حين تُجبرنا الأسعار على الهجرة عكسياً… حتى السفيرة الأوروبية قالت: لا للطائرة

بقلم: حسيك يوسف

في خطوة رمزية تحمل رسائل أقوى من أي بلاغ دبلوماسي، غادرت سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب باتريسيا لومبارت كوساك أرض المملكة عبر الباخرة بدل الطائرة، رغم منصبها ومكانتها، ورغم أن الاتحاد الأوروبي هو من يتحمل نفقات سفرها، لا هي.

السفيرة نشرت صورة لها من على متن باخرة بميناء طنجة، وكتبت:

 “Merci le Maroc! Tu vas tellement me manquer!”

 “شكرًا لك يا مغرب! سأفتقدك كثيرًا”

لكن ما لم تقله بالكلمات، قالته بالرسالة: “ثمن الطائرة مبالغ فيه.. وأنا أقاطع”

فما بالك بالمغاربة المقيمين بالخارج، الذين طالهم الغلاء من كل جهة؟

عائلة من أربعة أو خمسة أفراد تحتاج لأكثر من 40 ألف درهم فقط لشراء تذاكر الطيران ذهابًا وإيابًا!

وقِسْ على ذلك:

أسعار الإقامات السياحية نار

كراء الشقق والفنادق ولّى حلم، وأصبح عبء ثقيل على كل جيب

الملابس نار

الأكل نار

كراء السيارات نار

حتى الماء والخبز ما بقاش فيهم الرحمة

النتيجة؟

الآلاف من مغاربة العالم اختاروا البقاء في ديار الغربة هذا الصيف، لأن “العودة للوطن” أصبحت ترفًا لا يقدرون عليه، في وقت كنا نراهن فيه على هذه الجالية لتنعش الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة، وتدفع بعجلة السياحة نحو الانتعاش.

نخسر اليوم السياح، والمغتربين، والصورة… لأننا ما زلنا نُمعن في الغلاء بلا سبب، ونلهث خلف الربح السريع دون تفكير في العواقب.

متى نفيق؟ متى نكبر؟

حين تكون سفيرة أوروبية أغنى منا، وأكثر قدرة منا، وتقول للطائرة “لا” لأنها ببساطة وجدت الثمن غير منطقي… ألا يدعونا ذلك للتفكير في ما نحن فاعلون ببلدنا؟

ألسنا نحن أولى بالمقاطعة؟

أليس هذا غلاءً يطرد أبناء الوطن قبل أن يطرد السياح؟

كفى.

لقد آن الأوان لأن نعيد ترتيب أولوياتنا.

المغرب بلد جميل، لكن الغلاء لا وطن له.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)