمون من ارتقاء بالخطاب الديني خدمة لدين الله ولسنة جده المصطفى عليه الصلاة والسلام.

 

وأشار في هذا الصدد إلى أن المتتبع لخطب جلالة الملك يجدها مرصعة بالأحاديث النبوية الشريفة، مبرزا أن في ذلكم دلالة قوية على حضور السنة النبوية في رؤية جلالته العميقة في البناء والعمران اقتداء بالسيرة النبوية العطرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

 

كما أشار الأستاذ مشان إلى الدروس الحسنية المنيفة التي تشرف برئاسة أمير المؤمنين وحضور جلالته الفعلي فيها، وهو ما يشكل مدارسة للحديث النبوي الشريف وإحياء لسنة رسول الله وذب عنها.

 

وأضاف أن التجلي الثالث لجهود أمير المؤمنين في خدمة الحديث النبوي الشريف يتمثل في الأمر السامي لجلالته بتحقيق موطأ الإمام مالك الذي يجمع بين كونه من كتب الحديث وصحة ما جاء فيه من الأحاديث وجلالة قدر مؤلفه وهو الإمام مالك، مبرزا أن الدارسين يجمعون اليوم أن الطبعة التي أشرفت عليها لجنة علمية من المجلس العلمي الأعلى هي أتقن وأدق نسخة وأحسن طبعة لهذا السفر العظيم.

 

وأشار إلى أنه تمت ترجمة هذا المؤلف بالمغرب بجامعة الأخوين بإشراف من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى الإنجليزية، مبرزا أنها هي النسخة التي اعتمدها برنامج الدراسات الشرعية في جامعة هارفارد الأمريكية اعترافا بجودتها وأهميتها في الاطلاع على أول كتاب حديثي وصل إلينا.

 

ومن جهود أمير المؤمنين أيضا في خدمة الحديث الشريف، يضيف المحاضر، هناك الدروس الحديثية بشقها البياني والتفاعلي التي أمر جلالة الملك بإقامتها وتفضل بإعطاء الانطلاقة لها، والتي تبثها قناة السادسة وإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم.

 

وأبرز أن هذه الدروس المباركة أسهمت في إغناء المشهد الديني الإعلامي بتقريب علماء الأمة ولا سيما أهل الحديث من الناس بالتفاعل معهم في تمييز ما صح من الحديث وما لم يصح منه وما عليه العمل وما ليس عليه العمل ترشيدا لفهم نصوص السنة النبوية.

 

ولفت الأستاذ مشان أيضا إلى أن جائزة محمد السادس لأهل الحديث تشكل خدمة أخرى للحديث وأهله وتكريما لحملته، مشيرا إلى أنها تخصص لأهم الشخصيات العلمية التي كان لها في المملكة تميز كبير في خدمة الحديث رواية ودراية بالذود عنه وإيضاح مسائله وقضاياه بما يجلي بهاء هذا الدين وجماليته، ويشرف الفائزون بهذه الجوائز الكريمة بتسلمها من يدي جلالة الملك الشريفتين.

 

كما أشار المحاضر إلى منصة محمد السادس للحديث النبوي الشريف التي أعطى جلالة الملك أمره السامي بإنشائها خدمة للحديث النبوي الشريف المصطفى، مبرزا أن هذه المنصة تشكل مكرمة أخرى من مكرمات أمير المؤمنين وتتوج كل الأوجه السابقة من العناية المنفردة والرعاية المتجددة.

 

وذكر المحاضر أن هذه المنصة الإلكترونية تعنى بحديث رسول الله وتخدم السنة بصيغة عصرية جديدة، مشيرا إلى أن المجلس العلمي الأعلى انتدب، تنفيذا لأمر جلالة الملك، نخبة من الأساتذة المتخصصين في علم الحديث للإشراف على هذه المنصة، يؤازرهم ويشاركهم ثلة من الأئمة المرشدين والمرشدات من خريجي معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين.

 

وأبرز أن الغاية من هذه المنصة استثمار وسائل العصر المتنوعة في تقريب الحديث النبوي لعموم الناس لتمييز الغث من السمين والصحيح من السقيم من الروايات وتوسيع دائرة نشره في مختلف بقاع المعمور، وفق رؤية معرفية ومنهجية مستمدة من طبيعة الدرس الحديثي بالمدرسة الحديثية المغربية.

 

وأضاف أن هذه المنصة تقدم خدمات جليلة أخرى تتيحها للمتصفح منها الوقوف على جهود المغاربة في خدمة الحديث، وما ألفوا وما دونوا في مجال الدرس الحديثي، كما تمكن من الاطلاع على الدروس الحديثية المتلفزة والبرامج الإعلامية والمحاضرات العلمية والندوات واللقاءات ذات الصلة بحديث رسول الله أو السيرة النبوية، وغيرها كثير.

 

وخلص الأستاذ مشان إلى أن علماء المملكة مدركون أنهم ينخرطون في نموذج مبتكر تفتقت عنه عبقرية أمير المؤمنين، ومعتزون بما يوليه جلالته لقضايا الدين من صنوف الرعاية والعناية، وفخورون بما تم تحقيقه وإنجازه في عهده الميمون الزاهر وما يقوم به جلالته من مبادرات للرقي بالبعد الروحي بكل مستوياته، ثقافيا ودينيا، وذلك من خلال الإصلاحات العميقة التي تشمل مختلف الهيآت والمؤسسات ذات الصلة بالشأن الديني.

 

وفي ختام هذا الدرس من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية، تقدم للسلام على أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كل من الأساتذة الشيخ محمد أحمد محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، وحسن بن محمد سفر، الأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية، ومختار المفتي الحسني، أستاذ الحديث الشريف بجامعة آل البيت بالأردن، والحاج أولي نادو، رئيس المجلس الأعلى لمسلمي كينيا، وبنيامين إرول، العضو بالمجلس الأعلى للشؤون الدينية التركية.

 

كما تقدم للسلام على جلالة الملك الأساتذة ذكر الرحمان، الأستاذ الجامعي ومدير المركز الثقافي الإسلامي الهندي في نيودلهي، وسعيد هبة الله كامليف، مدير معهد الحضارة الإسلامية بموسكو، وعبد العزيز بن محمد بن صالح العوضي، المستشار بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية بعمان، وعبد الله بن ادريس ميغا، رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالنيجر، وسيدي محمد ميغا، عضو فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ببوركينا فاسو .

Categories
متفرقات

جلالة الملك يدشن ويقوم بزيارة مركز إعادة التأهيل النفسي والإجتماعي بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء الذي أنجزته مؤسسة محمد الخامس للتضامن

الدار البيضاءمع الحدث :

 

أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم الأربعاء، على تدشين مركز إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، وهو مشروع تضامني يجسد، مرة أخرى، الاهتمام الخاص الذي يوليه جلالة الملك للنهوض بالقطاع الصحي عامة، وبالصحة النفسية على وجه الخصوص.

 

وقام جلالة الملك بهذه المناسبة، بزيارة مختلف مرافق المركز، الموجه إلى التكفل بالمرضى الذين يعانون من إعاقة ذهنية ناتجة عن اضطرابات نفسية حادة ومزمنة، وذلك بغية تقليص التداعيات المترتبة عن هذه الإعاقة وتحفيز اندماجهم الاجتماعي والمهني.

 

ويندرج هذا المشروع الذي أنجزته مؤسسة محمد الخامس للتضامن باستثمارات بقيمة 10,5 مليون درهم، في إطار مخطط عمل تنفذه المؤسسة يرمي إلى دعم القطاع الصحي الوطني عبر تعزيز العرض الصحي القائم، وتحسين ولوج الساكنة الأكثر عوزا للعلاجات، وإدماج مقاربة اجتماعية تكميلية ضمن آليات مصاحبة المرضى والمستفيدين.

 

ويشتمل مركز إعادة التأهيل النفسي الاجتماعي، الذي تبلغ مساحته المغطاة 2100 مترا مربعا، والذي يوجد داخل مركز الطب النفسي الجامعي ابن رشد، على قطب علاجي يضم قاعات لتخصص علم النفس، والعلاج النفساني، والعلاج عن طريق الممارسة، والتقييم الوظيفي، كما يحتوي على قطب سوسيو- تربوي يتكون على الخصوص من قاعة متعددة التخصصات وأوراش للعلاج عن طريق الطبخ، والفنون التشكيلية، وصناعة الفخار، والحلاقة والتزيين والمعلوميات.

 

وتهدف أوراش العمل الموضوعاتية هذه، إلى تعزيز وعي المرضى بمشاعرهم، وتحسين قدرتهم على التركيز، وتحفيز قدرتهم على الابتكار والإبداع، واستعادة الثقة بالنفس، والمشاركة في اندماجهم الاجتماعي والمهني، وتحديد عوائق محتملة غير معروفة سابقا، وذلك بغية تمكينهم من عيش تجربة جماعية تعتمد على تشجيع التواصل.

 

كما سيمكن المركز، الذي يشتمل أيضا على قطب إداري و قاعات للتكوين والتعبير الجسدي والفني وللرياضة ومكتبة ومقصف وغرفة للغسيل وفضاءات للاستقبال والاستراحة، المرضى الخاضعين للعلاج، والذين يقدر عددهم بأزيد من 1300 مريض في السنة، من الابتعاد عن العزلة التي يسببها المرض النفسي، كما سيحفز تطوير قدراتهم على نسج العلاقات، واكتساب بعض الكفاءات المهنية وتحسين شعورهم بالارتياح.

ومن أجل أداء مهامه على أكمل وجه، يعمل بمركز إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد طاقم يتكون من 5 أطباء أخصائيين (3 في الطب النفسي، و2 في علم النفس العصبي)، إلى جانب 7 ممرضين في الصحة النفسية وفريق للمواكبة يتكون من 7 مكونين في مجالات الحلاقة والمعلوميات والطبخ، والرياضة والمسرح، وصناعة الفخار، والفن العلاجي.

 

وعهد بتسيير مركز إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، الذي يعد ثمرة شراكة بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن، والمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد الدار البيضاء، لمصلحة الطب النفسي بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بتعاون مع “عصبة الصحة النفسية”، وهي جمعية متخصصة في المجال. ويتم حاليا تتبع حالات 156 مريضا على مستوى المركز.

 

ويأتي هذا المشروع لينضاف إلى مختلف المبادرات الطبية- الاجتماعية التي تقوم بها المؤسسة والرامية إلى تعزيز خريطة عرض العلاجات على مستوى الجهة، لاسيما عبر إحداث مراكز صحية للقرب بحي سيدي مومن والمدينة الجديدة الرحمة، ومراكز صحية للقرب “خاصة” بمقاطعة سيدي عثمان (مركز صحي من الدرجة الثانية)، وبمقاطعة مولاي رشيد (مركز صحي- نفسي- اجتماعي).

Categories
متفرقات

أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس يترحم على روح جلالة المغفور له الملك محمد الخامس

الرباطمع الحدث :

قام أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي أحمد وصاحب السمو الأمير مولاي اسماعيل، اليوم السبت، بزيارة ضريح محمد الخامس حيث ترحم جلالته على الروح الطاهرة لجلالة المغفور له الملك محمد الخامس، وذلك بمناسبة حلول العاشر من رمضان الأبرك، ذكرى وفاة أب الأمة طيب الله ثراه.

Categories
متفرقات

أمير المؤمنين يترأس الدرس الأول من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية

متابعة عماد سطات

 

ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، اليوم الأربعاء بالقصر الملكي بالرباط، الدرس الأول من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية.

وألقى درس اليوم، بين يدي أمير المؤمنين، السيد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، متناولا بالدرس والتحليل موضوع “ثمرات الإيمان في حياة الإنسان”، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة النحل “من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”.

وأكد المحاضر، في مستهل الدرس، أن الحياة الطيبة التي وعد الله تعالى بها في القرآن الكريم، وضع شرطين للتحقق بها هما الإيمان والعمل الصالح، موضحا أن الشرط الأول يتعلق بالإيمان وأثره في إثمار هذه الحياة الطيبة، لأنه ركنها الأول الذي إذا وقع به الإقرار والتحقق، سه ل على الإنسان إتيان كل أنواع الشرط الثاني وهو العمل الصالح.

