جاري التحميل الآن

ما بين الاحترام والاحترام…

لميا أ. و. الدويهي.لبنان

لعلَّه يتوجَّبُ عليَّ نشر سلسلة مُرقَّمة تحت عنوان وجهة نظر…
فمن هنا البداية: لكلٍّ منَّا وجهةُ نظرِه ورأيهُ وآراؤه وقراره وحُقوقه و«حُريَّته» الشخصيَّة التي يجبُ على الجميع، وبدون استثناء، احترامها واحترام حتَّى أدنى رغباتهم الخ… ولو لم نكن نوافق عليها…
ولكن، أظنُّ بأنَّ احترامَ الآخرين لا يعني القبول باستعراضِهم لشؤونهم الخاصَّة والشخصيَّة والعاطفيَّة والحميميَّة، بطريقة علنيَّة، لمجرَّد حاجتهم للتَّعبير عن مشاعرهم وذاتهم ومعتقدهم ورأيهم وميولهم… هذا أمر شخصي بحت وحميميّ وله قُدسيَّتُه… وليس علينا التصرُّف بهِ وكأنَّه فيلمٌ يتمُّ عرضهُ وبدون استئذان… مَن يرغب بالمُشاهدة، فلهُ ملءُ الحريَّة بذلك، مَن يرغب بالتعبير، هو حرٌّ بجسده وباحتياجاتِه وإنَّما ليس بالعلن…
ولا أفهم هؤلاء الذين يعيشون العلاقة بكاملها وبحريَّة تامَّة ومُطلقة، بدون قَيد أو شرط، أكانوا طبيعيِّين أم مِثليِّين، حين يبدأون يُطالبون بخلق أُطرٍ لعلاقاتهم وهم منذ البداية لم يلجوا إلى هذه الأُطر أو حتَّى لم يحترموها ليعودوا ويُطالبوا بها لاحقًا؛ والمُضحك كيف تتغيَّرُ الآراء عندما يتعلَّق الأمر بشيءٍ أساسي وحيويّ لديهم مثلًا كالأولاد والعائلة، حينها تُرفع الرايات لتغيير وتعديل قوانين مُعيَّنة- نعم هناك حاجة مُلِحَّة لتعديل بعض القوانين وحتَّى تغييرها جذريًّا وإنَّما ليس طبقًا لنزوات وأهواء وإنَّما لأصول ومعايير تحترم وترعى وتحمي الإنسان وكرامته…
إنَّنا ننسى بأنَّنا نتطوَّر وقرارُ اليوم قد يكون مُغايرًا لما سنكون عليه غدًا، وقد يكون ما هو مُفيدٌ لنا اليوم، غيرَ نافع لنا ولـ«حاجاتنا» مُستقبلًا، وقد نرتدُّ عنه، وهذا موضوعٌ آخر يحتاج إلى التَّفصيل والبحثِ فيه بعُمقٍ وتدقيق ولا مجال للتطرُّقِ إليه الآن- عدا عن كونِنا غالبًا ما نَنسُبُ كلَّ نزوة أو رغبة للـ«حب»…
الحبُّ هو أعمق من كل تلك الصِّفات والنزوات التي تُشبَّه له؛ فللحُبِّ ركائز، غالبًا ما يتخلَّى عنها «الأحبَّة» عندما يصطدمون بمواقف، لا يستطيعون فيها أن يثبتوا على «الحبِّ» الذي يتحدَّثون عنه أو يرفعون راياتِه من دونِ أن يعرفوه حقَّ المعرِفة…
كيف يثبتُ الحبُّ إن كان الفردُ قادرًا على التحوُّل؟… أو أن يُحبَّ أحدهم اليوم وغدًا يغدو المحبُّ شخصًا آخر؟…
إذًا، إنَّنا نحنُ مَن يتغيَّر، إنَّنا نحنُ مَن يتحوَّل، إنَّنا نحنُ مَن تختلفُ وجهات نظرنا والزوايا التي ننظرُ منها… إنَّنا نحنُ مَن يحاول قراءة نفسه، على ضؤ خبرة مُعيَّنة، ولا أدري إن كنَّا دائمًا ننجح ببلوغ قممًا في النُّضوج لنحكمَ بصواب في أمورِ الحبِّ وغيره من شؤونِ الحياة والمواقف الإنسانيَّة… والدليل، الفشل الذي نُعاني منه في علاقاتِنا الخاصَّة- إن التزم أحدُ الطرفَين والطرف الثاني تخاذل، لا يعودُ من مجال لضبطِ إيقاع نغمات أيّ علاقة…
قبلَ أن ننسُبَ الحبَّ لكلِّ الحالات، علينا أن نفهمَه وندركَ قوامَه وبالأخص نفهم ذواتَنا، لنعرفَ إن كنَّا قادرين على التَّضحية مثلًا، ليستمرَّ وينموَ هذا الحب، مع العلم بأنَّ هذا الموضوع، موضوع التَّضحية، أيضًا حسَّاس، لأنَّ هنالك مَن يختلط عليه الأمر فيُصبح ضحيَّة استغلال ولا تعودُ التَّضحية تحملُ معناها الحقيقي والسَّامي…
كي لا أستطردَ كثيرًا وأتشعَّبَ في المواضيع، أعودُ إلى نقطة الإنطلاق، إحترام الإنسان وحقوقه ودينِه وهويَّتِه ولونِه ميولِه… وكل ما يتعلَّقُ بالإنسان، هو أمرٌ مُقدَّس… وما قد يُزعجُ البعض، ممكن ببساطة أن يتمَّ تحاشيه، ولكن أن تُفرضَ أمورٌ شخصيَّة وحميميَّة وخاصَّة، بالعَلن، فهذا لا يحترمُ حقَّ الطرف الآخر الذي يُلزَمُ بقبولِ أمورٍ هي صعبة بالنسبةِ إليه اليوم، علمًا بأنَّها قد تختلف وجهات النَّظر مع الوقت وتصبحُ كلُّ هذه المُعضلات مَقبولة وبديهيَّة…
في كلتا الحالَين، لدى الأشخاص الطبيعيِّين- وهنا لا أقصد بأنَّ المثليِّين ليسوا كذلك، وإنَّما طبيعة العلاقة التي يعيشونها، لأنَّ الله في البدءِ خلقهما ذكرًا وأنثى، ولأنَّه من هذه العلاقة الطبيعيَّة يتمُّ الإنجاب واستمرار البشريَّة… كما لا أقصد الإساءة إلى أحد، خصوصًا بأنَّ العلم اليوم يُعطي تفسيراتٍ حول «طبيعة» ما يجري مع هذه الفئة من الناس وبات العاملون في مجال العلوم السلوكيَّة والاجتماعيَّة والمهن الصحيَّة والنفسيَّة على صعيدٍ عالمي، يعتبرون بأن المثليَّة الجنسيَّة هي شكلٌ صحيٌّ من أشكال التوجُّه الجنسي عند البشر (منقول) … أعودُ وأُشدِّد على ضرورة الاحترام المُتبادل بدون خبثٍ والتلطِّي بخيال أحكامٍ مُسبقة تُسيءُ لصورةِ الخالق في الإنسان، لأنَّه قد أرادهُ منذُ البدءِ لمجدِه…
لميا أ. و. الدويهي
٢٦ /٦ /٢٠٢٢

مقال يعبر عن رأي صاحبه وليس بالضرورة رأي مع الحدث

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك