ضحايا النصب والاحتيال عبر الإنترنت… حين يتحول الفضاء الرقمي إلى فخ قاتل

مع الحدث
المتابعة ✍️: لحبيب مسكر

في زحمة العالم الرقمي، حيث تتدفق المعلومات والفرص بلا حدود، ينتظر محترفو الاحتيال الإلكتروني صيدهم الثمين. ضحايا كثر، من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، خسروا أموالهم وخصوصيتهم، وبعضهم خسر أكثر من ذلك: ثقته بالآخرين.
هذا تحقيق في عوالم مظلمة لا يراها أغلب مستخدمي الإنترنت حتى يقعوا في شباكها.
البداية برسالة عابرة… والنهاية كارثية
في حديثها لـ”مع الحدث”، تسرد سلمى (اسم مستعار)، 28 سنة، تجربتها المريرة مع نصاب إلكتروني. بدأت القصة برسالة إلكترونية بسيطة تدّعي أنها فازت بجائزة من إحدى شركات التكنولوجيا العالمية. تقول سلمى:
“طلبوا مني فقط ملء استمارة ببياناتي البنكية لاستلام الجائزة… لم أشك لحظة. وبعد يومين، اكتشفت سحب مبالغ ضخمة من حسابي دون إذني.”
ولم تتوقف المعاناة عند هذا الحد، إذ تم لاحقًا تسريب معلوماتها الشخصية عبر مواقع مظلمة، مما عرضها لابتزاز إضافي.
خيوط معقدة… شبكات عابرة للحدود
بحسب مصادر أمنية مطلعة، فإن معظم عمليات الاحتيال الإلكتروني التي تستهدف مستخدمين محليين مصدرها خارج البلاد، ما يجعل تعقب الجناة مهمة شبه مستحيلة. يكشف مسؤول في وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية، طلب عدم الكشف عن هويته:
“نتعامل مع عصابات منظمة تمتلك مهارات تقنية عالية، وتستخدم أدوات متطورة لإخفاء الهوية. تتطلب ملاحقتهم تعاونًا دوليًا معقدًا.”
وبحسب إحصاءات رسمية لسنة 2024، ارتفعت قضايا الاحتيال الإلكتروني بنسبة 37% مقارنة بالعام السابق، مما يدل على توسع هذه الظاهرة بشكل مقلق.
متاجر وهمية… واستدراج بالأحلام
عادل، 35 سنة، وقع في فخ متجر إلكتروني مزيف يعرض أجهزة إلكترونية بأسعار مغرية. يقول:
“دفعتُ ثمن هاتف ذكي بسعر أقل من السوق بـ40%. بعد الدفع، اختفى الموقع ولم يصلني شيء!”
تحقيقات ميدانية أجرتها مع الحدث كشفت أن الكثير من هذه المتاجر تستخدم أسماء وهمية وتختفي بعد إتمام عدد كافٍ من الصفقات المشبوهة.
قلة الوعي… أرض خصبة للمحتالين
يؤكد خبراء الأمن السيبراني أن ضعف التوعية الرقمية يجعل كثيرين عرضة للخداع. توضح المهندسة (ن. ط)، خبيرة حماية المعلومات:
“معظم الضحايا لا يتأكدون من هوية الموقع أو مرسل الرسالة. يتصرفون بسرعة، مدفوعين بالطمع أو الخوف، مما يسهل مهمة النصابين.”
وتضيف:
“بعض الضحايا، بعد تعرضهم للنصب، يرفضون الإبلاغ بدافع الخجل أو الخوف من نظرة المجتمع، مما يزيد الوضع سوءًا.”
البحث عن حلول… والنتيجة غير كافية
رغم الجهود التشريعية التي تقوم بها السلطات، مثل سن قوانين لمحاربة الجرائم الإلكترونية وإنشاء منصات للتبليغ، إلا أن الميدان يسبق النصوص القانونية بخطوات.
ويدعو خبراء إلى تبني مقاربة شاملة تتضمن:
تعزيز الثقافة الرقمية للمواطنين.
تحديث التشريعات باستمرار.
تقوية التعاون الأمني الدولي.
كما يُنصح المستخدمون دومًا بعدم الإفصاح عن بياناتهم البنكية أو الشخصية إلا عبر قنوات موثوقة ومؤمنة.
الخاتمة: بين الأمل والخطر
بينما يتوسع الإنترنت كفضاء للفرص والمعرفة، تتسع معه رقعة المخاطر. الضحية القادمة قد يكون أي مستخدم بسيط، دخل إلى الشبكة باحثًا عن خدمة أو فرصة، فوجد نفسه فريسة لصيادين محترفين لا يرحمون.
حتى ذلك الحين، يبقى الحذر، والفطنة، والثقة المحدودة في الفضاء الرقمي، سلاح الدفاع الأول لكل مستخدم.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)