بوادر العمل الجمعوي المغربي بجنوب إيطاليا تحتاج للبناء
بقلم ذ. أحمد براو
إن دور الجمعيات الثقافية والإجتماعية والرياضية والتطوعية والبيئية… هو نشر المعرفة والوعي وثقافة المشاركة في تدبير الشان العام، وتلعب دورا مهما كوسيط بين أفراد المجتمع والدولة، بحيث تذلل العقبات أمام المؤسسات وتقدم الإستشارات والمعلومات وتساعدهم على فهم مكنونات المجتمع وحاجياته لمعرفة مدى ومستويات حقوقهم المدنية، ثم من جانب آخر بفضل احتكاكها بالقاعدة الجماهيرية تعمل على أن تُكوّن الأفراد وتهذّبهم وتطوّر مهاراتهم الفكرية وتعمل على تعبئة مجهوداتهم الفردية والجماعية من أجل المزيد من العطاء والبذل في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتأثير في السياسات العامة وتعميق مفهوم التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع، كما تزيد من الحس الوطني عن طريق إصلاح الأفراد ليكونوا مواطنين إيجابيين يتفاعلون مع القضايا العامة التي تخص الدولة والمجتمع.
– دور الجمعيات تسهيل المهمات
والجمعيات بهذه الأفكار والتوجهات تؤدي دور الميسر والمسهل على الإدارة ومؤسسات الدولة للإستجابة للمطالب وحل المشاكل ورفع المظالم وتقديم الخدمات المجانية خاصة لفئات المجتمع الهشة كالمرضى والعجزة والمسنين والأطفال وذوي الإحتياجات الخاصة والمشردين والمعنّفين والأجانب، والجاليات ،والأقليات الإثنية واللغوية، عن طريق إنجاز المشاريع وتحرير الخطاطات ودراسات الجدوى وتقديم المقترحات وإمضاء الإتفاقيات وتوقيع الشراكات، وكذلك تنظيم التظاهرات والمهرجانات، واللقاءات والفعاليات، والمطالبة بالدعم المادي والمعنوي لتنظيم المبادرات وإنجاح المشاريع، الهدف منها تحقيق المطالِب الملحة التي يعاني منها المواطنون والجاليات ولتحقيق الحد الأدنى من الإحتياجات الإجتماعية والثقافية والرياضية والترفيهية. وبالطبع فبما أن عملها غير ربحي ولا يهدف إلى المدخول المادي فهو بذلك عمل تكافلي تضامني راقي وعمل نضالي يسعى لتحقيق الصالح العام والمنفعة التي تعود على الجميع بالخير والمساهمة للنهوض والتطور وبناء الفرد والمجتمع وإشراكه في العملية التنموية عن طريق المقاربة التشاركية.
– أهداف الجمعيات المغربية الفاعلة في الجنوب
هذا باختصار هو عمل الجمعيات التي لابد منها في عالمنا الحاضر. ونحن كفاعلين مغاربة جمعويين متطوعين في المجتمع المدني بجنوب إيطاليا هدفنا هو الإرتقاء بهذا العمل الجليل وجعله أحد أولوياتنا في المراحل المقبلة لكي نحقق العديد من الإنجازات الآنية والمستقبلية تتجلى أولا في تطوير العقلية وترسيخ المفاهيم الصحيحة وتغيير القناعات وبالتالي المساهمة في تقديم الخدمات وإيصال الحقوق المدنية لمستحقيها من الجالية المهاجرة بصفة عامة وللمغاربة خصوصا الذين يعتبرون أحد أعمدة الفئة المهاجرة عددا وعدة، كمّا ونوعا، ولتوجيه هذه الجالية المثابرة والصابرة، توجيها صحيحا لتسلك السبل الكفيلة لتحقيق الأهداف النبيلة للعمل الجمعوي التطوعي، وجعله يحظى بالإهتمام والثقة، وهذا لا يتأتى إلا بمضاعفة الجهود والمثابرة المستمرة التي لا تلين ولا تنحني أمام العقبات والنكسات، وتحتاج أيضا لطول نفس وحكمة وتبصر، وصبر وتحمّل، ولين الجانب وجبر الخواطر، وإصلاح ذات البين، وإخلاص النية، ثم لابد من حسن الإستماع لبعضنا البعض والتشاور والتزاور والتقارب والتعارف، ونبذ التشكي والمظلوميات وَالتصنع والبكائيات فكم من طاقات استهلكت ومن أفكار ماتت ومن كفاءات استبدلت وأوقات ضاعت فقط بأسباب تافهة ومعاملات سيئة وكلمات جارحة لم يلق لها بال هوت بأصحابها وفرقت جماعتهم وفضت ملاقاتهم واكتوى بنارها من كان سببا في إهدار فُرصها.
– أهمية الموارد البشرية والكفاءات التربوية
إن هذا العمل الجمعوي يحتاج إلى موارد بشرية متطوعة وطاقات معطاءة من شباب هذه الجالية تسهر على توحيد الفكرة وجمع القلوب عليها وعدم التأخر أو التراخي من أجل تحقيقها كما تحتاج إلى تربية متجددة وتنمية مستدامة وإجماع تام بدون ترك خلفنا أي فئة، أو مجموعة أو فرد إلا وله معنا نصيب منها، لأن خسارة واحد منا هو خسارة لنا كلنا، وربحه ربح للجميع، يزيد من تقوية عضدنا ويشد حبلنا وينمى عملنا ويحقق مطالبنا.
هذا المورد البشري لابد أن يكون متنوعا يقوده من هو أكفأ وأولى وأقدر على القيادة، ويشد إزره معه من يستحق أن يواكبه ويسانده من الذين راكموا التجارب، وحظوا بالقبول، وحققوا الإنجازات، لكي يُعطى كل واحد حقه ولا يُبخس عمله. الكفاءة إذن والإستحقاق هما أن تتخصص في مجالك وتتقنه وتحسن صنيعه وصنعته وتترك بصمته، وتكون أحق من يتولى المرتبة ويشغل المنصب ويتحمل المسؤولية، والقائد المربي لابد أن يكون ربانا ماهرا يبحر بالسفينة إلى شاطئ الأمان، ينشر الخير وينفع العامة، لا يألو جهدا ولا يتراجع عن المسير ولا يتعثر في الطريق.
هذا باختصار هو نهجنا في جنوب إيطاليا وبالضبط بكالابريا تلك المنطقة الجنوبية النائية أفقر الجهات بإيطاليا رغم مواردها الضخمة وتضم أكثر من 20 ألف مغربي ومغربية، فقد ارتأينا أن نؤسس تكتلا نوحّد داخله جميع الجمعيات المدنية والدينية والثقافية والإجتماعية، ذات الهوية المغربية،هدفنا واحد وأملنا هو تحقيق ما تصبو إليه جاليتنا المغربية لأنه طال الزمن بنا ونحن هنا لأكثر من ثلاثين سنة، ولازلنا نتخبط في المشاكل المتعددة، الإقتصادية منها والإجتماعية والثقافية، نعاني من التهميش والتحقير من جميع الجهات المختصة سواء المحلية أو الوطنية كنا نعاني في صمت حتى تكوّن التكتل الذي يدعى فوروم مغاربة كالابريا الذي أصبح اللسان الناطق وكان بحق هو الإطار الذي اجتمع بداخله زبدة رجال العمل الجمعوي المغربي في الجهة رغم أننا لازلنا نعاني من بعض المشاكل التنظيمية والتواصلية والتشاورية وهذا لن يزيدنا إلا إصرارا للسير على نهج الإصلاح والصلاح والعمل بإخلاص وتفاني رفقا بجاليتنا وأجيالنا القادمة.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق