فريد حفيض الدين * التطبيع مع الغش * العدد(62) 23/06/2023
في المجتمعات التي يعشعش فيها الغش ، وينخر جميع مناحي الحياة ، تنهار الأخلاق والقيم الإنسانية ، وتضيع حقوق المواطنين ، ويغيب العدل ويصبح المجتمع عبارة عن غابة يتسيد فيها القوي على الضعيف ، والغني على الفقير ، والحاكم على المحكوم.
الغش ليس وليد اليوم ، ولا يخص مجتمع دون غيره. ما يختلف هي مستويات انتشار الغش ، وطرق التصدي له ، والقوانين المؤطرة لمحاربته وزجرالغشاشين….
وهذا ممكن ، إذا توفرت لدى الدولة الإرادة السياسية ، ولدى المواطنين الرغبة في ذلك. ولنا في الدول الإسكندنافية خير مثال على ذلك.
داخل هذه الدول مستويات الغش جد محصورة بل ، وتكاد تختفي ، ولا تأثير لها على سير حياة المواطنين. عكس ذلك ، هناك دول طبعت مع الغش ، وأصبح سلوكا عاديا ، حتى لا أقول روتينا يوميا.
في المغرب لا يختلف عاقلان كون الغش متجدر ، ويطبع جل معاملاتنا اليومية سواء بين الأفراد في ما بينهم ، أو بين الأفراد والمؤسسات الرسمية أو الخصوصية. الجميع يقبل بالغش ولا ينتقده إلا حين يتظرر منه ، ويكون أحد ضحاياه. ما عدا ذلك ، الكل يعمل بمبدأ ” الله إجعل الغفلة بين البايع والشاري ”
للأسف حتى منظومة التربية والتعليم لم تسلم من ظاهرة الغش.
ورأينا كيف أن تلاميذ المؤسسات التعليمية ، على الأقل نسبة منهم يستعملون طرقا متنوعة للغش عند الامتحانات ، وخاصة الإشهادية منها ، كإمتحانات الباكلوريا. وعوض التحضير لدخول الامتحانات ، أصبح التحضير هو الاستثناء ، والغش هو القاعدة. رأينا تلاميذ يصرحون أمام كاميرات بعض مواقع التواصل الاجتماعي ، كيف هيؤا للامتحان عن طريق ما يسمونه ب ” النقلة ” ويستعملون لذلك تفنيات تكنولوجيا المعلوميات بما فيها الهواتف الذكية ، وآليات تكنولوجية أخرى. ومنهم من يشتكي من دون خجل ، حرمانه من النقلة…
أما داخل باقي المؤسسات ، يحضر الغش بدرجات عالية ومخيفة. وأصبح اللجوء إلى مختلف وسائل الغش أمر عادي…
الغريب أن لنا في المغرب ترسانة من القوانين لمحاربة الغش ، ومؤسسات دستورية باختصاصات وصلاحيات لفضح الغش ، والتبليغ عنه. ومؤسسات أخرى لقمعه ، وسجن الغشاشين الذين تثبث إدانتهم.
غير أن القوانين لا تطبق بما فيه الكفاية ، ولا تشمل الجميع. ما يعني أن العدالة تستثني البعض لاعتبارات نعرفها جميعا….
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
” من غشنا فليس منا ”
للأسف ، أعداد من لاحظ لهم لن يكونوا مع الرسول(ص) يعدون بالملايين….
الله اهدي الجميع!!!
هاذي فهامتي و هذا جهدي
Share this content:
إرسال التعليق