الصحف الورقية… هل هي في طريق الانقراض؟

مع الحدث

المتابعة ✍️: ذ لحبيب مسكر

 

حتى وقتٍ قريب، كانت الجريدة الورقية علامة فارقة في يد كل مثقف، بل وحتى في يد من يريد فقط أن يبدو مثقفًا. كانت رفيقة المقاهي، تُعرض على الطاولات بكل أناقة، وتُغري الزبائن بالجلوس والقراءة واحتساء فنجان قهوة بهدوء. لم يكن غريبًا أن تجد على طاولة واحدة “الأحداث المغربية”، “الاتحاد الاشتراكي”، “العلم”، و”الصباح” جنبًا إلى جنب، في مشهدٍ يختزل يومًا إعلاميًا متكاملاً.

 

لكن المشهد تغيّر. اليوم، لم تعد الجريدة الورقية جزءًا من الروتين اليومي، لا في المقاهي ولا في الإدارات، ولا حتى في يد المارة. عوضًا عنها، صار رمز “الويفي” هو وسيلة جذب الزبائن، وصارت الأخبار تُستهلك بنقرة على الهاتف الذكي، لا بطيّ صفحة من الورق.

 

أزمة متعددة الأوجه

 

الحديث عن “انقراض” الجرائد الورقية ليس مجازيًا. الإحصائيات تؤكد التراجع الحاد في أرقام التوزيع، وانخفاض الإقبال على الاشتراكات. حتى الأكشاك، التي كانت تعجُّ بالعناوين، صارت تكتفي بعدد محدود من النسخ، إن وُجدت. أما الصحافي الورقي، فبات يشتغل تحت ضغط الزمن والميزانية، وسط سؤال مقلق: من يقرأ لنا اليوم؟

 

السبب لا يعود فقط إلى تطور التكنولوجيا، بل أيضًا إلى تغير سلوك القارئ، وظهور بدائل رقمية فورية، تسبق الورق بالخبر والتحليل، وربما بالفيديو المباشر.

 

ورغم ذلك… هل انتهت مهمتها؟

 

قد يكون الحديث عن “الانقراض” متسرعًا. لا تزال الصحافة الورقية تحتفظ بمكانة رمزية، وشرعية قانونية، ومصداقية نسبية في نظر شريحة من القراء، خاصة من الجيل الأقدم. كما أن الجريدة المطبوعة تظل وثيقة مرجعية لا يمكن التلاعب بها بسهولة، على عكس منصات التواصل الاجتماعي التي تعجُّ بالإشاعات والمغالطات.

 

غير أن بقاء الصحف الورقية رهين بقدرتها على التجديد، وعلى التفاعل مع الواقع الرقمي، لا الوقوف ضده. فربما يكون مستقبلها في التخصص، أو في التحليل العميق، أو في أن تُصبح مكمّلة لا بديلة عن الصحافة الرقمية.

 

في الختام…

 

لم يعد حمل الجريدة في اليد عادة يومية، وربما صار نادرًا أن تجد شخصًا يقرأها في مقهى. لكن يبقى السؤال مفتوحًا: هل الصحافة الورقية في طريق الانقراض، أم أنها فقط في طور التحوّل؟ المستقبل وحده كفيل بالإجابة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)