ولفت السيد التوفيق إلى أن المفسرين تناولوا تفسير الآية مرجع الدرس، مشيرا إلى أن الطبري قال إن “الحياة الطيبة السعادة، وأولى الأقوال بالصواب فيها أنها حياة القناعة، وقال الثعالبي: “هي حلاوة الطاعة”، وقال البغوي: “هي الرزق الحلال”، وقال الدمشقي: “الحياة الطيبة تجمع وجوه الراحة من أي جهة كانت”، وقال ابن عاشور: “هذا وعد يتساوى فيه الذكور والنساء، وهو وعد بخيرات الدنيا وأعظمها الرضا بما قسم لهم وحسن أملهم بالعافية وعزة الإسلام في نفوسهم”.

ومن خلال تفسير الآية، أشار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى أنه يتبين أن التوجه الغالب هو اعتبار الجانب النفسي رئيسا في نوعية الشعور والتلقي، وهي الحال التي يترجمها الشكر كما ورد في القرآن الكريم.

وذكر، في هذا السياق، بأن ما هو محقق أن الله تعالى لم يخلق الحياة عبثا، بل خلقها جميلة وجعل فيها الإنسان وكرمه وجعله فيها خليفة، وبعث في الناس أنبياءه، ولكنه سبحانه حذر الإنسان من إغراء هذه الحياة الدنيا ومن إيثارها على الحياة الأخرى، مبرزا أن إغراء الدنيا قوي على الإنسان، وهو على ما هو عليه من الضعف.

وأضاف أن ثمرة الإيمان هي التوحيد، وإفراد الله بالعبودية استجابة لقوله تعالى: “قل هو الله أحد”، أي إثبات الوحدانية لله تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله، مشيرا إلى أن الصوفية حرصوا على أن يسموا أنفسهم أهل التوحيد الخاص وهو التوحيد الذي لا يقف عند القول، بل يكون به الاتصاف والتحلي مؤيدا ببرهان العمل.

من جهة أخرى، أكد السيد التوفيق أن مهمات الرسول الأربع تتمثل في تبليغ البيان، وتغيير حال المستجيبين بداية بتربية روحية سماها القرآن “التزكية”، وتعليم المستجيبين ما في الكتاب من الأحكام والأوامر والنواهي، وتعليمهم الحكمة، وهي ما في الكتاب من الأخلاق العملية والمدارك الروحانية.

وتوقف، في معرض تناوله لمفهوم ” التزكية” عند ما ذهب إليه معظم المفسرين من كونه عائدا على التطهير من الشرك، ونبذ عبادة الأصنام التي كانت في محيط الكعبة بمكة، معتبرا أن “هذا التفسير الحرفي الضيق حرم طائفة كبيرة من الأمة من توجيه قرآني هو من أنفس التوجيهات التربوية في الإسلام ألا وهو الحرص، كما ينبغي، على اتقاء الصنم الذي يحمله كل إنسان في جنبه، يوشك أن يدين له بأنواع العبادة والاتباع، ألا وهو صنم النفس”.

وذكر المحاضر، في هذا السياق، بمحورية مفهوم النفس في الهداية القرآنية، مستشهدا بذكر القرآن للنفس في أحوالها الثلاث، الأمارة بالسوء واللوامة والمطمئنة، مبينا أن بعض العلماء فصلوا في أحوالها وأفردوا لها كتبا في الرقائق والورع ركزت على أن ثمرة التزكية هي المحبة، محبة الله ورسوله ومحبة المؤمنين، إذ أن تعليم الكتاب ليس للعلم وحسب، بل القصد منه العمل.

كما استحضر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية مصطلح “الأنانية” الشائع في الحياة المعاصرة، موضحا أن التحلي بالتزكية على أساس التوحيد يعمل في المؤمن تغييرا داخليا تتبدل به طبيعته إلى طبيعة خيرة، يغادر فيها الأنانية إلى الغيرية، مبينا أن التزكية تربية “تحرر من الأنانية، علما بأن الحياة الطيبة تتوقف على هذا التحرر، وتتميز الحياة الطيبة بأنها جماعية بقدر ما هي فردية”.

وعلى أساس التوجيه النبوي المتصل بتزكية النفس، حدد السيد التوفيق سمات “الإنسان المسلم” المتأهل للحياة الطيبة على أساس ثمرات الإيمان، والتي أجملها في الالتزام بعبادة الله في وحدانيته، التزاما يعطي لحياة المؤمن معناها، وتحقيق الحرية إزاء الأغيار البشرية والمادية، واكتساب المناعة ضد البخل والشح، واکتساب قوة باطنية تجعل المؤمن يحاسب نفسه على الدوام، واكتساب اليقين بأن لا تفاضل بين الناس إلا بالتقوى، واکتساب طبيعة الحذر من أي نوع من أنواع الفساد، والالتزام بتوقير كل المخلوقات الحية والجامدة باعتبارها مخلوقة الله تعالى.

وعلى صعيد آخر، أشار المحاضر إلى توالي آلاف الدراسات النقدية للنظام العالمي الموجه لنمط الحياة، سواء من جهة نقد بعض الجوانب في الاقتصاد الليبرالي أو من جهة النقد الفلسفي لجوانب من فكر الحداثة، لافتا، في هذا السياق، إلى صدور مجموعة من الكتب، أبرزها كتاب “محبة الآخر” للأستاذ بجامعة هارفارد، بيترم سوروكين، الذي يعتبر مؤسسا للسوسيولوجيا في الولايات المتحدة.

ويعد هذا الكتاب، يضيف السيد التوفيق، نظرية شاملة مندمجة تتناول القيمة التي دعا إليها الدين وهي”الإيثار” بقوله تعالى: “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”، مشيرا إلى أن سوروكين يرى أن التوفر على نظرية في المحبة يمكن أن يساعد على التقليل من النزاعات المدمرة التي تزداد على كل المستويات.

وأكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أنه لكي يتغير العالم، وفق سوروكين، ينبغي أن يتم تحول في النموذج من إنتاج في حالة غياب التنظيم إلى حالة تنظيم يعاد إعماله بقصد تلبية حاجات الناس أفرادا وجماعات، مشيرا إلى أن الكاتب استنتج أن هذا الأمر ليس طوباويا، بل هو قابل للتحقيق.

وأشار السيد التوفيق إلى مفهوم “حسن الحال” (Well-being) الذي ساد في المجتمع الأمريكي وغيره من المجتمعات المتقدمة ماديا، مبرزا أن هذا المفهوم يعتبر ظاهرة ذاتية تحيل على التوازن بين الآثار الإيجابية والسلبية في علاقة بين الطابع الممتع وغير الممتع لحياة الشخص العاطفية.

ونظرا للطابع غير الدقيق لحسن الحال، يضيف السيد التوفيق، وقعت وتقع بسببه انحرافات تستعملها التجارة لبيع مأكولات وبضائع للمتعة ومواد للتزيين، تصاحب عرضها دعايات ناعمة أو صاخبة على وسائل الإعلام، وأساليب عيش وتكوينات وتداريب وممارسات بعضها شبه طبي خارج نطاق المقنن، وظهور أنواع من العرفاء أو الأدعياء في عدة جوانب نفسية وروحانية لا تخلو ممارسات كثير منهم من التدجيل، لافتا إلى أن هذا العرض أصبح هجوميا ضاغطا وجر جماهير متكاثرة إلى أنواع من الاكتئاب والإدمان.

وعن إمكان تحقيق الحياة الطيبة بالنسبة للمسلمين في سياقنا الحاضر، سجل السيد التوفيق أن المسلمين اليوم على حال من حسن الاعتقاد، ولا يمكن لأحد أن يجادل في ظاهر إيمانهم، ولكن أي ملاحظ عادي لا يفوته أن يسجل أن عددا لا يتشوفون في الغالب إلى حياة طيبة تجمع بين الكفاية والقناعة والعزة، وإنما يتشوفون، على الخصوص، إلى ظاهر هذه الحياة، أي إلى حسن الحال المنمط في جانب المعاش واللذة.

وتابع بالقول إن وقوع الخلل قد لا يدل على أن المسلمين عموما قد فرطوا في الدين، ولكنه يعكس عددا من الآفات التي أصابتهم في تاريخهم الديني، ومنها الآفة المتمثلة في كونهم ضخموا الاهتمام بالابتداع في الجزئيات ولم يولوا نفس الاهتمام إلى ما نقص في الكليات، وعلى رأسها السعي إلى التحلي الباطني بالإيمان وما يترتب عنه من العمل الصالح.

وعلاوة على ذلك، استحضر السيد التوفيق قول عمر ابن الخطاب رضي الله “يزع الله بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن” للإشارة إلى أن الدافع الذي يعمل في نفوس الناس للقيام بالعمل الصالح وتجنب العمل الفاسد إما أن يكون سلطة الشرع أي القانون التي يسندها الزجر والردع، وإما أن يكون سلطة الإقناع والاقتناع من خلال التذكير بمراد الله في الناس، مضيفا أن رأي سيدنا عمر هو أن العامل الأول في عصره صار أبلغ في التأثير من العامل الثاني.

وعموما، يضيف المحاضر، فإن وازع القرآن “إما هو غائب غيابا تاما بسبب غياب المبلغين وإما أنه حاضر ضعيف الأثر بسبب ضعف منهج التبليغ أمام درجة عالية من غلبة إغراء الدنيا وفتنتها على الناس”.

وأكد السيد التوفيق أن “دور الدولة يمكن أن يتصرف في التمكين من الحياة الطيبة من خلال برنامجها في التنمية، أما المبلغون وهم العلماء والمربون الروحيون، فرأس الحكمة التي يتعين عليهم أن يبثوها في نفوس الناس قبل كل شيء هو التوحيد الذي يكسب الحرية إزاء الأغيار ويكسب المناعة الضرورية أمام الإغراء، والمطلوب تبليغ واضح بالقول تعززه القدوة وترافقه المتابعة الميدانية”، مشيرا إلى أن المبلغين يمكن أن يصرفوا هذه التربية عبر جميع القنوات، وأهمها المسجد وجماعة المسجد والعائلات والمدرسة ووسائل الإعلام التقليدية والجديدة.

وفي السياق ذاته، أضاف المحاضر أن القرآن نص على أن توفر شروط العبادة، يدخل فيها توفر الأمن من الجوع والأمن من الخوف، موضحا أن هذا التضامن هو البرهان الوحيد على أثر التبليغ الموروث عن النبوة؛ أثر لا يظهر في حياة الفرد وكفى، بل ينبغي أن يظهر في تخفيض كلفة الدولة، لاسيما على صعيد الأمن الداخلي والقضاء والصحة بجميع جوانبها.

وأكد، في هذا الصدد، على أن المبلغين مدعوون إلى القيام بواجبهم في تنمية وازع القرآن، وهو الغرض الذي كان وراء تأسيس أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس المجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه جلالته، مضيفا أن الحكمة المطلوبة من العلماء هي الاجتهاد في العمل بما يجعل الخطاب الديني هادفا بنيويا يراعي الأولويات، وذلك بمراعاة ضوابط يرسمها العلماء رسما جمعيا مجموعيا غير مسبوق.

وبالموازاة مع ذلك، قال المحاضر “إذا قدر الله أن يفلح هذا التبليغ، فمن شأنه أن يقيم التدين على متوالية جوهرية من ستة حدود تتمثل في إيمان يثمر التوحيد، وتوحيد يثمر التزكية (التخلص من الأنانية)، وتزكية تثمر المحبة، ومحبة تثمر العطاء، وعطاء يثمر حياة طيبة، وحياة طيبة تثمر التخفيض من التكاليف المادية والنفسية بالنسبة للأفراد والجماعات.

وأضاف أن من شأن التقاء ثمرات هذا التبليغ مع برامج الدولة أن يؤدي إلى نموذج تتمناه الإنسانية، مضيفا أن النبهاء يعتبرون أن للمملكة المغربية مؤهلات لتحقيق هذا النموذج، بسبب التمسك بالدين والاجتهاد في الأخذ بكل ما ينفع الناس من أمور العيش وآليات العدل.

وتابع السيد التوفيق بأن “الاقتناعات الذاتية يمكن أن توجه إلى السلوك النافع، وقد تكون هذه الاقتناعات بخلفية مجتمعية أو إنسانية تسمى عادة بالمدنية، ولا علاقة لها بالدين، كما هي الحال في بعض البلدان غير المسلمة”، مؤكدا أن عمل الإنسان كله ذو أثر محقق بمقتضى عدل الله تعالى، سواء صدر من المؤمن أو من غير المؤمن، إلا أن عمل المؤمن يتميز بحضور القصد والمعنى، وينفع في الدنيا والآخرة.

وخلص وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى القول إن طاقة الإيمان “طاقة هائلة في الأمة تستدعي الاستثمار في تمكين تنمية شاملة تبدأ من الإنسان وتنتهي إليه”.

وفي ختام الدرس الافتتاحي من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية، تقدم للسلام على أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كل من الأساتذة شوقي علام مفتي الديار المصرية، والشيخ محمد منصور سي ممثل الخليفة العام للطريقة التيجانية بالسنغال، والشيخ محمد ماحي ابراهيم نياس خليفة صاحب الفيضة التجانية، والشيخ مصطفى صونطا خليفة الطريقة التيجانية رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بكوت ديفوار، والشيخ مصطفى دياترا مستشار الخليفة العام للطريقة المريدية بالسنغال، والشيخ عبد الرحمان كنتا ممثل الناطق الرسمي باسم الطريقة القادرية في انجاصا بالسنغال، وحسن المناعي الأستاذ بجامعة الزيتونة وعضو المجلس الإسلامي الأعلى بتونس، ومحمد عبده الزبير رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بمالي، ولانغا دولاني فنسنت زيد رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بجنوب إفريقيا، وعبد القادر شيخ ابراهيم رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالصومال.

Categories
متفرقات

جلالة الملك محمد السادس يعزي أفراد عائلة الراحل عبد الواحد الراضي

عماد سطات

 

بعث الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي ورئيس مجلس النواب الأسبق، عبد الواحد الراضي، الذي توفي يومه الأحد، خارج أرض الوطن عن عمر يناهز 88 سنة.

وقال الملك ضمن هذه البرقية: “تلقينا ببالغ التأثر وعميق الأسى نبأ وفاة المشمول بعفو الله ومغفرته، الأستاذ عبد الواحد الراضي، الذي لبى داعي ربه راضيا مرضيا، في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الفضيل”.

وبهذه المناسبة المحزنة، أعرب الملك محمد السادس لأفراد أسرة المرحوم ولكافة أهلهم وذويهم، ومن خلالهم لعائلة الراحل السياسية الوطنية، وفي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ولكافة أصدقائه ومحبيه، عن “أحر تعازينا وأصدق مشاعر مواساتنا في هذا المصاب الأليم، مستحضرين، بكل تقدير، مسار الراحل النضالي والسياسي الحافل بالعطاء وبالإخلاص والتفاني في خدمة وطنه، والدفاع عن ثوابت أمته ومقدساتها، في ولاء مكين للعرش العلوي المجيد”.

 

وتابع الملك: “كما نستحضر، بكل إجلال، ما كان يتحلى به فقيدكم العزيز من خصال رجال الدولة الكبار، المشهود له بدماثة الخلق، وبالغيرة الوطنية الصادقة، وبالحنكة السياسية العالية، وبالنزاهة والاقتدار في مختلف المهام السامية، الحكومية والبرلمانية والجامعية، التي تقلدها، سواء في عهد والدنا المنعم، جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، أو تحت إمرة جلالتنا”.

وأضاف الملك محمد السادس في برقيته: “وإذ نشاطركم أحزانكم في هذا الرزء الفادح الذي لا راد لقضاء الله فيه، فإننا نسأل العلي القدير أن يعوضكم عن رحيله المحزن جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يجزيه الجزاء الأوفى عما أسداه من جليل الخدمات لوطنه، ويتقبله في عداد الصالحين من عباده”.

 

“يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي”. و”إنا لله وإنا إليه راجعون، صدق الله العظيم”.