عماد وحيدال
في ذاكرة الأسواق الأسبوعية التي كانت تعج بالحياة والبساطة، كان المرحوم “أبا لخليفة” رمزًا للفرح والحكايات الطريفة التي تبعث الدفء في قلوب الحاضرين. رجل قادم من مدينة الدار البيضاء، لم يكن مجرد “حلايقي” عادي، بل كان فنانًا شعبيًا، يحوّل ساحة السوق إلى مسرح مفتوح، مليء بالحماس والمواقف المضحكة.
كان صباح الاثنين يومًا منتظرًا بشغف، خاصةً في السوق الأسبوعي الذي اجتمع فيه الناس من مدن متعددة: الدار البيضاء، سطات، خريبكة، المحمدية، وغيرها. تحت ظلال الأشجار، امتلأت الساحة بالأصوات والضحكات. الحافلات تأتي تباعًا محمّلة بالبضائع والزوار، وكانت أجواء السوق تسوده حيوية لا مثيل لها.
حين يبدأ أبا لخليفة فنه ينادي “وخلييفة”، يتجمّع الناس من كل مكان لتشكيل حلقة حوله. يحمل كمنجته القديمة، ويشرع في الغناء والحديث بطريقة فكاهية، تجعل الجميع يضحك ويستمتع. من بين نكاته الشهيرة، كان يسرد قصصًا خيالية عن مغامراته مع والده، مثل محاولاته للهروب إلى السوق أثناء الحصاد أو غطسه في إبريق الشاي.
ومن أكثر اللحظات المضحكة، عندما أتى رجل يريد العمل مع أبا لخليفة، فأعطاه “الطاكية” (عباءة تقليدية)، وأخبره أن يأخذها إلى “براكة”. لكن الحلايقي بدوره صنع مشهدًا فكاهيًا حين علّق الطاكية في “براكة” مليئة بفاكهة التين الأوروبي (كرموس النصارى)، ما جعل الجميع ينفجر ضحكًا.
أبا لخليفة لم يكن مجرد شخصية عابرة في الأسواق الأسبوعية، بل كان رمزًا للسعادة والبساطة، شخصًا استطاع أن يحوّل الأيام العادية إلى لحظات لا تُنسى. حكاياته لا تزال حيّة في ذاكرة من عايشوه، فقد ترك بصمة في قلوب الجميع بابتسامته وروحه المرحة. رحم الله أبا لخليفة، وأسكنه فسيح جناته.
Share this content:
إرسال التعليق