(هذا جهدي عليكم) 13/07/2022 العدد(60) “هجرة الادمغة العربية إلى أين؟ “
بقلم فريد حفيض الدين
هجرة الأدمغة تعني هجرة العقول والأطر والكفاءات العلمية من مختلف ميادين العلم والمعرفة من بلدانها الأصلية إلى بلدان أخرى.
أسباب هذه الهجرة متنوعة ومتشعبة منها، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وحتى الثقافي والعقائدي.
الظاهرة تخص بالدرجة الأولى الدول النامية والفقيرة، لكنها تحضر بشكل أقل حتى بين الدول المتقدمة فيما بينها.
الظاهرة ليست وليدة اليوم بل هي قديمة، ورأينا عبر التاريخ كيف هاجر مفكرون وفلاسفة وعلماء بلدانهم وقاراتهم صوب أراضي وثقافات أخرى، إما طلبا للعلم او هروبا من طغيان حكم فاسد يحارب الفكر الحر.
وتعتبر الدول العربية من أهم الدول المصدرة لأدمغتها، تتزعمها مصر.
أسباب هذه الهجرة كما قلنا، كثيرة ومتشعبة أكتفي بذكر بعضها كما أراها.
* إنسداد الأفق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وغياب بيئة حافظة ومحتظنة لهذه الادمغة.
* استبداد وطغيان بعض الأنظمة الحاكمة، ومحاربتها لكل فكر تحرري علمي بحجة المحافظة على القيم المثلى للمجتمع، وصيانته من كل غزو ثقافي يعاكس نظام حكمهم.
* غياب معاهد ومختبرات علمية تحتظن تجارب هذه العقول، وتهميش الدراسات العلمية والاكاديمية، في غياب أو ضعف لميزانيات البحث العلمي.
تفشي الصراعات الطائفية والنعرات القبلية، خاصة حين تلبس هذه الصراعات طابعا دينيا، ما يؤدي إلى الغلو والتطرف الفكري والديني.
* تفشي الجهل والأمية والشعودة بين فئات عريضة من أطياف المجتمع….
إضافة إلى عوامل أخرى ذاتية تتعلق بخصوصيات كل مجتمع على حدة.
المشكل أن وثيرة هذه الهجرة في عالمنا العربي مكثفة ومتسارعة، ما يهدد أمن واستقرار هذه الدول وتبعيتها للدول المتقدمة.
مشكل آخر كون هذه الأدمغة العربية المهاجرة، تعمل في ميادين علمية دقيقة وجد متطورة، كالجراحات الطبية المعقدة، وعلوم الفيزياء النووية، والهندسة النووية وعلوم الفضاء واختصاصات أخرى…
الملاحظة أو لنقل المشكل، هو أن لا أمل على الأقل في المستقبل القريب والمتوسط في عودة ادمغتنا العربية إلى بلدانها الأصلية، ما دامت أسباب ومسببات هجرتها قائمة.
يتأكد جليا هذا المعطى من كون نسب كبيرة تفضل الاستقرار النهائي في دول الاستقبال. 54 في المائة من شبابنا الدي يتوجه صوب أمريكا وكندا وأوروبا لاستكمال دراساتهم العليا، لا يعودون إلى بلدانهم الأصلية. كما تصل نسبة الأطباء العرب بالخارح إلى 50 في المائة.
ونسبة المهندسين العرب بالخارج إلى 23 بالمائة. وباقي الاختصاصات إلى نسبة 15 بالمائة.
نزيف حاد ومؤشر على أن عالمنا العربي يلفظ علمائه كما يلفظ البحر جتث المهاجرين الغير شرعيين.
المغرب بدوره يعاني من هجرة ادمغته نحو الخارج، وخاصة إلى فرنسا. وتشير إحصائيات رسمية إلى أن ما بين 10000 و 14000 الف طبيب مغربي يزاولون اختصاصاتهم الطبية بالخارج. ما يعني أن طبيبا واحدا من كل ثلاثه أطباء مغاربة يعملون خارج بلدهم. كما يغادر حوالي 600 مهندس في مختلف التخصصات المغرب كل سنة.
بالمقابل ماذا أعدت الدولة من خطط، واستراتيجيات لتحفيز ولو جزء من هذه الكفاءات بهدف الرجوع إلى المغرب، والاستثمار فيه.
لا شيء، خطب وشعارات موسمية لا غير. نزيف حاد ونقط نضيعها في مجال التنمية، وأخرى من الناتج القومي الداخلي. ” PIB”
في انتظار غد افضل، اقترح على الحكومة ان تعيد على الأقل العمل بقانون ” الخدمة المدنية ” ما يعني أن كل خريج معاهد ومدارس وكليات، عليه بموجب القانون أن يقدم خدمة لبلده قبل أن يفكر في الهجرة. على الأقل تسترجع الدولة ولو جزءا يسيرا من ملايين الدراهم التي يكلفها تكوين طبيب أو مهندس.
ثم لم لا تصبح مدة هذه الخدمة المدنية الإجبارية أربع سنوات عوض سنتين كما كان معمول به حتى سبعينيات وتمانينيات القرن الماضي.
وفي الختام، لست أنا من سيقدم بعض الحلول لهذه المعضلة، هناك خبراء ومختصين ياخذون رواتب سمينة من أجل ابتكار الحلول ودراستها، وتزويد من يهمهم الأمر بخلاصات أعمالهم….
أما خوكم رآه غير داوي…..
هذا جهدي عليكم!!!
Share this content:
إرسال التعليق