اقتصاد الفرص الصغيرة: كيف يمكن للمقاولات الناشئة أن تغير مصير الشباب؟التجربة الراهنة للمغرب - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

اقتصاد الفرص الصغيرة: كيف يمكن للمقاولات الناشئة أن تغير مصير الشباب؟التجربة الراهنة للمغرب

مقاولة-ناشئة

لم يعد حلم الشاب المغربي يقتصر على انتظار”الظرف”أو منحة الوظيفة العمومية،في زوايا المقاهي، وفي حاضنات الأعمال،وعلى منصات التواصل الاجتماعي،تُنسج أحلام جديدة قوامها الابتكار والمبادرة، إنها صحوة”اقتصاد الفرونش”أو”اقتصاد الفرص الصغيرة”،حيث تتحول الأفكار إلى مشاريع، والمشاريع إلى مصائر،فكيف أصبحت المقاولات الناشئة رافعة حقيقية لتغيير واقع الشباب المغربي وتشكيل مستقبل الاقتصاد الوطني؟

1. من البطالة إلى ريادة الأعمال: تحول جيلي

لطالما شكلت نسبة البطالة المرتفعة بين حاملي الشهادات العليا معضلة اجتماعية واقتصادية،لكن هذا الواقع بدأ يتزحزح مع بروز جيل جديد يرى في التحديات فرصاً،يقول ياسين (27 سنة)،مؤسس شركة ناشئة في مجال “الأكياس الورقية”: “لم أعد أسأل ‘هل هناك وظيفة؟’،بل أسأل ‘كيف أواجه العوائق،وكيف أتحداها؟’ السوق هو امتحاني،والزبون هو حكمي”

هذا التحول لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة:

تغير العقليات: أصبحت ريادة الأعمال مصدر فخر ووسيلة للاستقلال المالي والذاتي.

تأثير النماذج الناجحة: قصص نجاح مقاولين مغاربة مثل مؤسسي “شريك،ما” أو “كوبر” أصبحت مصدر إلهام.

الإحباط من سوق الشغل التقليدي: عجز القطاع العام والخاص عن استيعاب الآلاف من الخريجين سنوياً.

2. المشهد الحالي: بيئة متطورة وداعمة (ولو بشكل غير كافٍ)

يشهد المغرب طفرة حقيقية في بناء البنية التحتية الداعمة للمقاولات الناشئة:

الحاضنات والمسرعات (مانا بيوتك،لاب لايونز،إيملوجي) توفر الدعم التقني والتوجيهي والتمويلي الأولي.

التمويل: برامج (إنفستيسي،إقلاع) التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية،وصناديق الاستثمار المغربية والدولية،والتمويل الجماعي.

الإطار القانوني: إحداث صفة “المقاولة الناشئة” وتبسيط الإجراءات في إطار “المقاولة الذاتية”

التحديات التي تبقى قائمة:

تعقيد الإجراءات الإدارية: لا يزال الروتين الإداري عائقاً أمام الكثيرين.

نقص التمويل في المراحل المتقدمة:سلسلة أ – Series A وما بعدها.

ثقافة الخوف من الفشل: حيث لا يزال الفشل في المشروع وصمة عار اجتماعية في كثير من الأحيان.

3. نماذج حية: من الفكرة إلى تغيير المصير

التجربة الأولى: من الهواية إلى المهنة.،ربيعة (24سنة)،حوّلت هوايتها في إعداد الحلويات الخاصة بالحميات الطبية للمرضى المصابين بأمراض مزمنة من خلال صفحة على “الإنستغرام” إلى ورشة صغيرة توظف 4 شباب متخرجين من مراكز التكوين المهني في مهن الطبخ والفندقة،تقول: “لم أكن لأتخيل أن فكرة بسيطة،وحلما بتطوير الهواية،ستغير حياتي وتضمن لي دخلاً محترما لي ولأصدقائي العاملين معي”

التجربة الثانية: توظيف التكنولوجيا الرقمية،فؤاد وفريقه،نجحوا في تسويق كاميرات رقمية تعمل بالطاقة الشمسية وبأثمان مناسبة لصالح الفلاحين الصغار في القرى والجبال والصحراء،عبر مشروع ذكي لا يدر دخلاً فحسب،بل يحل إشكالية حقيقية يعاني من الفلاحون الصغار في تتبع ورصد ومراقبة ممتلكاتهم وحقولهم وإصطبلاتهم عند بعد وبإستعمال تطبيقات ذكية عبر الهاتف النقال.

التجربة الثالثة: الاقتصاد الأخضر،مجموعة من الشباب أسسوا شركة ناشئة متخصصة في إعادة تدوير النفايات الإلكترونية،محولين تهديداً بيئياً إلى فرصة اقتصادية واعدة.

4. الأثر الاقتصادي والاجتماعي: أكثر من مجرد “فرونش”

تأثير المقاولات الناشئة يتجاوز بكثير تحقيق دخل للمؤسس:

خلق فرص شغل غير مباشرة: كل مقاولة ناشئة ناجحة تحتاج لمحاسب، مسوق، موصل… مما يخلق شبكة من “الفرص الصغيرة”.

تشجيع الابتكار: هذه المشاريع هي الأكثر مرونة في تبني التكنولوجيات الحديثة (الذكاء الاصطناعي،بلوك تشين) وتطبيقها في السياق المغربي.

تنويع الاقتصاد: خلق قطاعات اقتصادية جديدة بعيداً عن الاقتصاد الريعي التقليدي.

التمكين: خاصة للشابات والشباب في المناطق النائية،حيث تتيح لهم المنصات الرقمية فرصة الإنفتاح والوصول لأسواق وفضاءات تسويق كثيرة ومتنوعة.

خاتمة واستشراف:

الطريق لا يزال طويلاً،لكن البذرة التي غرسها رواد الأعمال الشباب قد أينعت،”اقتصاد الفرص الصغيرة” لم يعد ترفاً،بل أصبح ضرورة استراتيجية،المستقبل يتطلب المزيد:

إصلاح جذري للنظام التعليمي لزرع ثقافة ريادة الأعمال منذ الصغر.

حوكمة وتسهيل أكبر للإجراءات الإدارية والضريبية.

تشجيع استثمار القطاع الخاص في رأس المال المخاطر.

 

الخلاصة هي أن مصير الشباب المغربي لم يعد مرتبطاً بمقعد في الإدارة،بل بقدرته على رصد فرصة، وتحويل فكرة إلى مشروع،والمشروع إلى قصة نجاح تروى،تضيف له ولوطنه فرصة الإندماج في النسيج الإقتصدي،إنها ثورة الأمل الصامتة التي تقودها طموحات جيل يرفض أن يكون رقماً في إحصائيات البطالة،ويسعى بجد

ليكون فاعلاً في سوق الاقتصاد الجديد.

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي m3aalhadet مع الحدث