تعتزم وزارة التجهيز والماء إطلاق مشروع طموح يتمثل في إعداد دراسة هندسية متكاملة لإنشاء طريق سيار جديد يربط بين الرباط والدار البيضاء، في إطار مقاربة شمولية تسعى إلى تعزيز شبكة النقل الوطنية، وخصوصًا في المحور المركزي الحيوي الذي يشهد كثافة مرورية متزايدة.
ويأتي هذا المشروع ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى إعادة هيكلة منظومة النقل والرفع من جودة الربط بين أبرز التجمعات الحضرية والاقتصادية في المملكة، بما يواكب التوسع العمراني والنمو الديمغرافي المضطرد في الضواحي والجهات المجاورة للمدن الكبرى.
الطريق السيار الجديد لن يقتصر على كونه بنية تحتية إضافية، بل سيتحول إلى حلقة محورية داخل شبكة طرقية متكاملة، حيث سيرتبط بالطريق السيار القاري المستقبلي الرابط بين الرباط والدار البيضاء، وكذا بالطريق السيار تيط مليل – برشيد قيد الإنجاز، إلى جانب الطريق السيار الدار البيضاء – برشيد (A3)، والطريق السيار الدار البيضاء – حد السوالم (A1)، فضلاً عن الطريق الجهوية RR320 التي تؤدي إلى دار بوعزة.
هذا التكامل في التخطيط يعكس توجهًا جديدًا في تدبير البنيات التحتية، يضع في صلبه تيسير حركة التنقل، وتخفيف الضغط على المحاور التقليدية، خصوصًا في أوقات الذروة، مع ما لذلك من انعكاسات مباشرة على تحسين ظروف التنقل اليومي للمواطنين، ورفع كفاءة الخدمات اللوجستية لفائدة الفاعلين الاقتصاديين.
وسيساهم المشروع في تعزيز جاذبية النسيج الصناعي الممتد بين بوسكورة وتيط مليل ودار بوعزة، من خلال تسهيل حركة العمال، والطلبة، والمستثمرين، وتوفير ممرات طرقية ذات جودة عالية، تحترم معايير السلامة، والسرعة، وتعدد المنافذ، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
ورغم أن المشروع لا يزال في طور الدراسة، فإن المؤشرات الأولية توحي باعتماد مقاربات حديثة في التصميم والتنفيذ، تضمن الفعالية والاستدامة، وتستحضر التحديات المستقبلية المرتبطة بالتحول نحو منظومة نقل ذكية ومتوازنة.
ويأتي هذا التحرك في سياق أوسع مرتبط بالاستعدادات الجارية لاحتضان المغرب لكأس العالم 2030، بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، حيث أكد وزير التجهيز والماء نزار بركة، أن تطوير البنية التحتية لن يقتصر على المدن المستضيفة للمباريات، بل سيشمل نحو 35 مدينة في مختلف أنحاء المملكة.
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى ضمان تنمية متوازنة، وتخفيف الضغط عن المدن الكبرى كطنجة والدار البيضاء والرباط ومراكش، عبر تعزيز الربط الطرقي بينها وبين المدن المجاورة، التي من المنتظر أن تستقبل بدورها معسكرات تدريبية، وتحتضن أنشطة مرافقة للحدث الكروي العالمي.
ومع اقتراب سنة 2030، يبدو أن المغرب يتقدم بثبات نحو تحقيق نقلة نوعية في بنيته التحتية، تُواكب طموحه في تنظيم نسخة تاريخية من المونديال، وتُجسد رؤية بلد يراهن على المستقبل، ويستعد لاستقبال العالم من خلال طرق حديثة، ومشاريع مهيكلة، تليق بمكانته المتصاعدة على الساحة الدولية.
تعليقات ( 0 )