مع الحدث
المتابعة ✍️: حكيم السعودي
في خطوة تعبّر عن وعي عميق بأهمية التخييم كرافعة أساسية لبناء شخصية الطفل المغربي وترسيخ القيم التربوية والمجتمعية وجّه السيد محمد كليوين رئيس الجامعة الوطنية للتخييم نداءً وطنيًا إلى مختلف مكونات النسيج الجمعوي على المستوى الوطني والجهوي والمحلي داعيًا إلى “تعبئة شاملة وواعية ومسؤولة” لإنجاح فعاليات الموسم التخييمي لسنة 2025. وتأتي هذه الدعوة في سياق استثنائي يتسم بتحولات جوهرية تعرفها السياسة العمومية في مجالي الطفولة والشباب خاصة في ظل تبني استراتيجية وطنية جديدة تروم تجديد العرض التربوي وتأطيره ضمن رؤية أكثر عدالة وجودة ونجاعة.وتتزامن هذه التعبئة مع اقتراب انطلاق أولى مراحل الموسم التخييمي الجديد المقررة في الخامس من ماي 2025 حيث ستُفتتح بدورات تكوينية مكثفة لفائدة الأطر التربوية والإدارية. وقد اعتبر السيد كليوين هذه المحطة بمثابة “الامتحان الحقيقي لمدى استيعاب المنهاج الجديد” مشيرًا إلى أن هذه الدورة التكوينية تشكّل الأرضية التي سينبني عليها نجاح العرض التربوي برمته كما أنها تمثل لحظة فارقة في إعادة تأهيل الكفاءات التربوية وتجويد أدائها الميداني.
ويستند التصور الجديد للمخيمات إلى تنويع العرض التخييمي من خلال تقديم أربعة أنماط رئيسية:
*المخيمات الموضوعاتية*: التي تعالج قضايا راهنة تهم الناشئة مثل البيئة، الرقمنة، الابتكار، القيم المواطِنة، والتاريخ والتراث.
*مخيمات القرب*: والتي تستهدف الأطفال من الفئات الاجتماعية الهشة والمعزولة بما يعكس البعد الاجتماعي للمخيمات.
*مخيمات الاصطياف*: كمجال للتنشئة الترفيهية وصقل المهارات في فضاءات طبيعية مريحة.
*دورات التكوين والتأطير*: باعتبارها النواة الصلبة التي تبنى عليها الكفاءة التربوية والجودة البيداغوجية.
دعا رئيس الجامعة الوطنية للتخييم في رسالته التعبوية إلى روح الفريق والانخراط التشاركي مبرزا الدور المركزي للجمعيات الشريكة مثمنًا انخراطها الجاد والمستمر في ورش إصلاح التخييم، ومعتبرا أن “النجاح الجماعي رهين بالعمل بروح الفريق وتوحيد الرؤية والتقائية المبادرات”. وأشاد بـ”الممارسات المثلى” التي تجلّت في المواسم السابقة مشيرًا إلى أن ما تحقق من مكتسبات لم يكن ليتحقق لولا حسّ الانتماء العالي والجدية التي ميزت الفاعلين الجمعويين داعيًا في نفس الوقت إلى الحفاظ على هذا الزخم وتطويره ليواكب طموحات المرحلة.وفي هذا الإطار لم تَغِب عن الرسالة الإشادة الخاصة بقطاع الشباب قيادةً وأطرًا منوّهًا بما اعتبره “تحولًا نوعيًا وشجاعًا” في المقاربات المعتمدة لتدبير قطاع الطفولة والشباب. فبحسب السيد كليوين فإن التحول من منطق الاستهلاك المناسباتي إلى منطق البناء الاستراتيجي هو أحد أبرز ما يميز المرحلة الجديدة مؤكّدًا أن المخيمات لم تعد مجرد فضاءات ترفيهية بل منصات لبناء الشخصية وتنمية المهارات وتعزيز الاندماج الاجتماعي.
ولم تغفل الرسالة أهمية الالتزام بالمعايير الأخلاقية والتربوية في تدبير الشأن التخييمي حيث دعا السيد كليوين إلى “الاحتكام إلى قيم الاستحقاق والإنصاف والكفاءة في اختيار وتأطير الفرق التربوية” مؤكدًا أن الجودة في البرامج لا تنفصل عن جودة الإنسان الذي يحملها. واعتبر أن العمل التربوي الناجح لا يتحقق فقط عبر الأنشطة والمضامين بل أيضًا من خلال الأطر القادرة على تفعيل القيم وتجسيدها في الممارسة اليومية.
وفي ختام رسالته صاغ السيد كليوين دعاءً مدنيًا بصيغة جماعية عبّر فيه عن أمله الصادق في أن يشكّل الموسم الجديد محطة مفصلية في تعزيز ثقة الدولة والمجتمع في الجمعيات والأطر التربوية. وجاء في الدعاء: “وفقنا الله جميعًا لما فيه خير الوطن والطفولة وجعل إخلاصنا في العمل نورًا على درب البناء والتجديد. إننا نؤمن أن العمل من أجل الأطفال ليس رفاهية بل واجب حضاري ووطني وأن زرع الأمل في النفوس الصغيرة هو أعظم استثمار في المستقبل”.إن الرسالة في مجملها تشكل وثيقة تعبئة استراتيجية تحمل أبعادًا تنظيمية وتربوية وتنموية وتعكس رؤية الجامعة الوطنية للتخييم لمستقبل العرض التربوي بالمغرب والذي لم يعد يُقاس بعدد المستفيدين فقط بل بمدى التأثير الإيجابي على القيم والمعارف والسلوكيات. هي دعوة مفتوحة لإعادة الاعتبار للتخييم كمدرسة للحياة وكمجال لتجريب القدرات وبناء الإنسان في انسجام تام مع المشروع المجتمعي الحداثي والتضامني الذي ينشده المغرب.
تعليقات ( 0 )