بيان من النقابة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين بالقطاع الخاص بالمغرب.
مع الحدث البيضاء.
في بيان استنكاري شديد اللهجة أعلنت النقابة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين بالقطاع الخاص عن رفضنا التام لمشروع قانون رقم 50.22 المتعلق بمالية سنة 2023، والذي ثم بوجبه خوض شكل نضالي ثمتل في تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان يوم الخميس 17 نونبر 2022 على الساعة 11 للمطالبة بإسقاط ما تضمنه مشروع المالية من حجز إدارة الضرائب على دخل المهندسين المساحين الطبوغرافيين وباقي، المنتسبين للمهن الحرة، و اقتطاع 20% من رقم معاملاتها من المنبع، وهو ما يشكل انقلابا تشريعيا حقيقيا حيث أزاحت الحكومة النظام الجبائي التصريحي الذي ظل سائدا بالمملكة المغربية لعدة عقود وإلى غاية سنة 2022، والذي يقوم على التصاريح التلقائية للمهنيين تحت المراقبة البعدية لإدارة الضرائب وينتهي بأداء الضريبة، و أن الحكومة قامت في مشروع القانون المذكور بتضريب رقم المعاملات عوض الربح الصافي ضدا على كل مبادئ العدالة الجبائية. كما أن مشروع قانون سنة 2023 قد خول إدارة الضرائب سلطات خطيرة تتمثل في إعمال شرع اليد ومدها لرؤوس أموال المهندسين، و ليس للربح الذي حققوه، والتي تنضاف للسلطات الواسعة والخطيرة التي كانت لها بالتشريعات السابقة، منها إمكانية سلب الحرية والحجز على الممتلكات وبيعها في المزاد العلني، مما ينم عن تركيز خطير وغير مسبوق للسلطات في يد إدارة الضرائب وسيؤدي حتما للاستبداد والتغول، والظلم والعدوان، على فئة واسعة من المواطنين المغاربة العزل، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى إفلاس قطاع الهندسة وباقي المهن الحرة ولن يترتب عنه إلا تدمير النسيج الاقتصادي المغربي بمشروع المالية لسنة 2023، والذي وظفته الحكومة كي تمد به يدها للاستيلاء ظلما وعدوانا على أموال واستثمارات المهن الحرة تحت عبارات ومساطير سميت تجنيا ب”الضريبة” و “الحجز من المنبع”، و الحقيقة أنها سطو مكتمل الأركان على أموال مهنيي المهن الحرة و سلب لها بقانون ظالم وجائر. لذلك فقد أعلنا عن رفضنا القاطع لما جاء به قانون المالية لسنة 2023 من إجراءات وقرارات، وذلك لما سيكون لها من تداعيات وخيمة على مهنتنا وباقي المهن الحرة إذ ستسرع في تدمير النسيج الاقتصادي المغربي وتعمق الأزمة الخانقة التي تعاني منها المقاولات والمكاتب الهندسية الطبوغرافية بسبب سنوات من المعاناة ابتدأت بسنوات كورونا التي انعدم فيها الدخل وبقيت فيها المصاريف وأجور المستخدمين مرتفعة، وتلتها الأزمة العالمية المتعلقة بحرب أوكرانيا والارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات وما ترتب عن ذلك من ارتفاع مهول لأسعار كل المعدات و المصاريف اللازمة للمنتوج الهندسي الطبوغرافي، مما أدى إلى تآكل مدخراتنا خلال السنوات الماضية، وأن فرض هذه الضريبة علينا بهذا الشكل وبارتفاع صاروخي ودون سابق إنذار، سيدفع بمهنتنا في براثين الفقر والهشاشة.
كما اعتبرنا بأن الحكومة تضرب في العمق كل الضمانات التي كان يوفرها النظام التشريعي التصريحي السابق للمهنيين من تواجهية وإبداء الملاحظات قبل الفرض الضريبي، وأن التصريح الضريبي الذي يقدمه المهني في ظل التشريعات السابقة كان يُعتبر تصريحا صحيحا حتى تثبت إدارة الضرائب بحجج وأدلة دامغة عدم صحته، مما يجعل المشرع السابق لهذه الكارثة والفاجعة التشريعية قد خفف عبء الإثبات على المهني و ألقى بثقله على الإدارة، مما يثبت بأن التشريع المُدرج في قانون مالية سنة 2023 هو قلب خطير للنظام الضريبي المغربي حيث سيصبح عبء الإثبات ملقى على الملزم المهني والذي سيصبح به هو من يجب عليه أن يثبت بأن وثائقه صحيحة ومعاملاته صحيحة وأنه لم يربح أقل من 20% من رقم معاملاته، من أجل استرداد المبالغ المالية المسلوبة، و هو ما يشكل اعتداءً خطيرا عليه لا يمكن رفعه إلا باللجوء للقضاء. وكأن لسان حال الحكومة بمشروع قانون المالية لسنة 2023 يجزم مسبقا بأن الملزم رابح ينبغي تضريبه على الأقل ب20% من رقم معاملاته إلى أن يثبت عدم تحقيقه لهذا الربح أو يثبت خسارته بحكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، وهي طريقة جديدة للسطو على أموال المواطنين باسم القانون و باسم الضريبة ومسوغات واهية كالصالح العام و تشجيع الاستثمار، فمن يريد فعلا تشجيع الاستثمار يدعم المقاولات ويحارب الفساد في الصفقات العمومية وهو ما قامت الحكومة بعكسه تماما إذ سحبت قانون الإثراء الغير مشروع من مسطرة المصادقة والتشريع بعدما كان المغاربة يعولون عليه لتطهير الإدارة وإنعاش الاقتصاد. الأمر الذي يثبت بأن نية الحكومة غير سليمة ولا تنتوي الإصلاح بل تبتغي تجريد الطبقة المتوسطة من أموالها والدفع بها نحو الفقر والهشاشة، وهو ما سيكون له تداعيات خطيرة على سوق الشغل حيث سيتم تسريح الآلاف من المستخدمين وستكون له نتائج كارثية على المجتمع المغربي وعلى اقتصاده.
كما أن رفضنا مبرر لأن خطورة هذه المقتضيات الإدارية التعسفية المدرجة في شكل تشريع بعد أن تم دسها في مشروع قانون المالية لسنة 2023، تتجلى في أنها تكشف للمغاربة أسلوبا خطيرا من أساليب العدوان على المواطنين بنقل التسلط عليهم من مجال ممارسة السلطة الإدارية إلى مجال التشريع والقانون، ليصير بذلك القانون ظالما، وتوظفه الإدارة بعد ذلك من أجل شرعنة تسلطها واستبدادها على الحقوق الاقتصادية للمواطنين وهو انحراف خطير عن المقاصد السامية والنبيلة التي أحدث من أجل تحقيقها الشعب المغربي سلطاته الدستورية بدستور 2011.
و قد فضح مشروع قانون المالية رقم 50.22 للسنة المالية 2023 وبالملموس بأن الحكومة تسارع الزمن من أجل الاغتيال الاقتصادي للمهن الحرة التي تدخل ضمنها مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية، والتي تعتبر النواة الصلبة للطبقة الوسطى ودينامو الاقتصاد المغربي، إذ وظفت الحكومة التشريع البرلماني من أجل الاستيلاء على أموال هذه الفئة من المهنيين تحت قناع الضريبة، والتي نعتبرها رصاصة الرحمة القاتلة التي ستغتال الاقتصاد المغربي وستعدم الطبقة المتوسطة وتفقرها وتعمق الهوة بين طبقات المجتمع ليصير مكونا من طبقتين واحدة سفلى و عريضة والتي تضم عموم الفقراء والكادحين والمهن الحرة وأخرى عليا مشكلة من الأثرياء ورجال الأعمال، وهو ما سيذكي الصراع والاحتقان الذي بدأت بوادره جلية ولا تخطأها عين حكيم.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق