(هذي فهامتي ) عدد : 37 11/12/2022 الواقعية الكروية الركراكية
فريد حفيض الدين.
هذه الواقعية لا تشبه في شيء الإتجاه الواقعي في الفلسفة ، والآداب ، والفنون التشكيلية ، أو في السينما. هي واقعية رياضية ، كروية نسبة إلى مخترعها ، وصاحبها المدرب وليد الركراكي. واقعية كروية تمزج بين الخطط الرياضية ، واستراتيجيات اللعب ، والمقومات التقنية ، والبدنية ، وتوابل أخرى لا مادية ، وشبه روحانية. منها ، رضاة الوالدين ، و” النية ” والروح العائلية ، ونكران الذات ، والانصهار داخل المجموعة.
هذا الخليط المتجانس هو الذي أعطانا ما سميته بالواقعية الكروية الركراكية. هذه التوابل كانت هي إضافة وليد الركراكي إلى جانب خططه في اللعب داخل الميدان. وهي التي أعطت تلك الطاقة الإيجابية لدى لاعبيه من دون استثناء. وسأكتفي هنا بذكر ثلاثة منها وهي :
1: رضاة الوالدين.
إضافة إلى العامل النفسي والذهني الذي تعمل كل الطواقم التقنية ، والطبية عليه. عمل وليد الركراكي على دعوة آباء لاعبيه لحضورهم إلى جانب أبنائهم خلال هذا المونديال.
قد يقول قائل أن جل اللاعبين من المنتخبات الأخرى حضر إلى جانبهم كذلك أفراد من عوائلهم.
لكن حضور الأب والأم إلى جانب أبنائهم عندنا نحن معشر العرب والمسلمين له قدسية دينية ، شرعية ، وروحانية لا يعلم كنهها غيرنا من باقي الأجناس. إنها رضاة الوالدين وعطفهم ودعواتهم ، التي لا تساويها كل أموال الدنيا عندنا. وراينا، ورأى العالم تلك العلاقة القدسية بين لاعبينا وآباءهم عند نهاية كل لقاء.
ألم يقل نبينا (ص) ” الجنة تحت أقدام الأمهات ”
2: النية.
يقول المثل الشعبي” دير النية ونعس مع الحية” النية بدورها إلى جانب رضاة الوالدين حافز على العطاء من دون انتظار نفع ، أو ريع مادي ، يكفي أن تحضر النية لدى اللاعب ليقدم كل مالديه. وهي غالبا ما تلازم صالح الأعمال. والنية وازع ديني وروحاني نابع من الإيمان بالله وبالقدر ، لا يدرك كنهه هو كذلك غير نحن معشر العرب و المسلمين. وخير تمثيل وتجسيد لما للنية من تأثير على نفوس لاعبيه ، ما قال وليد الركراكي ” نديرو النية والكرة غاد تضرب في لبوطو وتخرج” وفعلا حدث هذا ثلاثة مرات أمام بلجيكا، وكندا، والبرتغال.
3: روح وقيم الجماعة
أو الروح الجماعية، وهي ما تعرف قي القاموس الرياضي بالفرنسية
” l’esprit du groupe ”
هذا العامل بدوره لا يمكن لأي مدرب أن يصل إليه، إن لم تتوفر لديه روح وتقنيات التواصل ، وكسب ثقة لاعبيه إلى حد الإنصهار في كل خططه ، والإيمان بأن كل ما ينطق به هو الحق ، والحقيقة التي يجب الاخد بها ، وللحقيقة والتاريخ وليد تفوق في هذا الجانب ، وجعل كل لاعب يلعب مع الجماعة وللجماعة أولا وأخيرا. بل وتحولت هذه الجماعة إلى ما يشبه العائلة الواحدة داخل الميدان وخارجه. عائلة يتساوى فيها الجميع ، ولا حضور فيها للنجومية والنجم الواحد. ولعل خير دليل على تلك الروح التي ميزت منتخبنا، حين وظف الركراكي للاعب حكيم زياش في خططه ، ما جعله ينصهر داخل المجموعة ويلعب لها أولا عوض أن يستعرض مؤهلاته الفنية والتقنية كما كان يفعل مع باقي المدربين.
هذه بعض من مجموعة من الإضافات الايجاببة التي توفق فيها وليد الركراكي، واستعملها إلى جانب خططه التكتيكبة المحظة….
هكذا ظهر لي فريقنا، وهكذا تعامل مع مبارياته بمختلف مدارسها. وهذا ما أشاد به العالم. وعلى نفس المنوال
ستلتهم أسود الأطلس ديكة فرنسا يوم الأربعاء القادم إن شاء الله.
قالها وليد وصرح أن لاعبيه ما زال فيهم الجوع. وبدوري اقول له أن هناك مجموعة ديكة مطبوخة ببطاطس مقلية بلجيكية، في انتظاركم. شهية طيبة يا أسود الأطلس..
هذي هي الواقعية الركراكية
وهذي هي فهامتي!!!
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق