رئيس وزراء فرنسا يقدم استقالته بعد ساعات من إعلان حكومته الجديدة

في تطور سياسي غير مسبوق، قدّم رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكرنو استقالته صباح اليوم الاثنين، بعد ساعات فقط من الإعلان الرسمي عن تشكيل حكومته الجديدة، في خطوة صدمت الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية وعمّقت من حالة الاضطراب التي تعرفها الساحة السياسية منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة.
الاستقالة، التي قبلها الرئيس إيمانويل ماكرون على الفور، جاءت بعد ليلة واحدة من الإعلان عن أسماء الوزراء الجدد، لتُصبح حكومة لوكرنو الأقصر عمرًا في تاريخ الجمهورية الخامسة.
خلفيات القرار المفاجئ
حسب مصادر مقربة من قصر الإليزيه وصحف فرنسية كبرى مثل لوموند ورويترز، فإن الاستقالة جاءت نتيجة تراكم ضغوط سياسية وبرلمانية منذ لحظة التعيين، إلى جانب غياب أغلبية واضحة في الجمعية الوطنية، ما جعل مستقبل الحكومة محفوفًا بالمخاطر منذ البداية.
كما أن التشكيلة الوزارية الجديدة لم تلقَ قبولًا واسعًا لا من داخل التحالف الرئاسي ولا من المعارضة، إذ وُجهت إليها انتقادات لكونها «نسخة معدلة» من الحكومة السابقة دون رؤية إصلاحية حقيقية. حزب اليسار المتشدد أعلن نيّته تقديم طلب سحب الثقة فورًا، بينما لوّحت قوى اليمين بالدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
من جهة أخرى، أثارت التغييرات في الحقيبة المالية جدلاً واسعًا في الأوساط الاقتصادية، خاصة مع إقصاء وزير المالية السابق وتعيين شخصية قريبة من الرئاسة، في وقت تواجه فيه فرنسا أزمة مديونية وتحديات مالية صعبة.
الأزمة السياسية تتعمق
الاستقالة المفاجئة فتحت الباب مجددًا أمام سيناريوهات عدم الاستقرار داخل السلطة التنفيذية الفرنسية. ويجد الرئيس ماكرون نفسه اليوم أمام خيارين أحلاهما مرّ:
إما تعيين رئيس وزراء جديد قادر على بناء توافق واسع في البرلمان،
أو حلّ الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات جديدة، وهو خيار محفوف بالمخاطر في ظل تراجع شعبية الائتلاف الحاكم وصعود اليمين المتطرف واليسار الراديكالي.
الأسواق المالية الفرنسية بدورها تفاعلت سلبًا مع الخبر، إذ تراجع مؤشر “كاك 40” في بورصة باريس صباح اليوم، كما انخفض اليورو أمام الدولار، وسط قلق المستثمرين من الفراغ الحكومي.
المشهد المقبل
يرى مراقبون أن هذه الأزمة تكشف هشاشة النظام السياسي الفرنسي الحالي، القائم على توازن دقيق بين الرئاسة والبرلمان، خاصة في ظل غياب أغلبية حاسمة. كما تشير التطورات الأخيرة إلى أن الرئيس ماكرون يعيش واحدة من أصعب مراحل ولايته الثانية، مع تصاعد الغضب الشعبي بسبب السياسات الاقتصادية والاحتجاجات الاجتماعية المتكررة.

في المقابل، تؤكد بعض التحليلات أن هذه الاستقالة قد تفتح الباب أمام إعادة ترتيب البيت الداخلي للتحالف الرئاسي، ومحاولة بناء حكومة أكثر انسجامًا، قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية وتجاوز الانقسام السياسي.

خلاصة
استقالة لوكرنو بعد ساعات فقط من إعلان حكومته الجديدة لم تكن مجرد مفاجأة، بل إنذار قوي يعكس عمق الأزمة السياسية في فرنسا اليوم، ويطرح تساؤلات حول مستقبل الحكم في ظل برلمان منقسم وشعبية متراجعة للرئيس وحكومته

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)