العدد (46 ) من** هذا جهدي عليكم * …….*حريرة كوميديا رمضان
بقلم حفيض الدين
لم يعد توظيف التلفزة المغربية لبرامجها الرمضانية يثير كثير انتباه، أو حتى غضب المشاهدين وخاصة ما يعرف بالبرامج الكوميدية من سيتكومات، وسكيتشات، وكاميرات خفية-ظاهرة لأن الجميع تعود على ذلك. نفس البرامج، بنفس المضامين، ونفس الوجوه. لا شيء تغير او سيتغير على ما يبدو.
حتى الحريرة تتغير أحيانا
” حموضيتها ” من طنجرة الى أخرى، ومن مائدة الى اخرى، على عكس حموضية
الحريرة الفكاهية الرمضانية التي تأبى أن تغير طعمها.
للأسف اصبحت هذه البرامج تدار بشكل ممنهح، حتى لا اقول متعمد. وإلا كيف تتماطل تلفزتنا على برمجة هذه المهازل الفكاهية، واللتي لا تتلائم والذوق الفني للمشاهد المغربي والذي يصعب معه اخد إبتسامة بمثل ما يقدم له من رداءة فنية بعد يوم من الصيام.
هناك استثناءات محدودة تبرمج غالبا خارح أوقات الدروة..
والسؤال هنا، هو لماذا كل هذا الإصرار على مواصلة تقديم برامج هزلية بهذه الردائة المسماة بهثانا وعدوانا بالكوميدية، برغم كل الانتقادات الموجهة لها من طرف الجمهور والنقاد على السواء.
قد يقول قائل ان هذه المناسبة فرصة للمسؤولين على الشأن التلفزي الوطني لتوفير أرباحا مالية مهمة لا يمكن تحصيلها خلال باقي أيام السنة. ثم إنها المناسبة الوحيدة التي بإمكانها جمع كل العوائل المغربية على طاولة الإفطار، وفي نفس التوقيت تقريبا. وبالتالي يرى المسئولون انها فرصة لجلب أكبر عدد من شركات الإشهار والمستشهرين لتمويل هذه الأعمال الفنية الرمضانية.
قد نجد هذا تبربرا مقبولا إلى حد ما. لكن بالمقابل،هناك واجبات لهذه المؤسسة الإعلامية على الجمهور وذلك :
أولا باحترام الذوق والحس الفني للمشاهد بهدف رفع مستواه ووعيه الجمالي والفني والنقدي.
ثانيا بإخضاع كل الأعمال الفنية المرشحة لدفتر تحملات دقيق ومقنن، يضمن ويحدد واجبات وحقوق كل طرف، عوض الخضوع لرغبات شركات الإنتاج الهادفة للربح ولو على حساب الجودة الفنية للأعمال المرشحة.
ثالثا لماذا وكما كان معمول به من قبل، تقديم كل الأعمال قبل قبولها الى افتحاص وتدقيق ومراجعة فنية وأدبية، من قبل لجان خاصة لهذا الغرض تتكون من نقاد ومخرجين كبار، واعلاميين، وفنانين لفرز الأعمال التي تستوفي فيها شروط العمل الفني المتكامل، والقابل لأن يقدم للمشاهد في وقت مشاهدة كبيرة، وشهر فضيل.
رابعا، لماذا كل هذا الإصرار على هذا النمط من الاعمال من دون غيرها، هناك مثلا اعمال فنية دينية وروحية تتلائم وطقوس شهر رمضان.
خامسا، هناك اعمال درامية قديمة تؤرخ لفترات زمنية وتاريخية وطنية تمكن هذه الأجيال من استحضار ماضيها الفني المتنوع والغني بثراث المغرب المتعدد الثقافات.
هناك ما يكفي من الأفكار و الإقتراحات، والمختصين في الإعلام والتاريخ ومختلف الفنون لخلق دينامية فنية تساير العصر وتتماشى مع ثقافة واذواق المغاربة الفينة بمختلف توجهاتهم الإبداعية والفكربة. اللهم إن كانت هناك نية مبيثة لتبقى دار لقمان على حالها، او أن هناك مسؤولين يعملون بمبدأ ” أعطيني نعطيك ” او كما يقول اهل مكناس حُك ليا نحُك ليك ”
يمكن مثلا في إطار حلحلة هذا الوضع الفني المتردي ان تقوم وزارة الثقافة والإعلام بوصفها الوصية عن الفن و الفنون،بالجلوس على مائدة إفطار مع اللجنة البرلمانية المختصة بالمجال الثقافي، ونقابة الفنانين، والجمعيات الثقافية والفنية ،وجمعيات من المجتمع المدني، وكل من له صلة بالميدان الفني لتحريك قاع طنجية هذا الحريرة الفنية الفكاهية الرمضانية الحامضة…
*هذا جهدي عليكم!!!*
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق