Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات سياسة

الجمعيات بين النص الدستوري وواقع الممارسة في مقاطعة مولاي رشيد

حسيك يوسف

ما جرى في دورة مقاطعة مولاي رشيد يعكس صورة قاتمة عن وضعية المجالس المنتخبة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. فقد بدا واضحاً أن المجلس أصبح متشتتاً في آرائه، حيث لجأ عدد من المستشارين إلى استقدام جمعيات تابعة لهم، هدفها خلق الفوضى داخل الجلسات، ومحاولة خداع جمعيات المجتمع المدني الجادة وهضم حقوقها الدستورية.

الدستور المغربي في فصوله 12 و13 و139 كان واضحاً في منح الجمعيات حق المراقبة والاقتراح وتقديم العرائض، كما ألزم المجالس بفتح قنوات التشاور والحوار. لكن الواقع المحلي يكشف أن هذه المقتضيات كثيراً ما تُفرغ من مضمونها بسبب صراعات انتخابوية ضيقة، تجعل الجمعيات الجادة في موقع الضحية.

في مقابل هذا المشهد، تميزت الدورة بمداخلة المستشار عبد الهادي تواتي جلاب، الذي قدّم درساً في تقبل الرأي الآخر وفي إعادة الاعتبار للمجتمع المدني، مؤكداً أن الجمعيات لا يمكن أن تبقى مجرد متفرجين أو مُصفقين، بل قوة اقتراحية ورقابية في إطار القانون والدستور.

اشار المستشار في محاولته لتوعية بعد ابناء المنطقة والجمعيات لبعض حقوقهم الدستورية الفصل 139:

ينص على أن مجالس الجهات والجماعات الترابية تضع آليات تشاركية للحوار والتشاور، وتسمح للمواطنين والجمعيات بتقديم عرائض لطلب إدراج نقاط في جدول أعمالهم.

غير أن ما يثير القلق حقاً هو إصرار بعض المستشارين على تحويل الجمعيات إلى أدوات انتخابية تُستعمل لتصفية الحسابات وإرباك الدورات، عوض أن تكون فضاءً ديمقراطياً يساهم في التنمية المحلية. هذه الممارسات لا تسيء فقط لصورة المجلس محلياً، بل تضر بصورة المغرب ككل، خاصة أن الفضاء الرقمي أصبح مرآة تعكس هذه الانزلاقات إلى العالم.

إن الديمقراطية التشاركية ليست ترفاً دستورياً، بل آلية لضمان شفافية التدبير المحلي وربط المسؤولية بالمحاسبة. لذلك فإن استمرار هذا العبث داخل المجالس يعمق أزمة الثقة بين المواطن ومؤسساته، ويُفرغ الخطاب الرسمي عن إشراك المجتمع المدني من محتواه.

ما وقع في دورة مولاي رشيد لم يكن مجرد اختلاف في الآراء، بل كان مسرحية انتخابوية رديئة الإخراج، حيث أضحى همّ بعض المستشارين هو جرّ الجمعيات إلى لعبة الفوضى بدل فسح المجال أمام النقاش الرصين.

على السلطات الوصية أن تتحمل مسؤوليتها في وقف هذا العبث، وعلى الجمعيات الجادة أن تتمسك بحقها الدستوري في المراقبة والاقتراح. الديمقراطية المحلية ليست هبة من أحد، بل حق يكفله الدستور، ولا يجوز أن تُختزل في صفقات انتخابوية أو فوضى مفتعلة.

Categories
أعمدة الرآي جهات

عمالة عين الشق: غياب تطبيق المسطرة القانونية لتأسيس الجمعيات

حسيك يوسف

تعتبر الجمعيات من العناصر الأساسية في بناء المجتمع المدني، حيث تلعب دورًا حيويًا في تعزيز المشاركة المجتمعية وتلبية احتياجات المواطنين. ومع ذلك، تواجه عمالة عين الشق تحديات كبيرة فيما يتعلق بتطبيق القوانين المنظمة لتأسيس الجمعيات، مما يثير تساؤلات حول مدى احترام السلطات المحلية للأطر القانونية.

ينص الفصل الخامس من الظهير الشريف الخاص بتأسيس الجمعيات على مجموعة من الإجراءات التي يجب اتباعها لتأسيس جمعية. يتطلب القانون من كل جمعية تقديم تصريح إلى مقر السلطة الإدارية المحلية، مع الحصول على وصل مؤقت يؤكد استلام الطلب. كما يُلزم القانون السلطات المحلية بإبلاغ النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المختصة بالتصريح، لتمكينها من إبداء رأيها. وعند استيفاء الإجراءات، يُسلم الوصل النهائي خلال 60 يومًا. وفي حالة عدم تسليمه، يمكن للجمعية ممارسة نشاطها وفق الأهداف المحددة في قوانينها.

تشير الشهادات الواردة من الجمعيات المحلية إلى أن السلطات لا تقدم الوصل المؤقت عند تقديم طلبات التأسيس، وهو ما يعد خرقًا صريحًا للمادة الخامسة من القانون المنظم لتأسيس الجمعيات. بدلاً من ذلك، تواجه هذه الجمعيات تجاهلاً واضحًا، وأحيانًا ردود فعل غير مبررة من قبل المسؤولين، مما يزيد من شعور الإحباط لدى الراغبين في ممارسة أنشطتهم المدنية.

عندما تسعى الجمعيات للحصول على توضيحات بشأن هذه الممارسات، تُقابل عادةً بتعليقات غير مرضية، بل وقد تتعرض للسخرية وعدم المبالاة من قبل بعض موظفي الإدارة. هذه التصرفات تعكس عدم احترام للقوانين وتجاوزًا للسلطات، مما يطرح تساؤلات حول دور وزارة الداخلية في التصدي لهذه الممارسات غير القانونية.

رغم وجود هذا الإطار القانوني، تواجه الجمعيات في عين الشق عقبات عديدة. تشير التقارير والشهادات من الجمعيات المحلية إلى أن السلطات المحلية تتجاهل هذه الإجراءات، حيث لا تُسلم الوصل المؤقت عند تقديم الطلبات. هذا الوضع يحرم الجمعيات من حقها القانوني، ويؤدي إلى شعور بالإحباط وعدم الثقة تجاه السلطات المحلية.

ان عدم احترام القوانين يسهم في تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب، مما يعيق التقدم الاجتماعي.

لذلك، يُعتبر التدخل من وزارة الداخلية أمرًا ضروريًا لضمان تطبيق القوانين بشكل عادل وفعال. يجب تعزيز الشفافية والامتثال للقوانين من قبل السلطات المحلية، واحترام حقوق الجمعيات وتمكينها من أداء دورها في المجتمع،فلا اجتهاد في حضور النص والنص واضح وصريح.

إن تعزيز ثقافة احترام القوانين يعد خطوة أساسية نحو بناء مجتمع مدني قوي ومتفاعل. يحتاج الأمر إلى إرادة سياسية واضحة وإعادة النظر في الممارسات الحالية لضمان بيئة قانونية تشجع على تأسيس الجمعيات وتفعيل دورها في المجتمع.