الموسم تراث مغربي أصيل.
متابعة عبد الرزاق القرقوري.
يعتقد بعض الفهايمية الذين قرأوا بعض الحروف انهم ادركوا ناصية العلم، فينعثون التقاليد والتراث المغربي بالتفاهة.
مثل هؤلاء كثير، الموسم ومعه فولكلور الفروسية، هو تراث مغربي اصيل يعبر عن تمازج ثقافي بين مكونات المجتمع المغربي.
الموسم ليس فرجة عادية فقط، بل هي تأزر وتعاون ومحبة وأخوة، مالا يعرفه العديد ان مزايا الموسم كثيرة سأتكلم عنها كالتالي:
– كان الموسم عبر التاريخ المغربي مكانا لتلاقح الثقافات والتواصل بين القبائل.
– فرصة لتبادل الخبرات في مجال الفروسية.
– مكان للإلتقاء الشباب والترفيه بعد موسم من الخصب والخيرات.
– تنسج فيه علاقات كثيرة( زواج؛ خثان جماعي؛ صلح بين الناس والدواوير…).
– رواج تجاري منظم وعائدات مالية على اهل المنطقة.
– ولائم الإخاء والمحبة والتأزر تدل على الجود و الكرم الذي كانت القبائل تتفاخر به.
وهنا اود ان اشير إلى معلومة لا ينتبه لها الكثير، كما هو معلوم ان تاريخ المغرب في مراحل منه، خاصة قبل الاستعمار الفرنسي، كان مجتمعا قبليا، وكانت هناك صراعات كثيرة مابين القبائل المغربية بخصوص المجالات الرعوية او مجاري المياه، وعلى هذا الأساس ابدع الانسان في طرق الصلح وحسن الجوار فظهرت مجموعة من العادات المصاحبة للموسم…نذكر هنا على سبيل المثال عادة طاطا هذه العادة التي كانت تلجأ لها القبائل المغربية لعقد الصلح ومواجهة الخلافات بتبادل الهدايا والطعام. فمثلا مابين قبيلة بني مسكين وقبيلة مزاب بالشاوية تعرف هذه العادة اجتماع القبيلتين مرة في السنة على مشارف بركة مائية كبيرة تدعى ضاية سالم تفصل مابين بني مسكين وامزاب.. ويتم فيها عقد لقاء وتتم فيها العاب الفروسية وذبح الاضاحي وتبادل الطعام مابين القبيلتين..ونصب الخيام ويشار إلى أن الأمهات من قبيلة امزاب يضعن حليبهن في طعام بني مسكين ليأكلوه وكذلك امهات بني مسكين يفعلن نفس الشيء بالنسبة لطعام امزاب…والغاية من هذه العملية هي بالأساس خلق جو من التآلف والتأزر ونبذ العنف بواسطة ” راحنا خوت مخاصناش نبقاو نتخاصموا ونتقاتلو حنث ولينا خوت فالرضاعة”..
وعلى نفس الحال يقع مابين قبيلة اولاد الشرقي وسيد الحطاب، بحيث تأتي قبيلة اولاد الشرقي لموسم سيدي الحطاب بهدية عبارة عن ناقة تعطى للقبيلة تعبيرا من المحبة ويعقد الموسم سنويا خلال فثرة ذكرى المولد النبوي الشريف ، وفي المقابل تحرص قبيلة سيدي الحطاب على إطعام الوافدين من قبائل اولاد الشرقي والقبائل الأخرى المجاورة التي كانت فيما مضى هي الاخرى تأتي بالهدية، خاصة أن سيدي الحطاب واولاد الشرقي هم حراس المجال الذي كان يعرف تاريخيا بأنه مرعى قبائل السراغنة( الحدرة)؛ والسبب في اختيار سيدي الحطاب هو قربها لواد تساوت الذي ترفع منه الساقية الحطابية.
فلا عجب أن ينظم سكان دوار سيدي الحطاب الموسم، لأنهم قبيلة أصيلة والموسم تعبير عن هويتهم، اذكر هنا مستملحة رائجة سمعتها مؤخرا في مجمع للأحباب ضمن فعاليات الموسم”.
يسمى دوار سيدي الحطاب بالإضافة إلى هذا الإسم بدوار ” الفقرا” وكما هو معلوم أن الموسم الخاص بهم يشهد له تاريخيا بأنه موسم كل من قدم له يأكل وتتم ضيافته في المنازل، بحيث تتقاسم العائلات عدد الحاضرين. وعلى هذا الأساس اعتبر هذا الدوار مكان جود وكرم، وفي إحدى الأيام كان بائع سمك يسترزق الله أتى للموسم وابتنى الخيمة وعمل على قلي السمك لياكله الناس مقابل ربح مادي، جاء رجل من احدى القبائل المجاورة فجلس واكل حتى شبع، واراد أن ينصرف فإذا بصاحب المطعم يسأله راك مخلصتينيش فرد عليه…سأنقلها بالدارجة” علاه نتا ماشي من الفقرا….
الصورة من موسم سيدي الحطاب قلعة السراغنة 2022.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق