تصعيد حاد وغير مسبوق بين قيس سعيد والغنوشي: إفلاس وفشل سياسي للنهضة سيقود البلاد إلى حرب أهلية !!
مصطفى بن أحمد
لم ينتظر الرئيس التونسي قيس سعيد طويلا ليرد على المسيرة التي نظمتها حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي في شارع محمد الخامس وسط العاصمة تونس، والتي عكست استعراضا للقوة، واصفا إياها بالإفلاس السياسي.
ووصف الرئيس قيس سعيد المسيرة التي ما زالت تُثير حولها الكثير من ردود الفعل وسط انسداد سياسي بأنها واحدة من “مظاهر الإفلاس السياسي في البلاد”.
وقال في كلمة ألقاها أثناء زيارة أداها إلى منطقة منزل المهيري التابعة لمحافظة القيروان وسط البلاد، عاين خلالها المكان الذي سيُقام فيه مشروع “مدينة الأغالبة الطبية”، “يتحدثون كل يوم عن الإفلاس وعن أن تونس على وشك الإفلاس، ولكن ترون بأعينكم اليوم مظاهر الإفلاس السياسي، وليس الإفلاس المالي”.
مصطفى بن أحمد: استعراضُ النهضةِ في الشارع يزيد في تعكير الأجواء السياسية
وأكد في المقابل أنه لا يتحرك وفق حسابات البعض أو ترتيباتهم، بل يتحرك وفق المبادئ التي عاهد عليها الشعب التونسي، مشددا على أنه لن يقبل بأي مقايضة في حق الشعب التونسي أو تتعلق بسيادة تونس، وأنه سيواصل تحمل الأمانة والبقاء على العهد والعمل بنفس العزم والقوة والإرادة انطلاقا من نفس الثوابت التي تقوم على الصدق.
ورأى مراقبون أن ما ذهب إليه الرئيس قيس سعيد يُبقي الأزمة بينه وبين رئيس البرلمان راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي في تصاعد مستمر.
واعتبر النائب البرلماني مصطفى بن أحمد، رئيس الكتلة النيابية لحزب تحيا تونس برئاسة رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد (10 مقاعد برلمانية)، أن “الحلم بحسم الأمر بالشارع وباستعراض العضلات هو من الوهم الذي لا يزيد إلا في تعكير الأجواء”.
وقال بن أحمد في تصريح لـ”العرب” إن الرئيس قيس سعيد أكد من خلال كلمته على ثبات مواقفه وعلى سياسة الأبواب الموصدة إزاء حركة النهضة وعدم استعداده للتعامل معها في حل الأزمة الراهنة، في حين “نجحت النهضة، وبالتحديد خط راشد الغنوشي، في حشد قواعدها حول شخص رئيسها وذلك بعد أن فشلت في عزل رئيس الدولة وفرض أمر واقع جديد في المشهد السياسي وتعطل التحوير الحكومي الذي كانت وراءه”.
وحذر من أن سياسة شد الحبل بين الرئيس قيس سعيد وحركة النهضة والأطراف التي تحوم حولها قد يُفقدهم جميعا زمام المبادرة لتتحول بين أيدي الخارج، ذلك أنه كلما أضاعت تلك الأطراف المزيد من الوقت تُضيّع فرصة التوصل إلى الحل المنطقي الذي تقتضيه المرحلة.
وعلى عكس ما وصفه النائب مصطفى بن أحمد بـ”نجاح النهضة في حشد قواعدها” اعتبر الباحث السياسي التونسي المختص في الجماعات الإسلامية علية العلاني أن حركة النهضة دخلت بعد المسيرة التي نظمتها إلى منطقة الزوابع؛ وذلك لثلاثة أسباب، أولها اتساع الشرخ بينها وبين الرئيس سعيد الذي رد ضمنيا بالقول إن تلك المسيرة لن تغيّر مواقفه من الأزمة الحالية.
وأضاف العلاني في تصريح لـ”العرب” أن السبب الثاني هو أن “المسيرة المذكورة رغم الأموال الطائلة التي رُصدت لها لم تَجمع سوى أنصار الحركة الذين جاؤوا من كل الولايات (المحافظات) وقاطعها حزامها السياسي وأحزاب المعارضة، حيث كانت التعبئة لا تعبّر عن الحجم الذي تتحدث عنه الحركة”.
سياسة شد الحبل قد تُفقد الجميع زمام المبادرة
أما السبب الثالث فهو أن المسيرة “لم تُحقق أهدافها على مستوى وسائل الإعلام؛ فلم تغطِّها سوى قنوات محلية محدودة جدا كما أن نقابة الصحافيين قدمت قضية للقضاء بخصوص ممارسة لجنة التنظيم العنف على العديد من الصحافيين الذين حاولوا تغطية المسيرة”.
ونظمت حركة النهضة الإسلامية في تونس برئاسة راشد الغنوشي الذي يرأس أيضا البرلمان التونسي، السبت، مسيرة وسط العاصمة تونس شارك فيها الآلاف من أنصار هذه الحركة الذين قدموا من مختلف مناطق البلاد، في عملية حشد وتعبئة غير مسبوقة لعب فيها المال السياسي دورا كبيرا، الأمر الذي دفع العديد من المتابعين إلى وصفها بـ”المأجورة”.
علية العلاني: حركة النهضة دخلت منطقة الزوابع وسط اتساع الشرخ بينها وبين الرئيس قيس سعيد
ولجأت حركة النهضة إلى التضليل لتبرير تنظيم المسيرة، عندما زعمت أنها تأتي “للمطالبة بالوحدة الوطنية واحترام الدستور والاستقرار السياسي والدعوة للحوار والتوافق”، والحال أن الشعارات التي رُفعت خلالها لا تتوافق مع تبرير حركة النهضة.
وعكست الشعارات، ومنها “قادمون من أجل استرجاع الشرعية” و”الشعب يريد النهضة من جديد” و”الشعب يريد حماية الدستور” و”لا رجوع للدكتاتورية”، أن ما حاولت حركة النهضة إظهاره كان مختلفا إلى حد كبير عما يدور في خلدها.
وكان واضحا من خلال كلمة راشد الغنوشي أثناء تلك المسيرة، التي عاد فيها إلى التحذير من الحرب الأهلية بقوله إن “الحرب لا تنتقل بسيف وقنبلة، وإن أولها كلمة، والبلاد تعيش اليوم حربا كلامية”، أن المسألة بالنسبة إلى حركة النهضة الإسلامية هي توجيه رسائل تحذيرية حادة إلى مختلف الفرقاء السياسيين يفيد فحواها بأنها قادرة على حسم الحرب في الشارع إن تدحرجت الأمور إلى ذلك.
ولا ترتبط التحذيرات المحمولة على تلك الرسائل بمعايير سياسية مُحددة، رغم وضوح عنوانها العام الذي بدا مُتعارضا إلى حد التناقض مع مبدأ تخفيف التصعيد الذي تُنادي به مختلف الأطراف السياسية.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق