المتابعة:فيصل باغا
يشكل دوار الطيبي، الواقع بمنطقة سيدي معروف أولاد حدو ضمن عمالة مقاطعة عين الشق، واحدة من أبرز المناطق التي تعاني من تدهور حضري واجتماعي مزمن، نتيجة تراكم البراريك والمنازل العشوائية التي تشوه المنظر العام وتكسر النسيج العمراني لهذه الحي العريق.
على الرغم من أن منطقة سيدي معروف بشكل عام كانت ولا تزال تتمتع بطابعها العمراني المميز وجمالياتها الطبيعية، فإن الأوضاع في دوار الطيبي تبتعد تمامًا عن هذا المشهد، حيث حوّل التوسع العشوائي وغياب التخطيط الحضري المنظم المكان إلى كابوس للسكان والزوار على حد سواء.
تزداد المشكلة تفاقمًا مع مرور الوقت، إذ باتت البراريك المترامية هنا وهناك تُحتل أجزاء كبيرة من الدوار، فيما تشكل المنازل العشوائية المتراصة بشكل غير منطقي شبكة معقدة من الأزقة الضيقة، مما يحول دون تقديم الخدمات الأساسية ويزيد من مشكلات النظافة والصحة.
هذه الوضعية لم تنجم فقط عن الحاجة الماسة للسكن، بل تسببت أيضًا في فقدان الكثير من سكان المنطقة شعور الأمان والاستقرار، حيث ينتشر الفقر والتهميش، ما يجعل المنطقة أرضًا خصبة للظواهر السلبية، مثل الجريمة وتفشي الأمراض.
لا تقتصر المشكلة على الجانب الجمالي فقط، بل تتعداها لتطال حياة السكان اليومية. الطرق الضيقة التي لا تستوعب إلا المشاة، عدم توفر شبكات الصرف الصحي، وانعدام مناطق الترفيه والمساحات الخضراء، كلها عوامل تزيد من معاناة ساكنة الدوار.
كما أن وجود هذه التجمعات العشوائية يؤثر بشكل مباشر على جودة الهواء، وانتشار النفايات، وعدم انتظام وصول خدمات المياه والكهرباء، مما يعمق الأزمة ويؤثر على صحة العائلات، خصوصًا الأطفال وكبار السن.
يقول أحد سكان الدوار، “نحن لا نطلب شيئًا مستحيلًا، فقط نريد أن نعيش في مكان آمن، نظيف، يحترم كرامتنا ويحمي صحتنا”. ويضيف آخر “البراريك والمنازل العشوائية حوّلت حيينا إلى ما يشبه الغابة، لا مكان للعائلات والأطفال”.
النداءات الموجهة إلى عمالة مقاطعة عين الشق والمصالح المعنية تتكرر باستمرار، لكن حتى الآن لم تُتخذ خطوات عملية حاسمة لمعالجة هذه الأزمة. السكان يطالبون بحملات تنظيمية شاملة تشمل الهدم المتدرج مع توفير بدائل سكنية مناسبة، إلى جانب تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية.
لا شك أن معالجة وضعية دوار الطيبي تتطلب رؤية شاملة ترتكز على التخطيط الحضري السليم، ومشاركة السكان في صنع القرار، بالإضافة إلى تضافر جهود مختلف الجهات المسؤولة والمدنية.
فالأمر لا يقتصر فقط على إزالة العشوائيات، بل يتطلب بناء مجتمع مستدام يضمن الأمن والاستقرار، ويصون حق الجميع في السكن اللائق.
يبقى دوار الطيبي بسيدي معروف أولاد حدو جرس إنذار يجب أن تسمعه السلطات المحلية بكل جدية، فالاستمرار في تجاهل هذه المشكلة لا يؤدي إلا إلى تعميق المعاناة وتقويض التنمية بالمنطقة.
تعليقات ( 0 )